أعلن رئيس الحكومة المصرية كمال الجنزوري في كلمته أمام الجلسة الطارئة للبرلمان أمس (الخميس) إقالة مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة سمير زاهر وفتح التحقيق معهم على خلفية كارثة إستاد بورسعيد التي خلفت عشرات القتلى ومئات المصابين على إثر اشتباكات عنيفة بين جماهير المصري والأهلي في بطولة الدوري المحلي لكرة القدم. من جهته، رفض زاهر ما وصفه بإجباره على الاستقالة، وقال عضو الاتحاد المصري كرم كردي ل«الحياة»، إن قوانين الاتحاد الدولي «فيفا» تمنع الحكومات من التدخل في شؤون الرياضة، مؤكداً أنه ورئيس وأعضاء الاتحاد لن يستقيلوا لأنهم لا يتحملون مسؤولية ما حدث في بورسعيد، لأنه أمر أكبر من شغب ملاعب، مشدداً على أن القرار بمثابة «كبش فداء» للأزمة لامتصاص غضب واحتقان الجماهير. وأعلن المجلس العسكري الذي يدير البلاد، حال الحداد 3 أيام بجميع محافظات مصر، وقرر مجلس إدارة الأهلي فتح أبواب النادي لاستقبال التعازي في الضحايا لمدة ثلاثة أيام بدءاً من اليوم الجمعة. وكانت مباراة المصري والأهلي قد شهدت 74 حال وفاة، إضافة إلى أكثر من 300 مصاب. على صعيد متصل، أعلنت وزارة الصحة المصرية في بيانها الأخير أن عدد قتلى مذبحة بورسعيد يبلغ 71، مؤكدة أنه تم إدراج 3 جثث بالخطأ قتلوا في وقائع أخرى، كما بلغ عدد المصابين 318 ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفيات، فيما أُسعف 170 مصابًا بمكان الحادث، ونقل 31 مصابًا لمستشفى الحلمية العسكري في القاهرة بالإسعاف الطائر لاستكمال علاجهم. وأوضح مساعد وزير الصحة عبدالحميد أباظة أن الوزارة نسقت مع مركز البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة، التي أرسلت طائرتين لنقل 51 جثة إلى مطار شرق القاهرة، ثم نقلتهم سيارات إلى مشرحة زينهم، ومازالت حالة بمستشفى بورسعيد العسكري لجندي أمن مركزي، في حين نقلت 19 جثة عن طريق سيارات الإسعاف إلى المحافظات المجاورة لمحل إقامتهم. على الصعيد الميداني، نظّم عدد من الرياضيين وقفة احتجاجية بميدان سفنكس بمنطقة المهندسين للتنديد بأعمال الشغب والعنف التي شهدها ملعب بورسعيد. واحتشد نحو 3 آلاف رياضي تقدمهم الأميركي بوب برادلي مدرب المنتخب المصري لكرة القدم وأسرته. كما حضر اللاعب الدولي أحمد حسن و المدير الفني لاتحاد الشرطة وحلمي طولان ومدرب حراس مرمى المنتحب المصري زكى عبدالفتاح. وطالب الإعلامي أحمد شوبير صاحب الدعوة للوقفة بسرعة إنهاء التحقيقات في هذه الأحداث، وضبط ومحاسبة المتسببين. فيما أشار الناقد الرياضي زكريا ناصف إلى أن الأحداث مدبرة، محذراً من أن هناك أياد خفية تعبث بمصر وأمنها لمنع الاستقرار، نافياً تورط جمهور بورسعيد في الأزمة. من ناحيته، قال مدرب الزمالك السابق محمود أبو رجيلة إن هذا السلوك لم نشهده في ملاعبنا قط، وهو خارج عن الالتزام الرياضي، ومدبر لهدم الدولة، وطالب بعض القوى السياسية الابتعاد عن الصوت العالي والتحلي بالهدوء. في حين انشق عن الوقفة لاعب الأهلي السابق شادي محمد وهتف: «الشعب يريد إحراق بورسعيد»، وهو ما رفضه شوبير وطالب اللاعب بضبط