واجهت المحكمة الإدارية في محافظة جدة يوم أمس موظفاً حكومياً، «بارزاً»، متهماً في كارثة سيول جدة بسؤال: «كيف يحصل موظفٌ في أمانة جدة على 22 منحة في وقتٍ وجيز، وغيره من المواطنين ينتظر سنوات، ولا يحصل على منحة واحدة؟». جاء ذلك خلال جلسة علنية عُقدت في المحكمة في حضور وسائل الإعلام، وخمسة من المتهمين بينهم شخصيات رياضية كبيرة، إذ أكد القاضي ناظر القضية مخاطباً المتهم: «إن سرعة حصول موظف على هذه المنح، لم تكن تحدث إلا إذا كان لك دور التوسط في ذلك، والتأثير في سير إجراءات المنح». فيما رد عليه المتهم وهو موظف حكومي (تحتفظ «الحياة» باسمه) أن قرار المنح ليس من اختصاصه، وأن المدعي العام لم يقدم ما يثبت تأثيره على سير المنح، وعاد القاضي موجهاً سؤالاً إلى المدعي العام: «هل لديك ما يثبت ذلك؟»، فرد بقوله: «لو كان موظف الأمانة شخصاً عادياً لما حصل على هذه المنح». وقال المتهم: «لم يسبق لي أن راجعت المتهمين بأي معاملة، إلا أن تكون نظامية ومستوفية، ومن غير المقبول بأي منطق أن تحتاج إلى رشوة لإنهاء إجراءاتها، إذا ما علمنا أن أي عمل أو مراجعة من جانبنا لأي جهة تكون وفق توجيه وتعليمات». من جهة أخرى، أكد ناظر القضية ضرورة إبلاغ أحد المتهمين وهو شخصية رياضية كبيرة، وسبق له أن رأس أحد أندية المنطقة الغربية، بالحضور خلال الجلسة المقبلة، وإلا فسيتم إحضاره بالقوة الجبرية، خصوصاً وأنه تعذر بظروفه الصحية. وقدم المدعي العام خلال الجلسة 17 مذكرة جديدة مفرقة، تضم تهماً إضافية، وردوداً على مذكرات المتهمين المقدمة سابقاً، إذ تدخل المدعي العام في إجابات المتهمين مع القاضي، وحاول تفنيد بعض ردودهم. واعترفت «شخصية» رياضية أخرى، بأنها تسلمت مبلغ 60 مليون ريال من متهمٍ آخر، ولكن ذلك كان مقابل رفع إحداثيات لأرض مساحتها تبلغ مليون متر مربع لبيعها بما يقارب 600 مليون ريال، مشيراً إلى أن المبلغ يمثل عمولة 10 في المئة، وأنه لم يسلم أو يستلم أي رشوة. وسأله القاضي: «كيف عرفت أنه ليس للأرض ملاك؟، وهل رجعت لأمانة جدة؟»، فرد: «إن ذلك ليس من اختصاصه، بل من اختصاص الأمانة عند المطالبة بتقديم صك التعويض». وقال: «إن الكروكي محل الاتهام بالرشوة، ليس سوى مصورات جوية من طريق البرنامج المعروف ب«غوغل إيرث»، وهو متاح لأي مهندس وأي شخص آخر». وتراجع المتهمون الخمسة عن إقراراتهم الشرعية التي سبق أن صادقوا عليها، وأوضحوا للقاضي أن الاعترافات أُخذت منهم وهم مسلوبو الإرادة، إلا أن القاضي رد عليهم بقوله: «إن القاضي الذي صادق على إقراراتكم شرعاً لا يجبر أحداً على أي اعتراف، وأنه تلا عليكم اعترافاتكم قبل المصادقة عليها شرعاً». ورد المتهمون بقولهم: «هذا صحيح، وقد حضر القاضي إلينا ونحن في السجن، ومعنا المحققون، وكنا نعيش ضغوطاً أسرية وإعلامية وظروفاً صحية، فضلاً عن شائعات وفاة بعضنا، فما كان منا إلا الإقرار على أي شيء مقابل الانتهاء من مجريات التحقيق». وسأل القاضي المتهمين عن ردهم عما ذهب إليه المدعي العام بأن تسجيل «الشركة العقارية» بأسماء زوجاتهم يعتبر تحايلاً على الأنظمة، فردوا بأن ذلك غير صحيح، وأن زوجاتهم ساهمن في الشركة من أموالهن الخاصة، وهو حق مشروع لهن. كما سأل القاضي: «هل أدارت أي من الزوجات الشركة؟ أو وقعت على أي خطابات؟»، فردوا بأن هناك وكلاء شرعيين ومسؤولين في الشركة يسيرون أعمالها قبل أن يتم إغلاقها. وتحدث قيادي بارز في أمانة جدة، وقال: «لم أحصل على 22 منحة كما زعم المدعي العام، وإنما حصلت على منح لي ولزوجتي واثنين من أبنائي، في حين أن بقية المنح كانت لأقارب لي ولست مسؤولاً عنها رغم أنها منح نظامية». وأضاف: «لا توجد أي جريمة رشوة، وليست لنا علاقة لا من قريب ولا من بعيد بكارثة السيول، والشراكة التي بيننا هي نظامية وأربعة من المتهمين تربطهم صلة رحم وصداقة». وأوضح قائلاً: «إن المنح تصدر عن ولي الأمر، وليس متاحاً لي أو في مقدرتي أكثر من مجرد إيصال الطلب، ولم تكن الإجراءات المتبقية من اختصاصي، أو يمكنني التأثير فيها من موقع عملي، كما أن هيئة الرقابة والتحقيق لم تقدم من جانبها دليلاً عن أية معاملة مما أراجع فيها، عوملت بإجراءات خاصة أو مميزة، أو عن أية منحة صدرت مخالفة لأي من المتهمين». وقررت المحكمة منح المتهمين مهلة إلى جلسة (الثلثاء) 29 من الشهر الجاري للرد على التهم الجديدة التي وجهها المدعي العام، وأبرزها التحايل على الأنظمة والتعليمات، ورفض القاضي طلب بعض المتهمين مهلةً أكبر، مشيراً إلى أن المحكمة ملتزمةً بالانتهاء من هذه القضية وفق سير القضايا لديها، وحريصة على عدم التأخر فيها في ظل زحمة مواعيد الجلسات. ... وتأجيل الحكم على 4 متهمين آخرين 10 أيام