حملت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان المصري أجهزة الأمن المسؤولية الأولى عن «مجزرة بورسعيد» التي راح ضحيتها 74 قتيلاً في اشتباكات أعقبت مباراة بين فريقي الأهلي والمصري مطلع الشهر. وأرجأت اللجنة تحديد «المسؤولية السياسية» عن هذه المجزرة، فيما تلوح في الأفق بوادر معركة جديدة محورها استجواب تقدم به النائب عن «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» زياد العليمي لرئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي في شأن المجزرة والأحداث التي شهدت صدامات بين المتظاهرين وقوات الشرطة والجيش وسقط فيها قتلى خلال العام الماضي. وتوقع وزير الدولة لشؤون مجلسي الشعب والشورى محمد عطية «التجاوز عن مناقشه هذا الاستجواب»، نظراً إلى أن طنطاوي يقوم حالياً بمهمات رئيس البلاد، «ومن ثم لا يحق للبرلمان استجوابه، وفي أفضل الأحوال لا يتوقع أن يحضر المشير بشخصه جلسة الاستجواب إن أقرت هيئة المكتب مناقشته، وقد يلجأ إلى تفويض مسؤول في وزارة الدفاع للرد على تساؤلات نواب البرلمان، ما سيرفضه قطعاً بعض النواب المناوئين للمجلس العسكري». وحملت لجنة تقصي الحقائق البرلمانية المسؤولية الأكبر عن المجزرة للشرطة ثم اتحاد كرة القدم، ثم النادي المصري، ثم هيئة ستاد بورسعيد. وقال التقرير الواقع في 17 صفحة إن مسؤولية الأمن تمثلت في «تسهيل وتيسير وتمكين» وقوع الأحداث، كما خالف اتحاد كرة القدم اللوائح العالمية في شأن تأمين المباريات، مشيراً إلى أن «النادي المصري وفقاً للوائح يتحمل مسؤولية تضامنية عن الحادث لعدم التزامه بمتطلبات السلامة وبالسعة ومنع دخول الجماهير التي تحمل بحوزتها أجساماً صلبة وأسلحة ولافتات ذات محتوى عنصري». وحمّل التقرير هيئة استاد بورسعيد «المسؤولية عن لحام بوابتين حديديتين للأستاد بالمخالفة للوائح العالمية التي توجب أن يكون ملعب كرة القدم مستوفياً المواصفات الفنية والإنشائية». وذكرت اللجنة أن «شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت شهدت حرباً بين مشجعي فريقي الأهلي والمصري، وظهرت نبرات تحريضية وعدائية بين مشجعي الطرفين فضلاً عن أن كل المباريات التي أقيمت في بورسعيد كانت تنبئ بوقوع كارثة في القريب العاجل». ولفت إلى أن «الأمن لم يلتفت لخطورة المباراة، واستمر في الاستهانة بها، فضلاً عن حالة التسيب الواضحة داخل الأستاد وخارجه، وانعدام إجراءات التفتيش في دخول الأستاد، ودخول الجماهير بعد بداية المباراة بصورة مخالفة لما درج عليه العمل ومن دون تذاكر، ما ترتب عليه زيادة أعداد الجماهير التي وصلت إلى 17 ألفاً على نحو ما ذكره مراقب المباراة، وكذلك امتناع مدير الأمن ونائبه ومساعد مدير الأمن عن إصدار أي تعليمات واجبة لحماية الجماهير في مثل هذه الأحداث التي طالت زمناً يستوجب تدخله الفوري للحد من تفاقمها». وأوضح التقرير أن «مسؤولي الخدمات الأمنية لم يقوموا بواجبهم في مصادرة الأسلحة البيضاء والألعاب النارية من الجماهير». وكان رئيس البرلمان سعد الكتاتني استهل الجلسة أمس بكلمة لمناسبة حلول الذكرى الأولى لتنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك قال فيها «إننا في حاجة إلى السمو بالسلوك الجماهيري للحشود وتطبيق القصاص من المتورطين في إراقة الدماء وإزهاق أرواح المصريين»، متحدثاً عن «ضرورة تنقية مسار الثورة من أشواك العنف». ولاحت في الأفق بوادر معركة محورها الاستجوابات، إذ تلقى الكتاتني 15 استجواباً أحدها لطنطاوي عن أحداث العنف ضد المواطنين من النواب محمد عوف وزياد العليمي وطارق عبدالعزيز شعبان، وآخر لوزيرة الشؤون الاجتماعية ولوزير العدل عن ترك جماعة «الإخوان المسلمين» تعمل من دون غطاء قانوني. ووافق المجلس على تحديد موعد لمناقشة هذه الاستجوابات بعد أن فوض وزير الدولة لشؤون مجلسي الشعب والشورى هيئة مكتب البرلمان تحديد هذه المواعيد. ويتوقع أن يثير استجواب المشير جدلاً في هيئة مكتب البرلمان التي يسطر عليها «الإخوان»، ويحق لها التجاوز عن مناقشة هذا الاستجواب.