توحدت كتل المجلس النيابي اللبناني، بعد تعطيل جلسات الانتخاب الرئاسية بسبب الخلافات تضامناً مع غزة في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي ومع مسيحيي الموصل وجوارها في مواجهة الإرهاب التكفيري، مستنكرين ارهاب اسرائيل وتطرف «داعش». وأعلن رئيس المجلس نبيه بري في بيان تلاه في اختتام الجلسة التي حضرها 79 نائباً بمشاركة رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء، ان المجلس اكد «تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة ازاء العدوان الإرهابي الدموي الإسرائيلي الرسمي الذي يقع خصوصاً على الأطفال والنساء والشيوخ ويمثل اعتداء صارخاً على حق الحياة ما اسفر عن آلاف الشهداء والجرحى عدا الدمار الهائل الذي اصاب التجمعات السكنية والمستشفيات والمؤسسات التربوية التي لجأ اليها السكان». وإذ توجه بالتحية الى «شهداء الشعب الفلسطيني وجرحاه وإلى مقاومته الباسلة التي تتصدى لآلة الحرب وكرة النار الإسرائيلية المتنوعة الجوية والبرية والبحرية»، دعا الى «رفع الحصار الظالم والمستمر المفروض على قطاع غزة منذ سنوات». وطالب ب «الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين خصوصاً النواب وفي طليعتهم رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك والمناضل مروان البرغوثي وكذلك الأسرى والمعتقلين كافة وبالتحديد اولئك الذين جرى اعتقالهم في اعقاب حملة التعدي الوحشي على المناطق الفلسطينية والقدس خصوصاً بعد جريمة اغتيال وإحراق الشاب الفلسطيني محمد أبو خضير». ودعا المجلس الى «اتخاذ الإجراءات الآيلة الى محاكمة المسؤولين الإسرائيليين كمجرمي حرب». كما دعا إلى «إنشاء مجلس عربي أعلى يعنى بشؤون إعمار غزة وكل المناطق الفلسطينية التي تعرضت للتدمير والتجريف الإسرائيلي». ولفت البيان الى انه «ازاء جرائم الإرهاب التكفيري في الموصل وجوارها ضد المسيحيين فإن المجلس يدين الجرائم الإرهابية المتمثلة بعمليات الفرز الديموغرافي والتهجير القسري للمواطنين الأصليين في الموصل وجوارها من المسيحيين والاعتداء على دور العبادة والممتلكات العامة والخاصة». ودعا الى «تحرك دولي فعال لوقف هذه الجريمة الإرهابية المنظمة والتي تمادى مرتكبوها بعد السكوت عن جرائمهم في غير مكان من المناطق الساخنة في عدد من الأقطار العربية»، وأكد «ضرورة اعادة المهجرين الى مناطقهم وحمايتهم». ودعا ايضاً الى «محاكمة عاجلة لمجرمي الحرب التكفيريين المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى التي تشوّه المشهد التاريخي للعيش المشترك في الشرق». كما دعا الى «تضافر جهود المرجعيات الدينية في العالم من اسلامية ومسيحية في التصدي لعمليات تشويه الدين واستغلاله لأغراض السيطرة والحكم وتخيير الناس بين الجزية او الرضوخ لحكم الغاب». ودعا مجلس الأمن ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية وكل المنظمات الدولية والإسلامية والعربية والجهوية الى «التحرك الفوري من اجل لجم تمادي هذه المجموعات في جرائمها المتنوعة وخصوصاً جريمة التهجير». ووجّه بري التحية لممثلي الفصائل الفلسطينية الذين حضروا الجلسة الى جانب السفير الفلسطيني أشرف دبور. وكانت الكلمة الأولى في الجلسة لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي اكد انه «اذا كانت الممارسات الإسرائيلية غير مستغربة لأن هذه طبيعة اسرائيل الدموية فالغرابة بمكان هي في التوازي بين ما تقوم به اسرائيل في غزة وما تقوم به داعش في الرقة والموصل. في غزة تطهير عرقي بالنار والعالم يتفرج ويحصي الضحايا وفي الموصل تطهير ديني بالقتل والتهجير حيث استباحت داعش كل المحرمات. ورأى ان «ما يحدث اليوم يذكرنا بمجازر القرون الماضية. كم كانت شعوبنا على خطأ عندما اعتقدت انها صارت بمأمن من شر الأقوياء بعد انشاء المحاكم الدولية. اين مجلس الأمن وأين الدول الكبرى اصحاب الفيتو. واين دول الغرب؟ وهل تعلمنا اجهزة مخابراتها من يموّل التنظيمات الظلامية التي تذبح باسم الله وتقتل في سبيل الله؟». وقال: «اننا نقرأ في الصمت مؤامرة ونعلن تضامننا مع شعب غزة ومع مسيحيي المشرق الذين يتعرضون لحرب ابادة ونطلب من مجلس الأمن ايجاد منطقة آمنة لهم، وعدم السماح بتهجيرهم» ثم تحدث رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة فقال: «نجتمع اليوم للتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة في مواجهة العدوان الغاشم من قبل اسرائيل وللتضامن مع الشعب العراقي وإخوتنا المسيحيين العرب الذين تعرّضوا للعدوان والاضطهاد والتهجير المرفوض والمستنكر من قبل قوات وعناصر داعش في الموصل وهي المنظمة المدسوسة على مجتمعاتنا العربية للعمل على تفتيت العالم العربي وشرذمته»، مضيفاً: «نريد التأكيد على الدولة القوية والعادلة التي تحمي رعاياها لأي دينٍ أو اتجاه سياسي انتموا، فلو كانت للشعب الفلسطيني دولته الناجزة لما تعرض لهذه المجزرة ولو كانت للشعب العراقي دولته العادلة لما تعرض لهذا الامتحان القاسي». وأكد السنيورة ان «ما قامت وتقوم به داعش لاعلاقة له بالإسلام قديماً ولا حديثاً فقد تشارك وتكامل المسيحيون مع المسلمين في إنجاز حضارةٍ كبرى. نحن جميعاً مسلمين ومسيحيين في العالم العربي واقعون بين فكّي كماشة الاستبداد والتطرف وكلاهما يدفع باتجاه الآخر أو أنه يستدعي الآخَر». وقال: «ليس صحيحاً ما يردده بعضهم من أنّ التدخل في سورية أو العراق يهدف لحماية الناس بل إنّ هذا الدورَ التدخلي في الشؤون الإقليمية ورَّط لبنان والشعب اللبناني وفتح الأبواب اللبنانية على كل صنوف المشكلات». واعتبر أنّ «الصيغة التي ارتضاها اللبنانيون للعيش المشترك الإسلامي المسيحي والتي تم تطويرها في اتفاق الطائف هي الصيغة والنموذج الأفضل للعيش في مجتمع متعدد حيث يكون التنوعُ واحترامُهُ مصدرَ ثراءٍ لا سبباً للاختلاف». وقال: «نطمح إلى تعميم الميثاق الوطني الذي أُنتج في الطائف على دول تريد مقاربة مسألة التنوع في مجتمعاتها ونرى أنه في المنطقة المتعددة التركيبة هناك ضرورة لاعتماد مثيل اتفاق الطائف نموذجاً للتعاطي مع المشكلات في مواجهة التطرف الصاعد والاستبداد الرابض». وأعرب عن اعتقاده ان «الشعب الفلسطيني بمنظّماته ومسؤوليه عليه أن يراجع تجربته مع الحرب الحالية والمعارك السابقة لاستخلاص الدروس في ضوء التضحيات والأهداف المتوخاة، نحن نجحنا في إفشال مخططات إسرائيل بسبب أننا غلَّبنا الوحدة على التباعد والخلاف وحمينا المقاومة في مواجهة العدوان بدور ديبلوماسي وسياسي وإنمائي ووطني