تصاعد الخلاف بين الحكومة المدنية والمؤسسة العسكرية في باكستان، بعد اتهام رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، في تصريحات أدلى بها الى صحيفة صينية وترافقت مع زيارة رئيس الأركان الجنرال اشفق كياني لبكين، قادة الجيش بتجاوز صلاحياتهم للدفع بتحقيق تجريه المحكمة العليا في «فضيحة المذكرة» (ميموغيت). وتحرج «الفضيحة» إسلام آباد إذ تدقق المحكمة في مزاعم عن ارسال سفيرها السابق لدى واشنطن حسين حقاني، بأمر من الرئيس آصف علي زرداري، رسالة الى الجيش الأميركي لطلب مساعدته في منع الجيش الباكستاني من تنفيذ انقلاب. ورد الجيش الباكستاني بتحذير جيلاني من «عواقب مؤلمة لتصريحاته». وشدد في بيان على أن «المسألة جدية، إذ لا يمكن ان تصدر تصريحات اخطر من اتهام رئيس الأركان الجنرال كياني ومدير جهاز الاستخبارات العسكرية شجاع باشا بانتهاك الدستور». ترافق ذلك مع إعلان رئيس الوزراء إقالة وكيل وزارة الدفاع الجنرال خالد نديم لودهي بحجة «سوء سلوكه واتخاذ إجراء غير قانوني نجم عنه سوء فهم بين مؤسسات الدولة، تمثل في ايصاله رد قائد الجيش ومدير الاستخبارات العسكرية إلى المحكمة العليا من دون الرجوع الى الحكومة، أو الاكتفاء بردها على المذكرة» التي شكلت نقطة خلاف بارز بين القيادتين المدنية والعسكرية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وفيما عيّن جيلاني مسؤولة من «حزب الشعب» وكيلة لوزارة الدفاع، ما جعلها أول مدني يتسلم هذا المنصب، استبدل الجنرال كياني قائد اللواء 111 الخاص، المكلف حماية إسلام آباد، والذي نفذ كل الانقلابات العسكرية سابقاً. واختار كياني ضابطاً متحدراً من إقليم السند، فيما بدأت القيادة العسكرية سلسلة اجتماعات لدرس الأوضاع في البلاد. وتواجه الحكومة أيضاً طلباً من المحكمة العليا لتبرير تخلفها أو تباطؤها في فتح كل ملفات قضايا الفساد التي أسقطها قانون الرئيس السابق برويز مشرف للمصالحة الوطنية، ضد جيلاني والرئيس زرداري ومسؤولي «حزب الشعب» الحاكم. وأمهلت المحكمة الحكومة حتى الاثنين المقبل لتطبيق قرارات القضاء بفتح الملفات، قبل أن يعلن زرداري في مقابلة تلفزيونية أن «حزب الشعب» قرر عدم التزام قرارات المحكمة، التي ردت بإعلان ان «هذا التصرف من رئيس حزب ورئيس وزراء ووزير للعدل يظهر ولاءهم للحزب وقراراته أكثر من ولائهم للدولة ومسؤولياتهم الدستورية». ويرجح أن يدعم الجيش والمعارضة قرارات المحكمة لزيادة الضغط على الحكومة، ما يعزز توقعات بإمكان سعي زرداري إلى ايجاد مخرج عبر الاستقالة ومغادرة البلاد، في مقابل وقف أي ملاحقة قانونية له ولأركان حزبه، وهو ما لمّح اليه زرداري في اجتماعات عقدها مع أركان حزبه خلال اليومين الماضيين.