نشرت صحيفة صينيّة مقالة تتناول فكرة إنشاء حلف أوراسي بين الصين وروسيا من أجل التصدي للغرب. والصحف الصينيّة هي نظير صحيفة «برافدا» إبّان الحكم الشيوعي في روسيا. فهي ناطقة باسم الحزب الحاكم ولسان حاله. وتولد من مثل هذا التحالف قوة عسكريّة هائلة. فعدد جنود الجيش الروسي يتجاوز المليون. وبلغ عديد الجيش الصيني نحو مليوني جندي. لكن الإصلاحات ستخفض عديده إلى 700 ألف جندي، وترفع عدد القوات البحريّة والجويّة الى 150 -200 ألف جندي. والجيش الروسي يتفوّق على الجيش الصيني. فحجم ترسانته العسكرية من الدبّابات والمدرعات والمدفعية وأنظمة الدفاع الجوي يفوق نظيره الصيني. وشطر راجح من العتاد الجوي الصيني قديم، وثلثه حديث. والدفاعات الجويّة الروسيّة أكثر تطوراً من الصينيّة. ويوازي حجم الترسانة النوويّة الروسيّة مثيله الأميركي، ويبلغ ستة أضعاف الترسانة الصينية النووية. ويجمع مثل هذا الحلف أكبر جيش في العالم. ويرجح أن تكون روسيا عقل هذا التحالف العسكري. فالصين تشتري إلى اليوم السلاح من روسيا، وتشتري كذلك رخص تصنيع السلاح منها. وموسكو غير مهتمة بالقطاع العسكري الصيني. والتحالف هذا هو جسر الصين إلى التكنولوجيا العسكرية الروسية. والروس يستفيدون من الدعم الصيني في بناء أسطولهم البحري. ولكنْ، هل إبرام مثل هذا التحالف ضعيف الصلة بالواقع نتيجة خوف بعض الروس من المطامع الصينية في روسيا ورغبة الصين في وضع اليد على سيبيريا و «قضمها»؟ ومثل هذه المخاوف يجافي الواقع. فالخلافات الحدوديّة الصينية – الروسية طويت. واتفقت موسكووبكين على عدم القيام بأية مناورات عسكرية على مقربة من الحدود. ويشير عزم الصين تقليص القوات البريّة وترجيح كفة القوات الجويّة والبحريّة، إلى أن بكين تعد للمواجهة مع اميركا وليس مع روسيا. ويبدو للوهلة الأولى أن التحالف الروسي - الصيني يصب في مصلحة الطرفين. لكن الصين هي الطرف الأكثر إفادة منه. فالروس لا يحتاجون التكنولوجيا الصينيّة. وموسكو تبيع أسلحة للغرب وللشرق لقاء تكنولوجيا حديثة تحتاج إليها. وموقع روسيا الجيو - سياسي وترسانتها النووية يخولانها تفادي الأزمات الدوليّة. وثمة جوانب كثيرة للتعاون بين الصين وروسيا، منها التعاون في مجلس الأمن ودعم إيران وسورية. وتنظم بكينوموسكو مناورات مشتركة تعرف ب «رسالة السلام» كل سنتين في إطار منظمة شنغهاي للتعاون. والحق أن بكينوموسكو لا تخوضان محادثات جدية في هذه الأمور. ويرتقب البلدان تغييراً في الحكم. وعلى رغم أن الحزب الشيوعي الصيني سيبقى في السلطة، ثمة ثلاثة تيّارات داخله تملك مقاربات مختلفة، هي المدرسة القديمة والبارزون من منظمة الشبيبة الشيوعيّة والتكنوقراط. ولكل من هذه التيارات نظرة مختلفة إلى السياسة الخارجيّة. والفكرة السائدة في الصين هي إرجاء المواجهة مع الولاياتالمتحدة والانتظار ريثما تقضي أميركا على نفسها. وروسيا ليست مستعدة الآن للتحالف مع الصين. لذا، يرجح أن تبقى الأمور على ما هي عليه. * صحافي، عن «أرغومنتي نيديلي» الروسية، 15/2/2012، إعداد علي شرف الدين