هل ثمة مكان في الدراما التلفزيونية للنجم الأول؟ يبدو السؤال غريباً في دراما اعتدنا أن تظلّ معنا ثلاثين يوماً كافية لتكريس «الوجه» التلفزيوني وترسيخه في الوعي والذاكرة إن لم نقل في اللاوعي أيضاً. مع ذلك يبرز سؤالنا بسبب من كون تلك الدراما لا تحتمل في أعمالها الجيدة على الأقل للنجم الفرد، بل هي تكرّس حلقاتها وساعاتها لحكايات درامية بخطوط متداخلة تجعل من العسير على البطل الفرد أن «يقود الأوركسترا». تبدو لنا أوركسترا كهذه إبنة الحدث الدرامي حتى في تلك الحالات التي يلعب الأدوار الأولى فيها نجوم بارزون لهم حضورهم المميز عند المشاهدين. الدراما التلفزيونية وعلى رغم التشابهات الكثيرة ليست السينما، فهناك يحضر النجوم بصورة مختلفة ويحققون وجوداً مغايراً بالتأكيد. ولعل «جماعية» فن الدراما التلفزيونية هي بالذات التي تطيح الجودة والإتقان والقدرة على جذب المشاهد حين تُحقق بشروط استهلاكية تحاول أن تقفز عن ذلك وتنشغل بما هو هامشي وعابر. الفارق بين دراما النجم والدراما الحقيقية هو في الفارق بين الحكاية السردية الخالية الدسم وبين الرواية التلفزيونية. في الأولى نحن أمام «وجه» عليه أن يظلّ قادراً على رسم تفاصيل الحدث الذي يلاحقه ويؤسس نفسه على هواه، في حين تقتضي الدراما أن يعبّر الوجه عن تلك الأحداث، وأن يمنحها بالموهبة والاجتهاد تعبيراتها الصادقة والجميلة معاً. قيل ولا يزال إن التلفزيون هو أولى ساحات العولمة بارتباطه بالإعلانات التجارية التي باتت تنتمي الى بلدان متباعدة وأيضاً بسوق حجمها بات بحجم الكرة الأرضية، ما جعل البث التلفزيوني ومنه الدراما يرتبط بأشكال متفاوتة بتلك الإعلانات وشركاتها الكبرى. مع ذلك تظلُ الدراما فناً قادراً على مراوغة ذلك كله، بل ومقاومته إن هي أحسنت تأسيس نفسها ونهضت على عناصر نجاحها الحقيقية وأولها وأهمها جماعية العمل الدرامي الذي يطمح إلى إقامة علاقة حقيقية مع مشاهده من خلال الصدقية. هي مهمة تبدأ من النص، لكنها تتحقق من خلال الإخراج الناجح واختيار الممثلين، فالمخرج المبدع هو كما يقولون رجل الاختيارات، بدءاً من النص والممثلين وصولاً الى اختيار أماكن التصوير، وكلها عناصر لا تتأسس على النجومية، بل على صدقية تخدم العمل وتثريه.