أصدرت المحكمة الجزئية في محافظة جدة أمس حكماً على مدير إدارة الطرق وسكرتير لجنة الأمطار والسيول في الأمانة السابقين على خلفية كارثة السيول التي ضربت المحافظة أواخر عام 2008. ونص الحكم الشرعي وهو الأول من نوعه في ملف «الكارثة» بصرف النظر عن دعوى المدعي العام لعدم الاختصاص في حين قرر المدعي العام الاعتراض على الحكم، ورفعه إلى محكمة الاستئناف في منطقة مكةالمكرمة للبت فيه. وأصر المدعي العام على مطالبته للمحكمة إيقاع عقوبةٍ تعزيريةٍ على المتهم بما يحقق المصلحة العامة، ويُعيده إلى جادّة الصواب على اعتبار أن ما ارتكبه يُعدُّ تعدِّيًا على بعض الضرورات الخمس التي كفل الإسلام حمايتها، وكون الأفعال التي ارتكبها مخالفة صريحة للأوامر، والتعليمات، وعدم مراعاة مصالح الوطن، والعامة من الناس، «ولأنّ ما أقدم عليه هو فعلٌ محرّمٌ مُعاقبٌ عليه شرعًا ونظامًا»، بيد أنه يتوقع أن يطلب المدعى عليه (وهو موظف حكومي عمل سابقاً في مجال تصريف الأمطار والسيول) مهلة للرد على التهم كتابياً. وجاء الحكم الصادر من المحكمة بعد أن اعترض «المتهم» خلال الجلسة الماضية على الدعوى المرفوعة ضده أمام المحكمة الجزئية بحجة أنها خارجة عن اختصاصها، ولأنه موظف حكومي عام، ويقوم بأعماله الإدارية التي تختص بوظيفته الحكومية، وبالتالي فإن المحكمة لا تختص بأمور وظيفته. وكان المتهم وهو مهندس مسؤول، عمل سابقاً في مجال تصريف الأمطار والسيول وإدارة الطرق في أمانة محافظة جدة قد وجهت إليه تهم عدة أبرزها التسبب في إتلاف الممتلكات العامة، وإزهاق الأرواح، فضلاً عن ارتكابه جرائمَ أخرى شملت قضايا الرشوة، والتفريط في المال العام، والإهمال في أداء واجبات وظيفته، حيث تم فصل جزء آخر من التهم وتم إحالته إلى المحكمة الإدارية. وساق المدعي العام 10 أدلة وقرائن لإدانة المتهم في مخالفاتٍ منسوبة إليه أمام المحكمة الجزئية، وتضمنت القرائن عدداً من الأدلة أبرزها، إقرار المتهم بوقوع تقصيرٍ من جانبه، وما تضمَّنه تقرير إدارة الدِّفاع المدنيِّ، إضافةً إلى ما وَرَدَ في محضر الاطّلاع على الصور، والبيانات المحفوظة على وحدة التخزين «CD»، الوارد بخطاب أمانة جدة، ومحضر الانتقال، ومعاينة موقع الكارثة بتاريخ 16/1/1431، ومحضر وقوف لجنة الأمانة، وهي ما استند عليه الادعاء العام. وسبق أن برأت هيئة الرقابة والتحقيق في منطقة مكةالمكرمة ثمانية متهمين في الكارثة بينهم وكيل أمانة جدة للتعمير والمشاريع، ومساعد وكيل التعمير للخدمات المساندة في الأمانة، فيما قررت إحالة أحد المتهمين وهو مشرف على أحد عقود الأمانة إلى المحكمة الإدارية لمحاكمته عما نسب إليه من تلقيه رشوة، والاستمرار في منع السفر لاثنين من المتهمين أحدهما من الجنسية اللبنانية والآخر أوروبي الجنسية، ويعملان في جدة. وسجلت محاكمات المتهمين في «الكارثة» جلسات عدة منذ أشهر تم الفصل في أحدها يوم أمس، فيما لا يزال عددٌ من الملفات تحت نظر القضاء، فيما أبلغ رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام في محافظة جدة المكلف سعد الميموني المحكمة الجزئية في المحافظة أن الأوامر التي صدرت حول التوقيف والإفراج بحق متهمي كارثة السيول سيكون البت فيها من اختصاص المحكمة. وأوضح في خطاب إحالة قضايا المتهمين والذي وجهه إلى رئيس المحكمة الجزئية إبراهيم السلامة بشأن المتهمين «مطلقي السراح» أن الإفراج عنهم أو إيداعهم السجن يعود للمحكمة عملاً بمقتضى المادة 123 من نظام الإجراءات الجزائية، مشيراً إلى أن لوائح الدعوى العامة المقامة ضد المتهمين والتي تمت إحالتها إلى المحكمة مشتملة على الأوامر التي صدرت حول التوقيف والإفراج والتي سيكون من اختصاص المحكمة.