"بلاك هات" الرياض ... ابتكاراتٌ لخير البشرية    "الإحصاء" تنشر إحصاءات استهلاك الطاقة الكهربائية للقطاع السكني لعام 2023م    استقرار أسعار الذهب عند 2625.48 دولارًا للأوقية    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    سجن سعد الصغير 3 سنوات    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    حرفية سعودية    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    فصل التوائم.. أطفال سفراء    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    ألوان الطيف    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    كلنا يا سيادة الرئيس!    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    القتال على عدة جبهات    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    الأرصاد: انخفاض ملموس في درجات الحرارة على أجزاء من شمال ووسط المملكة    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأردن: أقارب للملك في دائرة الملاحقة بإيعاز منه ... والفساد يُفقِد المملكة بليون دينار سنوياً
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 2012

بعد أشهر على فتح ملفات الفساد في الأردن، وإيداع مسؤولين كبار خلف القضبان، في محاولة - وفق مراقبين - لاحتواء الشارع المطالب بالإصلاح منذ أكثر من عام؛ بدأت عمان أخيراً بمطاردة مقربين من العائلة الملكية، بخاصة المنخرطين منهم في أعمال «البزنس»، تحت شعار «الحرب على الفساد» التي تحولت خلال وقت قصير الى أكوام من الأوراق والمستندات في المحاكم المختصة.
ملفات الفساد الشائكة وصلت في شكل مباغت إلى ثوب وليد الكردي صهر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وقد غادر الكردي البلاد إلى أميركا، بعد أن توجهت هيئة مكافحة الفساد (مؤسسة رسمية) إلى التحقيق معه في قضايا فساد تخص شركة الفوسفات الأردنية - أهم شركة إستراتيجية رسمية - التي ترأس مجلس إدارتها لسنوات.
وطالما نظر الإعلام وقادة الرأي إلى الكردي - وهو زوج الأميرة بسمة عمة العاهل الأردني - باعتباره مقرباً لصيقاً من العائلة الملكية. وكان الرجل شغل منصب رئيس شركة الفوسفات لمدة تجاوزت ال6 سنوات، وقدم استقالته الشهر الماضي في كتاب أرسله إلى مجلس إدارة الشركة.
مصادر مقربة من مطبخ القرار الأردني، أكدت ل «الحياة» أن الجهات المختصة حصلت من القصر على الضوء الأخضر بمداهمة مكاتب الكردي وتفتيش ملفاته وأجهزة الحاسوب الخاصة به، وهي رسالة أراد منها الملك - وفق مقربين من المطبخ السياسي - التأكيد أن لا أحد فوق القانون، وأن الدولة جادة في مكافحة الفساد مهما كان الثمن.
وكان الكردي استقال من «الفوسفات» على وقع جدل كبير في شأن المالك الحقيقي للشركة، لكن أسئلة أثيرت حول ما إذا كانت الاستقالة ستوقف اتهامات يتداولها الشارع بأن الملك هو أحد مالكي الشركة، الأمر الذي نفته مصادر رسمية.
وقال الكردي في كتاب وجّهه الى مجلس إدارة الشركة إنه «يترك هذا المنصب غير طامح إلا في رضى الله تعالى». وتحدث عن إنجازات حققتها الشركة منذ خصخصتها من جانب الحكومة عام 2006، مشيراً إلى أرباح حققتها تصل إلى بليون دولار، إضافة إلى عائدات لخزينة الدولة تقارب 662 مليون دولار، واستقطاب استثمارات للأردن بقيمة 1.5 بليون دولار.
واللافت أن هذه الأرقام التي جاءت في رسالة الاستقالة؛ كانت أحد أسباب غضب برلمانيين وسياسيين وحركات في الشارع، تساءلوا عن بيع أكثر من ثلث أسهم الشركة بمبلغ لا يتجاوز 111 مليون دولار قبل ستة أعوام فقط.
كما جاءت الاستقالة بعد أقل من أسبوعين على رفض مجلس النواب إحالة الكردي، إلى جانب مسؤولين كبار أبرزهم رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله ورئيس الوزراء السابق معروف البخيت إلى القضاء، للتحقيق معهم بتهم فساد تتعلق بملف الشركة، وبيع 37 في المئة من أسهمها لجهات قالت لجنة برلمانية إنها مجهولة.
والبخيت الذي خصخصت «الفوسفات» في عهده، هاجم بشدة إحدى اللجان النيابية التي تحدثت عن تجاوزات مالية في الشركة، واتهمها بالانحياز ووصف تقريرها بأنه «ظالم».
لكن رئيس اللجنة النيابية أحمد الشقران الذي أجهش بالبكاء عند تبرئة النواب للمتهمين، اكتفى بالقول إن «الكف لن تلاطم المخرز، وإن ضغوطاً مورست على اللجنة منذ يومها الأول».
وعلى رغم التبرئة النيابية للكردي؛ فإن هيئة مكافحة الفساد لم تتردد في تحويله إلى القضاء بتهم فساد تصل قيمتها إلى 40 مليون دينار أردني، ضمن سلسلة من الملفات التي ما زالت تحقق فيها الهيئة.
ووسط مطالبات شعبية بضرورة استدعاء الكردي من خلال الاستعانة بجهاز الإنتربول؛ فإن الحراك الشعبي لا يتوقف عن المطالبة بتحويل مجدي الياسين شقيق عقيلة العاهل الأردني الملكة رانيا إلى القضاء، على خلفية اتهامه بالاستيلاء على أراض أميرية تابعة للدولة، وهو ما نفاه الياسين في أكثر من مناسبة، عبر بيانات صحافية وزعها على وسائل الإعلام.
