تسعى منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) بتعزيز مساندتها التقنية لإعادة تأهيل نظم الريّ التقليدية التي لحق بها الدمار في أفغانستان على مدى سنوات، في محاولة لمساعدة المزارعين وزيادة حجم المحاصيل. وتهدف مبادرة الوكالة الدولية المختصة إلى تطوير المعارف والمهارات لدى المزارعين أيضاً كي يتمكنوا من الوقوف على أقدامهم بأنفسهم في إدارة شبكة الري الأفغانية وصيانتها. ووقَّعت المنظمة اتفاقاً مع الوزارة الأفغانية للطاقة والمياه بقيمة 27.7 مليون دولار لتأمين المساعدة التقنية، وتشمل الخبرات والتدريب تمهيداً لوضع مشروع إعادة تأهيل شبكة الري الأفغانية وتطويرها موضع التنفيذ الكامل. يذكر أن عقوداً من الحرب في أفغانستان والنزوح السكاني بعيداً من المناطق الريفية ألحقت، ضمن عوامل أخرى، تدهوراً بالغاً بنظام الريّ الوطني في أفغانستان. ونجم عن قلة وسائل الريّ ذات الكفاءة، أن وجد كثيرون من المزارعين أنفسهم بلا مياه كافية للزراعة، منها إنتاج القمح بصفته محصول القوت الرئيس في البلاد. وفي غضون السنوات الأخيرة أدرجت وزارة الطاقة والمياه الأفغانية تطوير الموارد المائية كأولوية في إطار استراتيجيتها القومية ومخططاتها الإنمائية الوطنية. الهجرة من الريف وقال الخبير باسكواليه سيدوتو، رئيس وحدة إدارة المياه وتنميتها لدى «فاو»: نظم الريّ في أفغانستان عانت على مدى العقود الثلاثة الماضية، ليس فقط بسبب قلة الاستثمار، لكن أيضاً لأن السكان نزحوا بعيداً من المناطق الريفية ولم يبق أحد لصيانة شبكات الري أو لتلقين المهارات الأصلية للأجيال الجديدة. وحين يقع فيضان على سبيل المثال، لا تُصلح الأضرار أو تنظَّف القنوات أو السدود المتضرّرة. وسرعان ما وجد المزارعون في المناطق الريفية أنهم عاجزون عن الحصول على الماء الكافي لزراعة حقولهم، ما نجم عنه تناقص كميات المحاصيل المنتجة». ويموَّل المشروع أولياً من منحة قدمها البنك الدولي، إلى جانب مساهمة إضافيّة من حكومة أفغانستان. واستفاد المشروع من الخبرات المكتسبة من تطبيق مشروع آخر للمنظمة موله البنك الدولي أيضاً، هو برنامج الطوارئ لإعادة تأهيل شبكات الري الذي استكمل في كانون الأوّل (ديسمبر) 2011. ونجح مشروع الطوارئ في حينه، في دعم وحدة تنسيق المشاريع لدى وزارة التخطيط الأفغانية لإعادة تأهيل نظم الريّ. وبينما يرمي المشروع الجديد لإعادة التأهيل الذي يدوم ست سنوات، إلى متابعة الأنشطة السابقة وتعزيزها بإنشاء سدود صغيرة للمياه إضافة إلى ترميم شبكة نظم الريّ بأسرها، سيستكمل أيضاً تطوير شبكات وخدمات الأرصاد المائيّة لمراقبة الأحوال الجوية وتدفّق المياه ونوعيتها، متضمناً التدريب على تشغيل الشبكات وصيانتها. تعتزم «فاو» مساعدة وزارة الطاقة والمياه الأفغانية في تدريب موظفيها، وفي تصميم الإدارة الحديثة وتطبيقها، إضافة الى تدريب المزارعين على التشغيل المحسن للمياه وصيانة شبكات الريّ. ويهدف المشروع إلى زيادة الإنتاجية الزراعية والإنتاج، تماشياً مع استراتيجية التنمية الوطنية الأفغانية. زيادة المحاصيل ويتوقّع أن يغطّي مجموع مناطق شبكات الري المؤهلة مجدداً، نحو 300 ألف هكتار بزيادة في رقعة المناطق المروية تبلغ نحو 15 في المئة، وما يعادل 20 في المئة بمقياس ارتفاع الإنتاج المحصولي، لمصلحة نحو 230 ألف أسرة. وأوضح خبير المياه لدى المنظمة أن «القمح هو المحصول الأكثر أهمية لأفغانستان لأن 80 - 100 في المئة من سكانها يعتمدون عليه بصفته المحصول الرئيس الأول، ويُزرع نحو 80 في المئة من مجموع أراضي أفغانستان الزراعية بهذا المحصول، ما يعني أن أيّ انخفاض في إنتاج القمح يسبب نقصاً مباشراً في الغذاء، لا يمكن إلا أن يؤثّر في وضع الأمن الغذائي الوطني في كل أنحاء البلاد». وحتى الآن غطت فوائد ترميم شبكات الريّ الوطنية تكاليفها وتجاوزتها، إذ ساعدت مشاريع الري الأفغانية بين 2004 و2011، بالتعاون مع المنظمة على زيادة معدلات الإنتاج المحصولي والإنتاجية الزراعية في مناطق الأراضي المروية. ومن بين 778 ألف هكتار من المناطق التي أعيد تأهيلها، ثمة 158 ألفاً من الأراضي المروية حديثاً، ما انعكس على زيادة إنتاج القمح بأكثر من 50 في المئة، في المناطق التي شملها المشروع.