لطالما شكّل الكومبيوتر الكمومي Quantum Computer، حلماً لخبراء المعلوماتية. يفترض أنه يعمل وفق قوانين الفيزياء الكمومية التي وضعها علماء مثل ماكس بلانك وإرفنغ شرودنغر في عشرينات القرن الماضي. ترفض الفيزياء الكمومية القول ان الضوء هو السرعة الأعلى كونياً، وهو أساس فيزياء النسبية عند آلبرت إينشتاين. وترى أن هناك إمكاناً لتحريك الأشياء بسرعة تفوق الضوء كثيراً. ويتعامل الكومبيوتر العادي بمعالجة نبضات إلكترونية يُشار إليها برقمي صفر وواحد، ترتبط بمكوّنات أساسية في الذرّة. يرمز الواحد إلى حال مرور تيار من الإلكترونات، والصفر الى توقف السريان، ما يعني أنهما حالان متناقضتان. في المقابل، يُتوقع أن يستخدم الكومبيوتر الكمومي جزيئات أصغر من مكوّنات الذرّة، ما يعطيه إمكان الإشارة الى رمزي صفر وواحد في الوقت نفسه، وهو شيء ترى الفيزياء النسبية أنه مستحيل كلياً. يطلق العلماء إسم «كيوبت» Qubit على تلك النبضة التي تستطيع ان تجمع حالين متناقضين (صفر وواحد) معاً. إضافة إلى ذلك، قد ترمز سلسلة من ال «كيوبت» في هذا الوضع الغريب إلى التركيبات المحتملة التي قد تتأتى من واحد وصفر، كلها ومعاً. وبقول آخر، يستطيع في اللحظة عينها أن يعالج مجموعة كبيرة من المعطيات، التي تتطلب إحصاء مطوّلاً بالنسبة للكومبيوتر التقليدي. إلا أن هذه المقاربة للحوسبة الكمومية، التي تُدعى «نموذج البوابة» The Gate Model، يرافقها كثير من المشاكل العملية التي لم يستطع العلماء استنباط حلول لها حتى الآن، خصوصاً لجهة الحفاظ على الحال الأولى التي تستقبل فيها هذه المعطيات معاً في الكومبيوتر الكمومي، ما يُعرف باسم «الحال الأولية». سلك بعض باحثي الكومبيوتر الكمومي أخيراً، طريقاً عُرف باسم «دي-وايف» D-Wave، كي يجروا تجربة ضمن منهجية يُشار إليها باسم «الحوسبة الكمومية العشوائية» Idiopathic Quantum Computing. واستعملوا مجموعة خامدة من ال «كيوبت»، التي تعاملوا معها عبر معدّات تحتوي حلقات من موصلات فائقة تستطيع نقل التيار في اتجاه واحد أو في الاتجاه المعاكس أو في الاتجاهين معاً في الوقت نفسه. ثم وضعوا هذه الحلقات عند مستوى للطاقة شديد التدني. العشوائية منقذاً! في شباط (فبراير) 2007، أحدثت «دي-وايف» مفاجأة عندما تمكنت آلاتها المُكوّنة من 16 كيوبت من حلّ مجموعة من الأحجيات كانت مستعصية على الحواسيب التقليدية، مثل تحديد مقاعد ضيوف حول طاولة من دون أن يتجاور أشخاص لا يحب بعضهم بعضاً. إلا أن كثيرين من العلماء أبدوا شكوكاً جدية حيال حقيقة هذا الكومبيوتر الكمومي، على حدّ قول ويم فان دام، وهو عالم كومبيوتر نظري في جامعة «سانتا باربرا» بولاية كاليفورنيا. وكذلك أظهرت بيانات جديدة أن مجموعة ال»كيوبت» في الرقاقات يمكن أن تصل إلى مستوى الطاقة الكمومي الأدنى بشكل ميكانيكي، بحسب ما أفاد به باحثون في «دي-وايف» في مجلة «نايشتر» أخيراً. وبدأ عالم الفيزياء مارك جونسون وزملاؤه تجارب على كيوبت واحد، موجود في رقاقة أنتجوها تحتوي 128 كيوبت. ويمكن التيار في الحلقة أن يسير باتجاه عقارب الساعة أو عكسها، مع الإشارة الى أن هاتين الحالتين تشكّلان انخفاضين في مواقع الطاقة المتدنية جداً. وبواسط ضبط ال «كيوبت» وحقل مغناطيسي، سوف يتمكن الباحثون من زيادة ارتفاع الفارق بين هاتين الحالتين، كما يستطيعون أيضاً تغيير درجات الحرارة، وهي مصدر التقلبات الحرارية المزعجة. ولم تظهر نتائج هذه التجربة بعد. عن مجلة «ساينس تو داي»