مدينة جزين الجنوبية الواقعة على تخوم محافظة جبل لبنان تبعد عن بيروت حوالى 75 كيلومتراً وترتفع 800 متر عن سطح البحر لتصل في أقصى ارتفاعاتها، أي في منطقة «تومات نيحا» الشهيرة، إلى 1600 متر. وهي تشكّل بالفعل لوحة مميزة تحتضن ألوان قوس قزح اللبناني الجميل، فضلاً عن أنها أهم المصايف اللبنانية وتشتهر بحرفها اليدوية التي تنافس أشهر التحف العالمية. ووفق معلومات الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام تكثر في منطقة جزين المعالم التي تدل على تاريخها العريق. فسراي جزين الشهيرة بنيّت في عهد المتصرّف نعوم باشا العام 1898 إبّان تسلم سليم عمّون منصب قائمقام جزين، وهي على الطراز الهندسي العثماني. وعندما تولى عمّون قائمقامية جزين، فتح معبور جزين العام 1898 في «الشير» الذي كان يغلق مدخل المدينة من جهة الجنوب، والذي يربط صيدا بجزين ويمر فيه الزائر وسط رهبة الصخور. أما مغارة الأمير فخر الدين المعني الثاني فتقع في «الشير» الصخري على بعد 500 متر شمال شلال جزين، وهي عبارة عن نفق يدخله الإنسان زحفاً وله باب واسع مستدير. مساحة المغارة حوالى 30 × 20 متراً، وقد لجأ إليها الأمير فخر الدين هرباً من العثمانيين. تتميّز جزين بموقعها الجغرافي الذي جعل من مناخها وصفة طبية ينصح بها الأطباء لمن يعاني من مشاكل الربو وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض الصدرية، إضافة الى توافر الخدمات والنشاطات السياحية ما يجعلها مقصداً للسياح العرب والأجانب من مختلف أنحاء العالم. فمياه نبع جزين تخترق البلدة وتقسمها قسمين، ثم تنحدر من علو شير صخري يرتفع 80 متراً ويطل على حرج صنوبر بكاسين ويسمى شلال جزين. وتقوم على مجرى المياه من النبع إلى الشلال مطاعم سياحية ومقاه تقدّم المأكولات اللبنانية السخية في جوّ من نشوة الطبيعة. ومن أشهر ينابيعها: جزين وعزيبة والبركة الزرقاء. إلى ذلك، تُقام في جزين مهرجانات سياحية فنّية ورياضية كبيرة، وهي تنشط بشكل خاص في فصل الصيف. وتسخّر مرافق المنطقة السياحية من فنادق ومطاعم ودور سينما طاقاتها لاستيعاب أعداد الزائرين المتزايدة. وتكثر في منطقة جزين الأديرة والكنائس الشهيرة، ومنها كنيسة سيدة بسري التي تقع وسط مرج بسري الخصيب. أما دير سيدة مشموشة فهو واحد من أهمّ الأديرة في لبنان وأكبرها، ويتبع الرهبانية اللبنانية المارونية. ويعتبر دير مار بطرس قطّين من أديرة الرهبانية الأنطونية، وهو يقع قرب بلدة حيداب. يتوسط بلدة جزين سوق تجارية تحتوي على كلّ ما يرغب فيه المصطاف أو السائح من سلع وهدايا وحاجيات. وتتميّز المنطقة بالصناعات الحرفية التي تعتبر مورد رزق لنصف أهالي جزين. ومن هذه الصناعات، صناعة السكاكين الجزينية التي تجاوزت شهرتها حدود لبنان، وهي من الصناعات الحرفية النادرة والفريدة من نوعها وتشتهر برسمة البطة والعصفور. بدأ العمل بها في جزين منذ العام 1770. ولا تزال محافظة على جودتها في الهدايا الفاخرة التي تنفرد بها بلدة جزين. بالإضافة إلى صناعة السكاكين، تأتي صناعة مناشير الصخور التي يتمّ تحويلها إلى ما يسمّى الرّخام الجزيني المشهور بعرقه الأحمر.أما الثروة الحرجية، فيضم قضاء جزين أكبر غابة للصنوبر المثمر في حوض البحر الأبيض المتوسط، ويعرف باسم حرج صنوبر بكاسين الذي صنّف محميّة طبيعية وتبلغ مساحته قرابة ال 16 كلم مربع، وتقوم إلى جواره أحراج صنوبر مثمرة في بلدات الميدان وبتدين اللقش وقيتولي وحيداب وسنيّا. هذه الأحراج تنتج حبوب الصنوبر وتضفي على المنطقة جمالاً طبيعياً. ومنذ مدّة وجيزة صنّف حرج بكاسين محميّة طبيعية. وفي جزين أيضاً قصر يسمى «قصر سرحال» الذي حاول النائب السابق الدكتور فريد سرحال العام 1967 من خلاله تجسيد الطراز المعماري الشرقي فجاء تحفة فنية بكلّ ما في الكلمة من معنى، حيث أبدع الإزميل في بعث منحوتات جميلة ورائعة.