للحكومة الوطنية وبهذا نجحنا في استيلاد القرار 1701 الذي نتمسك به». وأكد النائب ميشال موسى باسم كتلة «التنمية والتحرير» أن «لا شرق من دون المسيحيين»، لافتاً الى ان «الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب التكفيري وجهان لعملة واحدة». وطلب الإجازة «للجنة حقوق الإنسان للتحرك على مستوى الاتحاد البرلماني للإحاطة بمجريات الإرهاب في غزة والموصل ومنطقتها». وطالب النائب جورج عدوان باسم كتلة «القوات اللبنانية» المجتمع الدولي والجامعة العربية بالعمل لوقف الجرم الإسرائيلي المتمادي». ودان «ما يحصل مع مسيحيّي الموصل». ولفت الى ان المسيحيين لا يختصرون بحرف (ن) لأنهم أرباب اللغة». وهنا خاطب بري، ممازحاً، النائب ألان عون الذي ارتدى قميص «تي شرت» كتب في وسطه حرف نون كبيرة (في اشارة الى ان داعش وضعت على منازل المسيحيين في الموصل هذا الحرف الذي يختصر كلمة نصارى للدلالة)، «شلحلي ياها قوم اشلحها». ورد عون: «هذه رمزية يا دولة الرئيس». واعتبر عدوان أن «ما يقوم به داعش عمل وحشي بربري لا يمت إلى الإسلام بصلة والإسلام والمسيحية براء من هذه الممارسات». وطالب النائب مروان فارس باسم كتلة الحزب السوري الاجتماعي بإحالة الجرائم الإسرائيلية امام المحكمة الجنائية الدولية ورأى في جرائم داعش في العراق وسورية الوجه الآخر للحرب الإسرائيلية المفتوحة على مجتمعنا». وأكد النائب علي فياض باسم كتلة «الوفاء للمقاومة» أن «التضامن هو الحد الأدنى المطلوب أخلاقياً وإنسانياً مع غزة والموصل»، مشيراً الى ان من يقف عند دروس غزة عربياً ولبنانياً، يرى ان المقاومة هي التوازن الوحيد مع العدو الإسرائيلي وهي القادرة على رسم المعادلات»، مضيفاً: «علينا التذكر دائماً ان هناك قضية فلسطينية هي القضية المركزية والكبرى التي يجب ان تبقى حاضرة وهذا التهديد قابل لكي يتحول من تهديد لفعل قتل يمارس بحق لبنانوفلسطين، ونحن أمام خطرين في المنطقة العربية الخطر الإسرائيلي العدو العنصري والخطر الداعشي المتخلف التدميري الذي يريد أن يقسّم المجتمعات العربية». واعتبر النائب غازي العريضي باسم «اللقاء الديموقراطي» أن «ما يجري في الموصل خطير ويعبّر عن مشروع متجدد أعدّ للمنطقة منذ سنوات طويلة»، مشيراً إلى أنه تغيير لوجه هذه المنطقة ومحاولة لاستهداف تاريخها وحاضرها ومستقبلها لتكون مفكّكة غير قادرة على الصمود والاستمرار». ورأى أنه «إذا سقط التنوع في أيّ مكان في منطقة هي مهد الرسالات الدينية فذلك يعني الدخول في صراعات مفتوحة على كل الصعد وليس في ذلك إلا خدمة إسرائيل»، معتبراً أنه «إذا كان الغرب بخبثه وبحثه عن مصالحه يغطّي ما يجري فإن ما يجري في الموصل واستهداف المسيحيين هو مسؤولية عربية دولية علينا أن نبادر نحن إلى تحملها ليكون لنا الدور في الحفاظ على وجودنا». وقال: «إسرائيل تستبيح غزةوفلسطين وحقوق الإنسان والقوانين الدولية وحق الشعب الفلسطيني بالعيش على أرضه وتضرب عرض الحائط المؤسسات الدولية والمواثيق الدولية، إلا أنها لم تتمكّن من إسقاط إرادة الشعب الفلسطيني ولم تحقق هدفاً واحداً حتى الآن». وأمل النائب عن حزب «الوطنيين الأحرار» دوري شمعون بأن تنتهي مأساة الفلسطينيين بتحقق حلمهم بدولة حرة. وقال: «نلتقي للتضامن مع