استفاق لبنان امس على رائحة الدخان المنبعث من الحرائق التي راحت تمتد من منطقة الى اخرى بسرعة كبيرة، مهددة ارواح اللبنانيين القاطنين في مناطق الحرائق وممتلكاتهم. وكان اللبنانيون الذين ناموا على آمال بحلول الشتاء الذي تأخر كثيراً عن موعده، ودفع قادة الطوائف الاسلامية الى تلاوة صلاة الاستسقاء يوم الجمعة الماضي، فوجئوا امس بهول الحرائق التي بدأت في جبيل وامتدت الى الشمال والجنوب والبقاع، ولم تفلح مروحيات الاطفاء والطوافات العسكرية، بمؤازرة عناصر الجيش اللبناني والدفاع المدني وفوج اطفاء بيروت في اخمادها بسرعة وسهوله، وذلك سبب صعوبة الوصول الى مواقع الحريق لافتقار الاحراج الى طرقات داخلها. وغطت الحرائق التي قال وزير الداخلية والبلديات زياد باورد ان عددها بلغ 120 حريقاً بينها اربع حرائق كبيرة، بداية احراج فتري ومعيان في جبيل وقضت على مساحات شاسعة من الاحراج الواقعة بين البلدتين، قبل أن تتمدد الى الاحراج المنبسطة بين اسفل فتري ووادي نهر ابراهيم حيث التهمت الاشجار الحرجية التي يشكل الصنوبر 90 في المئة منها. وعلى الفور حاصر رجال الاطفاء النيران في اطراف فتري لمنع امتدادها الى المنازل التي اخليت على الفور بعدما لامستها ألسنة النيران، غير أنها تجددت اكثر من مرة. وعزا عناصر الدفاع المدني تجدد الحرائق الى هبوب رياح اشعلت النار في اوراق الصنوبر اليابسة الشديدة الاشتعال والموجودة داخل الاحراج بكثافة ويبلغ ارتفاعها في بعض الاماكن الى نحو متر، واعتبرت ان اعتدال الرياح حال دون وقوع خسائر كبيرة وشاملة في الثروة الحرجية، وأوضحت ان الامطار المتوقعة ستساعد على اخماد الحريق. وعلى الأثر زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان منطقة الحرائق في فتري، مبدياً آسفه لأن «التجاذبات السياسية تؤخر كل الإنجازات التي يجب أن نقوم بها». وقال: «نرى الحريق وصل الى بيوت الناس الذين لا دخل لهم بالسياسة لذلك يجب أن نعرف أن لبنان يفقد لونه الأخضر ويجب أن ننكب على دراسة خطط حقيقة لا ارتجالية لإطفاء الحرائق». وأضاف: «نحن ليست لدينا مساحات شاسعة، لكن ايضاً ليست لدينا خطط ولا طرقات». وفي عكار - شمال لبنان، اندلع حريق في بساتين الزيتون في خراج بلدتي حلبا والشيخ طابا، وأتت النييران بعد اقل من ساعة على اندلاعها، على اكثر من 200 شجرة زيتون. وامتدت الحرائق الى اودية مثلث بعبدا - وادي شحرور - بطشاي في احراج وادي الست، وارتفعت سحب الدخان في سماء المنطقة والتهمت النيران اشجاراً حرجية معمرة. وتدخلت 4 سيارات للدفاع المدني في وقت نشطت مروحيتان مخصصتان لاخماد الحرائق، لمنع وصول النيران الى المنازل التي لامست بعضها في بلدة وادي شحرور. وقطعت شركة «كهرباء لبنان» التيار عن المناطق التي تشهد حرائق ضخمة في المغيري وبير الهيت ونهر ابراهيم ومربع بعبدا - وادي شحرور وادي الست، حيث اقتربت النيران من محطة الجمهور للكهرباء. وعصراً اندلع حريق كبير في منطقة المرادية - فتقا في كسروان، وبلغت النيران اعالي جبيل واقتربت من دير مار مارون في عنايا ومداخل مغارة بعراج السياحية. وفي الجنوب، بلغت النيران مداخل بلدة بكاسين في جزين، كما اتت في خراج بلدة حاريص الجنوبية، على 40 دونماً من الاشجار المثمرة، في حين تجدد الحريق قرب معمل «ميموزا» للمناديل الورقية في منطقة قاع الريم في زحلة في البقاع. وكان وزير الداخلية زياد بارود جال في مناطق الحرائق، واكد أن «الدفاع المدني ليس عنده امكانات لمكافحة هذه الحرائق بسرعة»، مشيراً الى أنه يملك «3 طوافات من دونها كان الوضع ليكون اسوأ بكثير»، وقال: «نحن نحتاج الى عشر طوافات»، وسأل: «حجم الحرائق اليوم، 120 حريقاً في كل لبنان، 4 منها كبيرة جداً، هل تكفي لمعالجتها 7 طوافات؟». وقال: «لدينا 3 طوافات سيكورسكي سعة كل منها 4 آلاف ليتر من الماء، و4 طوافات اخرى سعة كل منها 1200 ليتر وضعها الجيش لمعالجة الحرائق والجيش مشكوراً يضع عناصره يتابعون على الارض مثل الدفاع المدني ويحاصرون مع الاهالي». ولفت الى أن «المطلوب اكثر مما هو موجود لمعالجة الحرائق»، وقال: «لن اشك مرة جديدة في افتعال الحرائق».