«كن شجاعاً وساعد المرأة على القيادة»... عنوان حملة اليكترونية لجمعية أنصار المرأة انطلقت الأسبوع الماضي، وقد دعت الحملة الأب الشجاع، والأخ، والزوج، والابن، والقريب بمساعدة نسائهم والوقوف بجانبهن وطمأنتهن وحمايتهن ليتمكن من قيادة السيارة، وأن المرأة في ذلك لا تخالف الدين أو النظام، فالدين الإسلامي لا يفرق بين ذكر وأنثى في الحقوق والواجبات والعبادات، «ونظام المرور لا يمنع النساء من القيادة»، هذا ما ذكره الدكتور سليمان السلمان مؤسس الجمعية المذكورة التي تُعنى بقضايا المرأة وشؤونها، ومنها موضوع القيادة باعتباره نوعاً من التمييز ضدها. ما تدعو له الحملة ليس جديداً، فمن أشهر عدة أطلقت الجمعية ذاتها حملة «المليون رسالة» للمطالبة بصدور قرار يسمح للمرأة بقيادة السيارة، ومازالت الحملة مستمرة في جمع الرسائل، و«الانترنت» مليء بالحملات التي تدعو لقيادة المرأة للسيارة بطرق وأساليب مختلفة. وتتناقل مواقع «الانترنت» توصيات مجلس الشورى والأنظمة والتعليمات للسماح للمرأة بالقيادة، ويشتعل الموضوع ليعود وتنطفئ شعلة حماسة مناصريه حتى تخرج مبادرة أو حملة أخرى تجدد نيران القضية، ولكن من دون نتائج جديدة. نظرياً، ما تدعو له الحملة الأخيرة «كلام جميل»، ولكن ما الذي يمنع تطبيقه عملياً؟ إذا كان نظام المرور لا يمنع، وولاة الأمر يعتبرون قضية القيادة مسألة اجتماعية يبت فيها المجتمع، إذاً ما الذي يمنع الراغبات من القيادة؟ ومن الذي يجبر غير الراغبات على ذلك؟ ما الذي يمنع أولياء الأمور من السماح لهن بالقيادة ومساعدتهن إذا لا يوجد مانع نظامي لهذا الأمر؟ إذا كان القرار اجتماعياً، والواضح أن المجتمع منقسم بين مؤيد ومعارض، لماذا تفرض الفئة المعارضة رأيها على الفئة الراغبة، خصوصاً في قضية حقوقية كهذه؟ أليس من حق المرأة المطالبة بحقها في الحركة كمواطنة، وأيضاً من حقها أن تتنازل عن هذا الحق ولا تطالب به؟ لكن السؤال: هل أجري استفتاء شعبي قدر وأحصى عدد المؤيدين والمعارضين وخرج بنتيجة لمصلحة المعارضين؟ هل عدم حصول المرأة على حقها في استقلالية الحركة والمواصلات يعني أن الغالبية من النساء لا يرغبن في قيادة السيارة، وأن أولياء أمورهن لا يسمحوا لهن بذلك؟ أم أن الخوف الذي يعشش داخل الكثير هو الذي يسيطر على بعض الفئات الراغبة؟ هل يستطيع الرجل أن يكون شجاعاً ويساعد المرأة في القيادة؟ لقد أصبحت قضية قيادة المرأة للسيارة موضوعاً مملاً يثير جدلاً عقيماً، ولا يخرج بأي نتائج عليها «القيمة»، لأننا مازلنا نقبل بأن يحدد حقوقنا، وواجباتنا، ويقرر مصائرنا، فئة لا ترى إلا الجزء الفارغ من الكأس، وتسعى جاهدة لإجهاض أي مبادرة قد تجعل المرأة إنسانة كاملة الأهلية لا تحتاج أن تحصل على جميع حقوقها الإنسانية من خلال الرجل، ربما تكون قيادة السيارة ليست من الأولويات، وقد يعتبرها البعض كماليات، ولكن حرية الحركة وسهولة التنقل التي يتمتع بها الرجل من الحقوق البديهية التي لابد أن تتمتع بها المرأة. [email protected]