الحملة المستمرة على الفساد بدأت تقترب بهدوء من باسم عوض الله، الذي كان الرجل الأول بالنسبة الى العاهل الأردني ومدير مكتبه الخاص لسنوات عدة، وهو ما أكده ل «الحياة» المتحدث باسم الحكومة الأردنية الوزير راكان المجالي. الوزير الأكثر جدلاً، قال إن «عوض الله سيلاحق قضائياً قريباً جداً»، مدللاً بذلك على جدية السلطة التنفيذية في مكافحة الفساد. ويواجه عوض الله انتقادات داخلية شديدة بسبب تدخله في السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، في ظل خصخصة مقنعة لممتلكات عامة بمليارات الدولارات في الأردن أثارت جدلاً واسعاً في المملكة.
يكلف الفساد الأردن سنوياً ملايين الدنانير، وهو ما كشفت عنه دراسة حديثة لهيئة مكافحة الفساد لم تنشر تفاصيلها بعد، حصلت «الحياة» على نسخة منها. تقول الدراسة إن «الفساد يكلف الأردن بليون دينار سنوياً»، وإن «600 مليون دينار تدفع كرشاوى في كل عام».
وتبين الدراسة أن «انخفاض مؤشر مدركات الفساد بمقدار نقطة مئوية، من شأنه أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.57 في المئة، أي بما يعادل 114 مليون دينار سنوياً».
وجاء في الدراسة أنه إذا «انخفض مؤشر مدركات الفساد بمعدل خمس درجات مئوية، فإن معدل النمو سيرتفع بنسبة 2.75 في المئة، أي ما يعادل 57000 مليون دينار».
وقد أثار قرار الادعاء العام الأردني توقيف مدير المخابرات السابق محمد الذهبي بتهم غسيل الأموال واستثمار الوظيفة؛ تساؤلات لدى سياسيين في شأن ما إذا كان الأردن بدأ بما يصفه مراقبون إعداماً سياسياً لرجال المرحلة السابقة المتهمين بالفساد، أم أن ما يجري مجرد محاولات لتهدئة الشارع المتعطش لرؤية الفاسدين خلف القضبان؟
والذهبي هو ثاني مدير مخابرات يحاكم بتهم الفساد المالي خلال عهد عبدالله الثاني، حيث حوكم قبله سميح البطيخي مدير المخابرات الأول في عهد الملك مطلع الألفية الجديدة في ما عرف بقضية التسهيلات المصرفية.
وفي حين يرى سياسيون أن النظام وصل إلى قناعة تتمثل في أنه لا يستطيع البقاء في ظل استشراء الفساد، يرى آخرون أن مطبخ القرار السياسي يسعى إلى تقديم قرابين للشارع الغاضب مهما كان وزنها، متسائلين عن دور رجال الحكم ومسؤوليتهم عن حجم الفساد الذي ظل مسكوتاً عنه حتى هبّت رياح «الربيع العربي».
لكن باحثين وسياسيين يؤكدون أن الحراك الشعبي المتواصل، ساهم إلى حد كبير في ردع شخصيات متنفذة عن التلاعب في الملفات الكبيرة، خوفاً من أن يلاقوا مصيراً مشابهاً لمسؤولين باتوا خلف القضبان.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان، ان الحديث عن ملفات الفساد أشبه بالمراوحة والدوران في حلقة مفرغة. ويقول: «على رغم استمرار التحقيق مع بعض المسؤولين في شكل سري، فإنه لم تصدر لغاية الآن أية إدانة لأحد». لكن الخيطان يتحدث عن إنجاز مهم، يتمثل في أن الضغط الشعبي ساهم إلى حد كبير في «منع مزيد من قضايا الفساد الكبيرة».
رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو، يعتقد أن «هناك نية حقيقية لملاحقة الفاسدين»، ويشرح أن «الهيئة قد تضطر لاحقاً لاستدعاء الكردي عبر الإنتربول الدولي». وأكد أن الهيئة «تمكنت خلال الفترة الماضية من استرداد ملايين الدنانير والأراضي الأميرية من أشخاص متنفذين ثبت تورطهم بقضايا فساد».
لكن عضو الهيئة المستقيل عبدالرزاق بني هاني، لا يتردد في القول إن «عدم الجدية في مكافحة الفساد يتسبب سنوياً بخسارة الأردن نحو بليون دينار». وما يزيد الطين بلة وفق بني هاني، أن «الهيئة لا تملك النية الحقيقية لمكافحة الفساد، فضلاً عن تعرضها لضغوط من مراكز القرار المتصارعة».
وفي رأي سياسيين وكتاب؛ من أبرز معوقات مكافحة الفساد في الأردن، رفض العشائر إحالة أبنائها إلى المحاكم بتهم الفساد، والقيام باحتجاجات على توقيفهم أو محاكمتهم.
وقبل أيام تجمعت حوالى 3000 شخصية من عشائر محافظة السلط التي ينحدر منها رئيس الوزراء السابق معروف البخيت، وتباحثوا باتهامات وجهت إليه تتعلق بملف الفوسفات. وأكدوا في كلماتهم أنهم «لن يسمحوا لأحد بتلطيخ سمعة الرجل».
وقبل ذلك؛ شهدت المدينة تجمعاً مماثلاً لأفراد من عشيرة مدير المخابرات السابق الذهبي، معتبرين أن ابنهم قدم ضحية للمطالبين بمحاربة الفساد، وأن إصرار الدولة على عدم دفع كفالة لإطلاقه يؤكد وجود «تصفية حسابات بين مراكز النفوذ السابقة والحالية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.