رئيس مصر يؤكد ضرورة بدء إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه    الإعلام الإيطالي يتحدث عن عرض الهلال لإنزاغي.. وموقف مدرب إنتر ميلان    استعدادا للحج.. الداخلية تعلن إجراءات المحافظة على سلامة ضيوف الرحمن    حج 1446 الأخير في فصل الصيف لمدة 16 عاما    تحت رعاية ولي العهد.. انطلاق مؤتمر مبادرة القدرات البشرية غدا    الصحة تدعو للمشاركة في أكبر فعالية مشي تُقام بالمملكة    بتنظيم من وزارة التعليم "زين السعودية" الراعي الرقمي للمعرض الدولي للتعليم (EDGEx)    جمهور الاتحاد يصنع المجد وينافس نفسه!    الراجحي يتعرض لحادث في رالي باها الأردن    انطلاق فعاليات معرض الشرق الأوسط للدواجن بنسخته الرابعة الاثنين المقبل بالرياض    "المنافذ الجمركية" تسجّل أكثر من 890 حالة ضبط خلال أسبوع    القبض على 27 لتهريبهم 405 كيلوجرامات من "القات"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. جائزة الملك فيصل تكرّم بعد غدٍ الفائزين بها لعام 2025    وفد البرلمان العربي يزور مكتبة البيروني في طشقند    الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يؤكّد استمرار دعم الاتحادات الوطنية والإقليمية    المؤتمر الصحفي لانطلاق الملتقى العالمي للورد الطائفي    ضبط (18669) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل في مناطق المملكة خلال أسبوع    تجمع صحي دولي في أبوظبي يبحث تحديات الصحة العالمية    جيسوس لا يستسلم: فارق ال 7 نقاط ليس كبيرًا    تشكيل النصر المتوقع أمام الرياض    فريق صُنّاع التميز التطوعي ينفذ مبادرة "عساكم من عوّادة" بالتعاون مع جمعية الإعاقة السمعية في جازان    دعوى أمريكية تطعن في عقوبات ترامب على المدعي العام للجنائية الدولية    "فيفا" يطرح تذاكر إضافية لمباريات كأس العالم للأندية في أمريكا    انطلاق فعاليات مؤتمر القصيم الأول لطب الأسرة    البيت الأبيض يعترف بصعوبة التفاوض على صفقات تجارية متعددة    انزلاق طائرة بعد هبوطها واصطدامها بسور مطار فاس في وسط المغرب    اتحاد القدم يختتم دورة المحاضرين في الرياض بحضور 33 محاضراً ومحاضرة    FreeArc سماعات بخطافات للأذن    أمين عام غرفة جازان: تتويج الغرفة بجائزة التميز المؤسسي ثمرة سنوات من التحديات والتطوير    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    هرمون التستوستيرون عند النساء    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    في الخبر.."جوازك إلى العالم" تنطلق بالثقافة السودانية    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    كنوزنا المخبوءة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتفاضات والنموذج اللبنانيّ
نشر في الحياة يوم 14 - 01 - 2012

مع اندلاع الانتفاضات العربيّة ظهر ميل لبنانيّ واسع إلى تسخيف النفس واعتبار لبنان «بلداً بلا معنى». وكان ما يزكّي هذا الميل أنّ الطبقة السياسيّة اللبنانيّة «بلا معنى» فعلاً، إلاّ أنّ الخواء الذي استُنتج من خوائها ثمّ جرى تعميمه يفيض عن واقع الحال ويتعدّاه.
كانت حماسات واندفاعات كثيرة تقيم وراء هذا التسخيف الواسع. إحدى الحماسات قديمة المصدر تتحدّث عن «استحقاق» الوطن بالدم والتضحيات والانتفاضات. فإن لم تكن هناك قدرة على إشعال انتفاضة انتفى كلّ معنى للبلد ولم يعد يرادفه إلاّ السخف المحض.
وهذه الحساسيّة فاتها أنّ الوطن بوصفه استحقاقاً نضاليّاً إنّما تضرب جذرها في الفكر الاستبداديّ والتقديسيّ، إذ الوطن مكان للعيش والتعايش بين أفراد ينظّم القانون علاقاتهم، لا أكثر من ذلك ولا أقدس. لكنّ الأمر الآخر الذي فاتها أنّ الانتفاضات تحصل اضطراراً لا اختياراً: ذاك أنّ النظام المستبدّ يغلق كلّ احتمال سياسيّ للتغيير فيغدو الانتفاض عملاً مشروعاً ومطلوباً. على أنّ ما هو أفضل من ذلك هو ألاّ يحصل ذلك، أي ألاّ يقوم استبداد يستدعي، في المقابل، انتفاضاً.
وفي لبنان هناك من علامات القصور والتأخّر الكثير، إلاّ أنّ الاستبداد الحاكم ليس واحداً منها. وهذه ليست، بطبيعة الحال، دعوة إلى الرضا عن النفس، إلاّ أنّها دعوة للتمعّن في التركيبة الطائفيّة بأوجهها جميعاً. وهنا يقع الخطأ الأكبر للمتشوّقين إلى انتفاضة في لبنان ممّن تحبطهم حيلولة الطوائف دونها. ذاك أنّ زعماء الطوائف لا يفرضون أنفسهم على طوائفهم بالمعنى الذي فرض معمّر القذّافي وبشّار الأسد نفسيهما على الشعبين الليبيّ والسوريّ. إنّهم (ويمكن أن نضيف للأسف إذا شئنا) زعماء شعبيّون، بمعنى أنّ طوائفهم تريدهم زعماء لها، فإذا ما تجاوزتهم تجاوزتهم إلى مَن هم أكثر تشدّداً في تمثيلها.
يقال هذا للتوكيد على أهميّة المجتمع، قياساً بضآلة أهميّة الدولة، في التركيبة اللبنانيّة. وهذا الواقع من دون أن يعفي من النواقص والعيوب الكثيرة، بما فيها العيش الدائم على تخوم حرب أهليّة، يُخرج مسألة الاستبداد من التداول والنقاش السياسيّين.
لكنّ النزاهة تقتضي القول إنّ الانتفاضات العربيّة لم تبرهن على سخافة لبنان بقدر ما برهنت على طليعيّته. فإذا صحّ أنّ المسألة الأساس هنا هي مركزيّة الاجتماع، صحّ أيضاً أنّ المسألة الأساس في البلدان المنتفضة هي معس الاجتماع لصالح الدولة. وإذ يتسنّى للانتفاضات الراهنة أن تعطي الاجتماع هيئة وشكلاً، يتبيّن كم أنّ «اللبننة» حالة شاملة تطلّ من تحت أنقاض الكبت المديد في سائر العالم العربيّ.
فمن السودان إلى العراق، ومن ليبيا إلى البحرين، هناك لبنانات لا تُحصى، كانت أهميّة لبنان أنّه الوحيد بينها الذي اعترف بوجودها وحاول، بأقدار متفاوتة من النجاح، تنظيم اشتغالها. وأغلب الظنّ أنّ الكثير من الاستبداد الذي عرفناه في العراق وسوريّة وغيرهما نجم عن الرغبة «القوميّة» في تفادي الاعتراف بهذا الواقع اللبنانيّ المختبئ في تلك المجتمعات. وفي المقابل، فأحد أبرز أسباب انتهاء النموذج اللبنانيّ إلى ما انتهى إليه هو أنّ اللبنانيّين، أو بعضهم، اشتهوا لأنفسهم أنظمة الاستبداد المجاورة، قبل أن يشتهوا لأنفسهم الانتفاض المجاور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.