اقتربت «معركة» انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) في مصر من أن تضع أوزارها مع بدء الاقتراع في المرحلة الثانية والأخيرة أمس، وسط إحجام الناخبين عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع عززه ضعف المنافسة. كما لم يُسجّل وقوع أي «أحداث دامية» على رغم أن الانتخابات أجريت في عدد من محافظات الصعيد التي تشتهر بالعصبيات وانتشار السلاح. واستبقت جماعة «الإخوان المسلمين» حصولها المتوقع على «غالبية» مريحة في مجلس الشورى، ومن ثم تحكمها في مفاصل الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد للبلاد، بإعلان أنها تفضل منح مزيد من الصلاحيات لمجلس الشورى في الدستور الجديد، ليحاكي مجلس الشيوخ الأميركي، ويأتي ذلك في وقت اجتمع أمس رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي برئيس البرلمان المصري سعد الكتاتني وعدد من النواب، في اجتماع خصص لمناقشة «ترتيبات المرحلة الانتقالية». وجرت المرحلة الأخيرة في انتخابات الشورى في 14 محافظة لاختيار 90 نائباً. ويستمر الاقتراع إلى اليوم (الأربعاء). وإذ آثرت الجماهير الغياب عن المشاركة، غابت أيضاً «حمية» المنافسة الانتخابية بين الكتل المتنافسة على حصد أكبر كم من مقاعد الشورى، فبدت المنافسة إسلامية - إسلامية وإن كانت التوقعات بأن الغلبة ستكون لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان. وإذ أكد القيادي البارز في «الحرية والعدالة» علي عبدالفتاح أن المنافسة انحصرت بين القوى المنظمة (التيارات الإسلامية)، مشيراً إلى أن وجود القوى المدنية كان ضعيفاً، توقع أن يحصد الحزب المنبثق من الإخوان غالبية مريحة في الشورى، وأن يحل حزب النور السلفي وصيفاً. وكان الإعلان الدستوري الذي أصدره الجيش في آذار (مارس) الماضي منح لمجلس الشورى ميزة المشاركة مع مجلس الشعب في اختيار الجمعية التأسيسية التي سيخول لها وضع الدستور الجديد للبلاد، لكن على ما يظهر أن تلك الميزة لم تغير الذي لا يتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية على عكس مجلس الشعب، وهو ما دعا جماعة الإخوان المسلمين إلى الإعلان أمس أنها «تفضّل منح مجلس الشورى مزيداً من الصلاحيات عوض إلغائه مثلما تطالب بعض القوى السياسة». وأكد مرشد الإخوان محمد بديع أمس أن احتشاد الناخبين أمام اللجان في انتخابات الشورى لن يحدث «إلا إذا استشعر الشعب أنه أمام مجلس بصلاحيات أخرى». وقال القيادي الإخواني علي عبدالفتاح ل «الحياة» إن جماعته تفضل منح مزيد من الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس الشورى. وقال: «حريصون على زيادة صلاحيات الشورى وأما إذا لم يحدث توافق على هذا حين يتم وضع الدستور، يُلغى». ولفت إلى رغبة الإخوان في «محاكاة» نموذج الكونغرس الأميركي المؤلف من مجلسي الشيوخ والنواب. وكرر المرشد محمد بديع تأكيد استعداد جماعته لتحمّل مسؤوليات الغالبية وتشكيل حكومة توافقية، وعزا إعلان الإخوان في هذا التوقيت إلى «إيصال رسائل مهمة للجميع بعد أن حاول البعض اتهام الجماعة بأنها تحاول الهروب من المسؤولية، وهو غير صحيح». وتزامن ذلك مع اجتماع رئيس المجلس العسكري حسين طنطاوي مع رئيس البرلمان سعد الكتاتني وعدد من النواب أمس. وبدا من صيغة بيان رسمي وزع على الصحافيين أن طنطاوي دعا البرلمان إلى «دعم حكومة (كمال) الجنزوري»، إذ أوضح أن الاجتماع «تناول سبل تطوير العلاقات المصرية الخارجية لدعم الاقتصاد المصري في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية ومساندة الشرطة المدنية لعودة الأمن والانضباط للشارع المصري». وأشار البيان أيضاً إلى أن الاجتماع تطرق إلى ترتيبات نقل السلطة، إذ ناقش إجراءات استكمال المرحلة الانتقالية بعد انتهاء انتخابات مجلس الشورى من خلال إعداد الدستور الجديد، وإجراءات انتخابات رئاسة الجمهورية لتسليم إدارة البلاد لسلطة مدنية منتخبة. وأوضح النائب المستقل مصطفى بكري أن طنطاوي نقل إلى النواب تحذيرات بأن مصر تتعرض ل «مؤامرة كبيرة ...لكن مصر لن تسقط أبداً».