تكمن أهمية المهرجانات الثقافية بتفاعلها مع كل أطياف المجتمع وتأثيرها في ذائقته من خلال تقديم أعمال إبداعية متنوعة ذات قيمة فنية عالية، تُطلع المشارك أو المشاهد على الانتاجات الثقافية في بلده وفي العالم. كما يجدر بهذه المهرجانات أن تكون وسيطاً فعالاً بين الفنان، خصوصاً الناشئ، وبين الجمهور. ولا تقتصر مهمّة المهرجانات، على الربح التجاري والسياحة، بل يجب أن يكون الدعم المادي والمعنوي للإنتاج الثقافي المحلي أساساً في استراتيجيتها كي تستمر وتنمو هي أيضاً. ومن المتعارف عليه أن المهرجانات الفنية والثقافية وُجدت لتُفرح الناس وتسلّيهم وتعرّفهم بهذا الفنان أو تلك الفرقة، بأسعار زهيدة أو مجاناً، وليس بأسعار خيالية تفوق قدرة الطبقتين الوسطى والفقيرة. من هنا تأتي أهمية «مهرجان الربيع» الذي دأبت على تنظيمه مؤسسة «المورد الثقافي» في القاهرة منذ العام 2000، ومن ثم في بيروت منذ العام 2004 بالتعاون مع الجمعية التعاونية الثقافية لشباب المسرح والسينما (شمس). إذ بدأت بتنظيم الحفلات واستضافة فنانين عالميين ملتزمين برسالة إبداعية، لتنتقل الى دعم مشاريع أدبية وموسيقية وسينمائية ومسرحية من مختلف البلدان العربية وإنتاجها. والفنون هنا متاحة للناس العاديين (الشباب والأطفال والعائلات) في شكل شبه مجاني. وهذه السنة، ستكون جماهير «مهرجان الربيع» في مصر ولبنان على مواعيد فنية بين 19 نيسان (أبريل) و14 أيار (مايو) المقبل، فيجتمع المسرح التونسي وخيال الظل التركي، والموسيقى العالمية (تركيا، زنجبار، طاجكستان، ايران، فلسطبن، تونس، هولندا، بريطانيا)، والرقص المعاصر (أميركا، لبنان). الافتتاح تركي يُفتتح المهرجان في مدينة طرابلس اللبنانية السادسة من مساء غد، فتعرض مسرحية خيال ظل الكوميدية «وحش القمامة» للمخرج التركي جنكيز أوزيك، على خشبة «بيت الفن»، ثم ينتقل العرض إلى مسرح «دوار الشمس»، في منطقة الطيونة جنوببيروت، يومي 20 و 21 نيسان (أبريل)... وذلك قبل أن ينتقل الى مصر ليعرض في المنياوالقاهرة يومي 23 و25 نيسان (أبريل). أما في الافتتاح المصري، فيدعو قصر الأمير طاز في القاهرة الى حفلة بعنوان «قهوة تركي» مساء الجمعة 20 نيسان، يحييها الموسيقيون الأتراك نديم نالبانتوجلو ونوري كاراديرميللي وبارباروس إركوز، ثم ينتقل هؤلاء الى بيروت ليحيوا الحفلة نفسها على مسرح «دوار الشمس» مساء الأحد 22 نسيان. ومن الموسيقى التركية الى العربية ذات الطابع التجريبي الالكتروني التي تقدّمها فرقة «حاجز 303- تشيك بوينت» (فلسطين، تونس) في 26 نيسان على مسرح الجنينة في حديقة الأزهر في القاهرة، ثم في 28 منه في بيروت. ومن زنجبار، تقدم أوركسترا «نساء طاوسي للطرب» حفلة هي الأولى من نوعها في العالم العربي حيث تكسر مغنياتها وعازفاتها بقيادة النجمة بي كيدود النمط التقليدي للغناء على المسرح، وذلك الخميس 26 نيسان في بيروت، والسبت 28 نيسان في قصر الأمير طاز في القاهرة، والأحد 29 منه في الإسكندرية. وبدعم من مبادرة الآغا خان للموسيقى، يقدم «مهرجان الربيع»، حفلة موسيقية بعنوان «وجه المعشوق» تجمع بين 6 موسيقيين من طاجكستان وأوزبكستان وتونس يجمعون أنماط مختلفة من التراث الموسيقي الشرقي في أشكال معاصرة، خلال حفلاتهم الثلاث التي يحيونها الجمعة 27 نيسان في القاهرة، والسبت 28 منه في الاسكندرية، والإثنين 30 نيسان في بيروت. وبدعم من سفارة هولندا، يقدم الفريق الهولندي الموهوب «رباعي زاب» موسيقى تجمع بين الارتجال والتجريب والخيال على أسس كلاسيكية، الخميس 3 أيار (مايو) المقبل في بيروت، ثم ينتقل إلى القاهرة الموافق 5 أيار (مايو). وفي خطوة هي الأولى من نوعها، نجحت جمعية «شمس» بإقناع بلدية بيروت بفتح حرج بيروت المقفل أمام الجمهور منذ سنوات طوال، لتقديم العرض الأميركي الراقص «سيدات الكهف: الحياة التالية» لفرقة «دانس بريغيد»، على أرضه في الهواء الطلق في 13 أيار (مايو) المقبل. ويمزج هذا العرض القادم من سان فرانسيسكو بقيادة المخرجة كريسي كيفر، بين الرقص المسرحي السياسي والفنون القتالية وطبول التايكو من منظور أنثوي بحت. كما يقدم «سيدات الكهف: الحياة التالية» في 11 أيار على مسرح الفلكي في القاهرة. ومن إيران، اختار مبرمجو المهرجان فرقة «عجم» لتقدم للجمهور اللبناني في 10 أيار (مايو) روح الموسيقى الإيرانية الشعائرية القبلية بطريقة معاصرة، ثم تنتقل الى القاهرة لتختتم المهرجان في 16 من الشهر نفسه في المركز الثقافي البريطاني. عروض خاصة ومن العروض الخاصة في مصر التي لن تقدم في بيروت، «بعد الآن» لمصممة الرقص الألمانية كونستانزا ماكراس وفرقتها «دوركي بارك»، يقدم هذا العرض للمرة الأولى في العالم العربي، يومي السبت والأحد 21 و22 نيسان (أبريل)، بدعم من معهد غوته الألماني في القاهرة. كما تقدم فرقة «ديما ديما» التونسية، حفلتين الأولى الخميس 3 أيار في مدينة المنيا، والثانية الجمعة 4 أيار (مايو) على مسرح الجنينة في القاهرة. وفي بيروت، سيكون جمهور الرقص الشرقي التعبيري على موعد، مع الراقص اللبناني ألكسندر بوليكيفيتش الذي يحاول أن يُظهر من خلال عرضه «تجوال»، تأثير المدينة بعدائيتها وانحطاطها على جسده الذي يقاوم بدوره ويفكّك الرموز البائدة. وذلك في الخامس من أيار (مايو) المقبل على مسرح دوار الشمس. ومن تونس الثورة، يأتي المعلّم المسرحي فاضل الجعايبي الى بيروت في 12 و13 أيار، ليعرض وفرقته مسرحية «يحيى يعيش» التي توقعت سقوط نظام زين العابدين بن علي الذي منع بدوره المسرحية.