لا تلبث قضية قيادة المرأة السيارة أن تختفي حتى تتجدد من خلال أخبار يتناقلها الإعلام باستمرار، كان آخرها تقدم ثلاث سعوديات إلى إدارة المرور في محافظة جدة بطلب استخراج رخص قيادة، ولكنه رفض لعدم وجود قرار صريح يسمح بقبول استمارات طلب رخص للسيدات. وكان لعدد من السيدات في مناطق مختلفة من المملكة محاولات مشابهة مستندات على قانون المرور الذي لا يفرق بين الجنسين، ولا ينص أي من بنوده على منع إصدار رخص للنساء. وتقدمت أخريات بدعاوى في ديوان المظالم بعد رفع تظلم إلى إدارة المرور وعدم حصولهن على رد، وعلى حسب ما تداولته الصحف فقد تم قبول النظر في القضايا. وعلى صعيد آخر، كان قد بادر عدد من الأكاديميات والمثقفين بعمل دراسة تحليلية للملفات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية المتعلقة بموضوع قيادة المرأة السيارة، وقدموها إلى مجلس الشورى في شباط (فبراير) 2011 موقعة من شرائح اجتماعية مختلفة وصل عددهم إلى أكثر من 3500 موقع حتى اليوم، ولكنها لم تدرج بعد في جدول أعمال المجلس لمناقشتها والتصويت عليها. كما أرسلت المبادرة إلى العديد من المسؤولين، وأبدى أصحابها استعدادهم ورغبتهم في مناقشة المفتي العام في القضية. ويتشابه هذا الإصرار النسائي المطالب بحقه في استخدام وسائل المواصلات المتاحة وهي السيارة، الحراك النسائي الذي رافق الدورة الثانية للانتخابات البلدية سواء من خلال مبادرات مختلفة قامت بها حملة «بلدي» أو المطالبات النسائية من خلال وسائل الإعلام بمشاركة المرأة كناخبة ومرشحة، إضافة إلى دعاوى قدمت إلى ديوان المظالم ضد اللجنة العليا للانتخابات لعدم سماحها بمشاركة المرأة. بعدها صوت مجلس الشورى لمصلحة المرأة كناخبة فقط. أشهر قليلة وكان القرار الملكي الذي قضى بمشاركة المرأة في المجالس البلدية والشورى، مؤكداً رفضه تهميش المرأة، ورأت الكثيرات في القرار انتصاراً لحقهن كمواطنات. خلال العام الماضي استعملت المرأة كل السبل المتاحة لإيصال صوتها من خلال القنوات القانونية المشروعة، أو من خلال الإعلام التقليدي والجديد، أو القيام بمبادرات مختلفة، أثبتت من خلالها وعيها بحقوقها وبالقوانين المعمول بها، لترسيخ مفهوم حقوق المرأة في المجتمع، واعتبرت قيادة السيارة من هذه الحقوق التي تريد الحصول عليها من خلال أنظمة تشرعها الدولة. فالشريعة الإسلامية تساوي بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، ويقوم النظام الأساسي للحكم على العدل والمساواة بين المواطنين، ولا تفرق أنظمة المرور بين ذكر وأنثى، كما تضمن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة عدم التمييز بين الجنسين، ومن منطلق شرعي وقانوني تخرج مطالبهن. في المستقبل القريب ستصبح المرأة عضوة في مجلس الشورى وبعدها المجالس البلدية، إضافة إلى مشاركتها في النشاط الاقتصادي، وانخراطها بشكل أكبر في سوق العمل كمواطنة فاعلة في مجتمعها. يبقى حقها في القيادة مطلباً ملحاً يكمل الأدوار التي يفترض أن تقوم بها، ويُغلق ملف استنزف طاقاتنا، وأفضى إلى جدل اجتماعي عقيم لن ينهيه إلا قرار حسم قضايا كثيرة من قبله ابتداء من تعليم البنات. [email protected] DaliaGazzaz@