تسارعت الأحداث في باكستان مرجحة قرب سقوط الحكومة الحالية بقرار من المؤسسة القضائية، بعد اتهام المحكمة العليا رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ب «ازدراء» قرارها عام 2009 إعادة فتح كل قضايا الفساد التي شملها قانون العفو العام الذي اصدره الرئيس السابق برويز مشرف عام 2007 باسم المصالحة الوطنية. وشمل العفو 8 آلاف شخص بينهم الرئيس آصف علي زرداري وزوجته بينظير بوتو اللذين لاحقتها السلطات بتهم تحويل اموال لدى تولي بوتو رئاسة الحكومة وتعيين زرداري وزيراً. وطالبت المحكمة جيلاني بالمثول أمامها الخميس من اجل الرد على اسئلتها في موضوع عدم التزام حكومته قرارها، علماً ان إدانته بازدارء القضاء سيُسقط حكومته من دون حل البرلمان، وسيمنعه من الترشح لأي منصب عام طيلة حياته مع التأثير على شعبية «حزب الشعب» الحاكم الذي ينتمي إليه. وبعد ذلك عقد التحالف الحاكم لقاءً لكتلته البرلمانية في ديوان رئاسة الوزراء في حضور الرئيس آصف علي زرداري. ودعا المجتمعون رئيس الحكومة الى المثول أمام المحكمة العليا وعدم المضي في سياسة المواجهة مع القضاء، علماً ان الحكومة تعاني من ضغوط المؤسسة العسكرية في شأن المذكرة المزموعة التي ارسلها السفير الباكستاني السابق لدى واشنطن حسين حقاني بتوجيه من الرئيس زرداري للجيش الأميركية من اجل طلب مساعدته في اطاحة قائد الجيش الجنرال اشفق كياني ومدير الاستخبارات شجاع باشا. وحاول زرداري احتواء ضغوط القيادة العسكرية عبر استدعاء رئيس هيئة الأركان الباكستانية المشتركة الجنرال خالد شميم واين، علماً ان الجنرال كياني يطالب جيلاني بالاعتذار عن اتهامه مع مدير الاستخبارات بتجاوز الدستور والقانون في توجيه رد مباشر للمحكمة العليا من دون العودة للحكومة على المذكرة المرسلة الى الإدارة الأميركية والتي ينفي السفير السابق حقاني انه ارسلها. ورفض رئيس الوزراء الاعتذار، مؤكداً انه مسؤول أمام البرلمان و «ليس أمام شخص لا علاقة له بالسياسة» في اشارة الى الجنرال كياني، في وقت يبدو ان الحزب الحاكم والرئيس يحولان حصر كل الخلافات مع القضاء والجيش في رئيس الوزراء. وعلمت «الحياة» أن دولاً تبذل جهوداً لمنع سقوط الحكومة الباكستانية الحالية، وان السفارتين الأميركية والبريطانية تجريان اتصالات مع المؤسسة العسكرية وأحزاب التحالف الحاكم، فيما بدأت سفارتان عربيتان في إسلام أباد بذل جهود للتقريب بين المؤسسة العسكرية والرئاسة، ونجحت إحدى السفارات العربية، بحسب مصادر، في عقد لقاء بين قائد الجيش وممثلين للرئاسة من اجل تخفيف حدة التوتر. وباتت الحكومة الباكستانية تدرك خطورة موقفها من القضاء، حيث أشار وزير العدل مولا بخش جانديو إلى أن الرد على القضاء سيحصل بعد التشاور مع مجموعة خبراء قانونيين مقربين من الحكومة، واصفاً استدعاء رئيس الوزراء للمثول أمام المحكمة العليا بأنه ليس امراً سهلاً، فيما طالب حلفاء «حزب الشعب» بالتريث والامتثال لقرارات المحكمة، خصوصاً ان حزب «الرابطة جناح قائد أعظم» وحركة المهاجرين القومية، لا تزال تربطهما خيوط قوية بالمؤسسة العسكرية، وقد يلجآن إلى فض تحالفهما مع «حزب الشعب» ما يفقده الغالبية في البرلمان، ويؤدي إلى سقوط الحكومة والدعوة الى انتخابات مبكرة، وهو ما يجهد «حزب الشعب» لتفاديه خشية خسارته، كما يتوقع. زعيم «طالبان باكستان» على صعيد آخر، نفت حركة «طالبان باكستان» مزاعم أميركية عن مقتل زعيمها حكيم الله محسود في غارة شنتها طائرات أميركية بلا طيار على قرية دوغا باقليم شمال وزيرستان (شمال غرب) الأسبوع الماضي. وقال عصمت الله عاصم الناطق باسم محسود إن «الأخير لم يتواجد في المنطقة لدى حصول الغارة»، علماً ان المزاعم الأميركية استندت الى مكالمات رصدتها الاستخبارات الباكستانية في مناطق القبائل بين أنصار محسود تفيد بأنه قتل في غارة، لكن اي مسؤول أميركي لم يؤكد صحة الرواية.