النفس وعدم ترديد شعارات من شأنها تأجيج الأزمة. كما شارك بالوقفة أعضاء بمجموعات من «ألتراس أهلاوي» و«الوايت نايتس» رابطة مشجعي الزمالك، وهتفوا ضد المجلس العسكري، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية، ثم اتجهوا إلى الاتحاد المصري لكرة القدم، واستقروا أمام بوابات الأهلي. فيما طاف العشرات من شبان (ألتراس) النادي الأهلي صباح أمس بميدان التحرير في مسيرة رددوا خلالها شعارات غاضبة، مطالبين بالقصاص للشهداء، مرددين شعار «يانجيب حقهم.. يانموت زيهم». وانضمت المسيرة إلى الأعداد القليلة نسبياً من المعتصمين بميدان التحرير، وعبر الشباب الذين تراوحت أعمارهم مابين 15 و20 عاماً عن احتجاجهم وألمهم للأحداث المأسوية التي شهدتها الليلة الماضية. وفي سياق متصل، أغلق معتصمون ميدان التحرير في (وسط القاهرة) صباح أمس أمام حركة السيارات احتجاجاً على الأحداث الدامية التي شهدتها مباراة المصري والأهلي الماضية. وذكرت مصادر أمنية أن المتظاهرين استخدموا السيارات والحواجز المعدنية في إغلاق مداخل ميدان التحرير، سواءً من ناحية المتحف المصري أو الاتجاه القادم من شارع قصر النيل، ما أدى إلى اضطراب حركة سير السيارات بشوارع وسط القاهرة، التي تشهد وجود عشرات المعتصمين منذ أواخر الشهر الماضي للمطالبة برحيل المجلس العسكري، الذي يدير شؤون مصر منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي. وأشارت إلى أن معتصمي (ماسبيرو) قاموا أيضاً بإغلاق طريق كورنيش النيل في الاتجاهين، احتجاجاً على أحداث بورسعيد، مطالبين ب«تطهير وإعادة هيكلة وزارتي الداخلية والإعلام». يذكر أن العديد من القوى السياسية طالبت بإجراء تحقيق فوري من الجهات الرسمية كافة، ومحاسبة كل المسؤولين عما حدث، وحملت المجلس العسكري والحكومة مسؤولية الأحداث الدامية. وفيما قرر مجلس الشعب (البرلمان) عقد جلسة خاصة أمس لبحث الخطوات التي سيتم اتخاذها إزاء هذه الكارثة، ألقت قوى سياسية عدة باللائمة على من وصفتهم بفلول مبارك والمحتجزين منهم في سجن طرة. وطالب أعضاء لجنتي الشباب والرياضة والدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب بإقالة ومحاسبة ومحاكمة وزير الداخلية والنائب العام ومسؤولي إدارة اتحاد الكرة – قبل أن يصدر رئيس الحكومة قراراً بحل الاتحاد - وحملوهم المسؤولية عن الأحداث المؤسفة التي شهدها إستاد بورسعيد. كما قرر وزير الخارجية محمد عمرو تنكيس الأعلام المصرية في جميع سفارات وقنصليات مصر في جميع أرجاء العالم بدءاً من أمس وحتى مساء السبت القادم. وكان الآلاف تجمعوا في (محطة مصر) الرئيسية للسكك الحديد بالقاهرة حتى الساعات الأولى من صباح أمس ليكونوا في استقبال جمهور الأهلي العائد من بورسعيد، ورددوا هتافات مناوئة للمجلس العسكري ولوزارة الداخلية. في السياق ذاته، أصدر اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية قرارًا بتشكيل لجنة عليا تبدأ أعمالها فوراً للوقوف على ملابسات وخلفيات أحداث مباراة الأهلي والمصري، على أن يتم الإعلان عن كافة القرارات التي سوف تتخذ عقب انتهاء تلك اللجنة من أعمالها.