المسيحيين في العراق ولكن ما يحتاجه المسيحيون هو محاربة ورفض التطرف». وأمل شمعون ب «أن نلتقي بأسرع وقت للتضامن مع اللبنانيين الخائفين على دولتهم نتيجة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، معتبراً ان التضامن الحقيقي الذي يمكن أن نقدمه لمسيحيّي الشرق وللقضية الفلسطينية يكمن في انتخاب رئيس. ما يبعث الأمل بأن رمز الوجود المسيحي في الشرق، أي الرئيس المسيحي في لبنان لايزال قائماً وموضع اجماع». وأكد النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت «أن المسلمين والمسيحيين مكونان أصيلان في أمتنا إن توحدوا كانوا سبباً في نهضة الأمة وإن توزّعوا فتحوا المجال واسعاً لمن يريد الإيقاع بمجتمعنا». واقتبس الحوت كلمة امرأةٍ من غزة كتبتها على مواقع التواصل الاجتماعي تقول فيها: «من يظن أن دماء غزة تسيل فهو مخطئ، غزة تقدم دمها لأقوامٍ أصبحت بلا دم». وكانت الكلمة الأخيرة للرئيس سلام وقال فيها: «في هذا الوقت تواصل آلة القتل الإسرائيلية فصول جريمتها المتمادية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، تحت سمع العالم وبصره، ووسط صمت مريب». وقال: « في لبنان، لسنا محايدين إزاء هذه المقتلة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. ونعلن تضامننا الكامل مع إخواننا الفلسطينيين، ووقوفنا إلى جانبهم في محنتهم، ومساندتهم في صمودهم ومقاومتهم، وفي نضالهم من أجل استعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة». ودعا هيئة الأممالمتحدة، إلى «مغادرة عجزها المزمن أمام الصلف الإسرائيلي، والقيام بواجبها في وقف مسلسل جرائم الحرب المرتكبة في غزة والمناقضة لكل الشرائع والمواثيق الدولية». كما دعا «أشقاءنا العرب، وكل صاحب ضمير حي في هذا العالم، إلى التدخل الفوري لإنهاء نزيف الدم في قطاع غزة، والمسارعة الى مد يد العون لإعادة إعمار ما دمره العدوان». وأكد سلام أن «الهمجية الإسرائيلية التي نراها في فلسطين، توازيها وترافقها همجية وليدة في بلاد الرافدين، تستفيد من خلافات سياسية أضعفت أواصر الدولة العراقية وسلطة الحكومة المركزية، لتنشر القتل والدمار تحت اسم خلافة إسلامية وهمية». ورأى إن هذه «الموجة الظلامية استهدفت، في من استهدفت في الأيام الماضية، المسيحيين من أبناء الموصل، تنكيلاً وترويعاً، ودفعتهم إلى دروب الهجرة من وطن وُجدوا فيه منذ أن وُجدت المسيحية في هذا المشرق». وتابع: «نحن في لبنان، بلد التعايش الإسلامي - المسيحي، معنيون بإطلاق صرخة استنكار إزاء هذه الممارسات، وبإيصال رسالة إلى المنطقة والعالم بأن اللبنانيين حريصون على التنوع الديني والمذهبي القائم في بلادهم، ومتمسكون به، لأنه هو من يعطي لبنان معناه الفريد. إن المسيحيين ليسوا طارئين على هذه الأرض، وليسوا في ذمّة أحد، ولا يحتاجون إلى حماية من أحد، إنهم أسياد المكان، تماماً كما هم المسلمون». وناشد سلام جميع القوى السياسية والنواب» بذل الجهود لإيجاد حل لمسألة الشغور في موقع الرئاسة، والمسارعة إلى انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية. الرئيس المسيحي الوحيد في عالمنا العربي». وبعد الجلسة توجّه السفير الفلسطيني بالشكر إلى المجلس النيابي رئاسة وأعضاء، وإلى الحكومة اللبنانية.