تحسم جماعة «الإخوان المسلمين» اليوم السبت قضايا خلافية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط المصرية، في مقدمها أزمة تشكيلة الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع الدستور، إضافة إلى مسألة الدفع بمرشح رئاسي من داخل «الإخوان المسلمين». وعلمت «الحياة» أن اتصالات تجري بين الجماعة والمجلس العسكري، عبر وسطاء، لمحاولة التوافق بينهما بما ينهي الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. ويأتي ذلك في وقت فشلت قوى شبابية في جذب آلاف الأنصار إلى تظاهرات كانت دعت اليها تحت مسمى مليونية «الدستور للجميع». وتظاهر العشرات فقط في ميدان التحرير أمس احتجاجاً على ما وصفوه «استئثار الإخوان المسلمين بوضع الدستور الجديد» للبلاد، ووجه الانتقادات و «السباب» إلى سياسات «الإخوان» وقادتهم، ودعا إلى أن «يسقط حكم المرشد». وكان اجتماع لرئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي والقوى السياسية الممثلة في البرلمان خرج بتوصيات من بينها سحب حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية ل «الإخوان» عدداً من أعضائه في لجنة الدستور (قُدّر العدد بعشرة)، بما يسمح بتمرير شخصيات محسوبة على التيار المدني مكانهم. كذلك تم الاتفاق على الالتزام بوثيقة الأزهر وما يسمى ب «التحالف الديموقراطي من أجل مصر» كأساس في وضع الدستور الجديد. وقررت جماعة «الإخوان» تبكير اجتماع مجلس الشورى الذي كان مقرراً الثلثاء إلى اليوم السبت في مسعى منها لحسم الخلافات الداخلية حول قضيتي الدستور والرئاسة، وأفيد أن مجلس الشورى سيبحث في ما توصلت إليه قيادات الجماعة من توافقات مع جنرالات الجيش سواء من خلال اجتماع طنطاوي بالقوى السياسية والذي حضره رئيس حزب «الحرية والعدالة» محمد مرسي، أو عبر اتصالات لم تتوقف يقوم بها وسطاء لمحاولة نبذ الصدام بين الجانبين. وأفيد أن الوسطاء أبلغوا «الإخوان» أن العسكر غير مرتاحين لسياسات الجماعة في الفترة الاخيرة، وأنهم (أي قادة الجيش) يشعرون ب «استعلاء» قادة «الإخوان» لا سيما بعد حصولهم على الأكثرية النيابية. وكشفت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن الوسطاء أبلغوا «الإخوان» أن العسكر غير مرتاحين لمسألة دفع الجماعة بمرشح رئاسي بعدما كانت قد تعهدت في السابق بعدم خوض السباق على منصب رئيس الجمهورية. وأضاف المصادر أن قادة الجيش يخشون في شدة أن يُكتب في التاريخ أن المجلس العسكري سلّم الدولة إلى «الإخوان». وفي المقابل، عُلم أن قيادات عليا في الجماعة أبرزهم المرشد السابق مهدي عاكف يرفضون في شده تمسك مجلس الشورى (اعلى سلطة تشريعية في الجماعة) بالدفع بمرشح لخوض انتخابات الرئاسة. وتوقعت مصادر قيادية في «الإخوان» حصول تراجعات في الاجتماع المقرر اليوم، لا سيما بعد الاجتماعات والاتصالات التي جرت بين قادة الجماعة والمجلس العسكري. وأشارت هذه المصادر ل «الحياة» إلى أن هناك اتجاهاً عاماً داخل الجماعة ينبذ الصدام مع المجلس العسكري، إضافة إلى وجود رغبة من قادة كبار فيها في التوصل إلى حلول لمسألة «التعبئة» الحاصة الآن ضدها من قبل القوى المدنية التي تتهمها ب «الاستئثار» بتركيبة الهيئة المكلفة وضع دستور جديد للبلاد. في غضون ذلك، استمرت تفاعلات أزمة تشكيلة الجمعية التأسيسية للدستور والتي أثارت أزمة سياسية في مصر خلال الأسبوع الماضي. وأعلن حزب «المصريين الأحرار» رفضه «النتيجة المخيبة للآمال» التي انتهى إليها الاجتماع الأخير للقوى السياسية مع المجلس العسكري، مؤكداً أن «الحل الجزئي» الذي أسفر عنه هذا الاجتماع والذي يقضي باستبدال عشرة أعضاء من الجمعية التأسيسية للدستور بعشرة من الأعضاء الاحتياطيين، كان بمثابة «صدمة للرأي العام ولكل القوى الوطنية الرافضة لهيمنة فصيل سياسي واحد واحتكاره لإعداد دستور مصر المقبل». وقال الحزب، في بيان أمس، «إن الشعب المصري كان ينتظر من هذا الاجتماع اتخاذ خطوات توافقية جذرية تجمع شمل الأمة وتلبي تطلعات القوى والشخصيات والهيئات التي انسحبت من الجمعية أو دانت تشكيلها، ومنها الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية والمحكمة الدستورية العليا وأحزاب مدنية ومستقلون»، موضحاً أن رفض رئيس الحزب الدكتور أحمد سعيد توقيع البيان الصادر عن هذا الاجتماع جاء من «منطلق رفض الحزب للتلاعب بالمستقبل السياسي والهوية الوطنية المدنية للدولة المصرية أو إجراء أي صفقة أو حلول وسط على حساب الشعب ومبادئ الثورة». وأعلن الحزب أنه سيمضي قدماً مع بقية القوى الوطنية في «تصعيد المعارضة للجمعية والطعن ضدها بكل الطرق السياسية والقانونية، والانضمام للدعاوى المقدمة للطعن فيها دستورياً وتوسيع حملة إسقاطها شعبياً».