تحتاج الحكومة المغربية الجديدة، التي يرأسها عبدالإله بن كيران، أسبوعاً إضافياً على الأقل لإعداد برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي ستعرضه على مجلس النواب لمنحها الثقة، قبل طرح مشروع موازنة العام الجاري للمناقشة والتصديق، وهي الآلية المالية الضرورية لتنفيذ البرنامج الحكومي. وشدّد بن كيران على ضرورة عرض برنامج حيازة الثقة على المجلس الوزاري للتصديق عليه قبل عرضه على البرلمان لاحقاً وتضمينه اقتراحات الأحزاب الأربعة المشاركة في الحكومة التي يقودها "حزب العدالة والتنمية" الذي كان وعد بزيادة النمو إلى سبعة في المئة من الناتج المحلي، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف درهم (344 دولار) شهرياً. وأفادت مصادر مطلعة أن الأزمة الاقتصادية في دول منطقة اليورو، وتأخّر سقوط الأمطار لإنقاذ الموسم الزراعي في البلاد، واحتمال ارتفاع أسعار الطاقة بسبب التوترات بين الغرب وإيران، إضافة إلى تداعيات الربيع العربي، كلها عوامل غير مساعدة اقتصادياً، قد تدفع الحكومة إلى تعديل توقعاتها للنمو هذه السنة إلى ما دون خمسة في المئة. ويُعتبر معدل النمو الاقتصادي من المواضيع الأكثر جدلاً في المغرب بسبب خلاف الأحزاب السياسية حول الحجم المطلوب لمواجهة أزمة البطالة وتجاوز على مشاكل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. المساءلة والمحاسبة وأشارت مصادر حكومية إلى أنها قد تحقق نقطتين إضافيتين في النمو خلال السنوات المقبلة عبر محاربة الفساد واقتصاد الريع والرشوة والمحسوبية، وإطلاق الحوكمة المالية والمساءلة والمحاسبة على صرف النفقات العامة، بما يضمن تعزيز الرقابة وتحسين مناخ الأعمال الذي يساعد في جلب الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بمعدل النصف مقارنة بمستواها قبل ثلاث سنوات بسبب الأزمة المالية الأوروبية، في حين يُتوقع أن تبلغ نحو أربعة بلايين دولار هذه السنة. ويعتقد محللون أن المغرب يحتاج إلى معدلات مرتفعة تصل إلى ثمانية في المئة لمواجهة الزيادة السكانية ودخول نحو 300 ألف شخص سنوياً إلى سوق العمل، ولتقليص الفوارق بين المدن والأرياف، وبين الأغنياء والفقراء، في حين تميل بعض الدراسات إلى التأكيد أن النمو الاقتصادي لا يؤدي حُكماً إلى إيجاد وظائف كافية للشباب، بل يجب على الحكومة بذل جهد إضافي للتغلب على بطالة الشباب المقدّرة بمليون شخص من أصل 11 مليون عامل. وكان مشروع موازنة 2012 اقترح توظيف 25 ألف من حملة الشهادات الجامعية، وربما أقدمت الحكومة الجديدة على رفع العدد لتهدئة احتجاج الشباب على صيغة الزيادة في الأجور التي طبقتها الحكومة السابقة بقيمة 11 بليون درهم العام الماضي، ما زاد في عجز الموازنة. ويمثّل تأخير التصديق على مشروع الموازنة إلى نهاية شباط (فبراير) المقبل أو بداية آذار (مارس) عنصراً غير مساعد لبرامج شركات القطاع الخاص التي عليها ضبط استثماراتها مع مشاريع الحكومة وحجم الإنفاق المرتقب في القطاع العام. وتواجه الموازنة عجزاً يقدّر ب 4.5 في المئة من الناتج المحلي، سيجب عليها تمويله من سوق المال المحلية. وكانت حكومة تصريف الأعمال السابقة وقعت الأسبوع الماضي قانون صرف النفقات الإدارية بما قيمته نحو 171 بليون درهم لتأمين عمل مرافق الدولة إلى حين إقرار موازنة جديدة، وهي الخطوة الثانية من نوعها منذ العام 1998.