أوضح عدد من المثقفين السعوديين، بمناسبة قرب انعقاد ملتقى المثقفين السعوديين الثاني، أن الملتقى لا يمثلهم، مؤكدين صدمتهم من البرنامج الثقافي الذي سينفذ طوال الأربعة أيام، مدة الملتقى، الذي يقام في مركز الملك فهد الثقافي. وقال هؤلاء ل «الحياة» إن الملتقى يمثل آخرين غير معنيين بالثقافة، فهو يكرس التنظير بعيداً عن العمل. وقال الكاتب والقاص محمد ربيع الغامدي: هناك أسماء كبيرة ولامعة ستقود أطروحات الملتقى الثاني، «لكنها ستجعل الملتقى برمته ضمن دائرة التنظير، ومع أن التنظير في حد ذاته يصنّف ضمن الإيجابيات في ملتقيات كبرى كهذا الملتقى، إلا أنه يفتقر لتجربة الميدانيين العاملين مباشرة في شتى محاضن الثقافة، وهم الفئة الذين كان نصيبهم هو الأدنى من مساحة الجلسات». وأضاف: «سبع سنين مضت على عقد الملتقى الأول، وهذه ايجابية حتى وإن تأخرت، وعلى رغم التقارب الواضح بين فعاليات الملتقى الأول وفعاليات الملتقى الثاني، إلا أن هناك بعض الصياغات الجديدة التي قد تمنح الملتقي الثاني توهجاً أفضل». وأشار إلى أن اختتام الملتقى بعرض مسرحي، «يعد علامة فارقة في تاريخ مؤتمراتنا الأدبية وملتقياتنا الثقافية، فمنذ مؤتمر الأدباء السعوديين الأول (1394ه ) الذي اختتم بعرض مسرحي سبق عصره لم نشهد اختتاماً فنياً يماثله في بقية المناسبات التي جاءت بعده». وقال الغامدي: «ننتظر أن يكون هذا العرض فاتحة خير للحفاوة اللائقة بافتتاح مؤتمراتنا الثقافية والأدبية واختتامها. في جميع الحالات تبقى قلوبنا مع هذا الملتقى، نعلق عليه الكثير من الآمال عسى أن يستدرك ما فات عن فطنة الملتقى الأول، لقد كنا يومها نمتلك فرقة موسيقية تابعة للإذاعة والتلفزيون وكنا نعتقد أننا بعد الملتقى الأول على أبواب امتلاك أوركسترا ملكية، فلم نظفر بتلك الأوركسترا ولم نحافظ على الفرقة». أما الشاعر حزام العتيبي فأبدى عدم رضاه عن برنامج الملتقى، إذ قال إن الخلل «في ما تسمى الهيئة الاستشارية الثقافية»، مشيراً إلى خلو البرنامج من الأدب والشعر والثقافة، موضحاً أن ذلك «ليس غريباً على وضعنا الثقافي المنتكس، فنحن دائماً نأتي بالعجائب». ويصف الروائي محمد المزيني خطوة عدم فتح المجال للجميع للمشاركة وتخصيص أسماء معينة للمشاركة من دون غيرها، بأنها «مفاجأة الملتقى الأولى. «كنت قد أسميته ملتقى المهمشين وإذ به ملتقى النجوم، إلا انه قد تحقق ما كنت أتوقعه من أن هذا الملتقى لن يكون للمبدعين والأدباء فيه أدنى دور، ولكن ليس بهذا التخصيص الذي نحاهم جانباً أو تجاهلهم نهائياً. فهو لا يعنيهم البتة»، مؤكداً على أن خلو برنامج الملتقى من جلسات تعنى بالأدب (شعر، قصة، رواية) «لهو دلالة كافية على أن الملتقى موجه للنجوم ولاعلاقة للأدباء به». وسخر المزيني من اكتساح المتخصصين، وليس المثقفين، لجلسات الملتقى. وقال إن هذا الملتقى، «ربما هو ملتقى تحضيري لعدد من المؤتمرات الكبيرة في السياسة والإدارة والفنون والمكتبات». وقال الشاعر زكي الصديري: «كنت أنتظر وأنا أطالع جدول الفعاليات للملتقى الذي جاء في توقيت سريع، وبخطوات متعجلة، أن أجد محوراً خاصاً يعنى بتشكيل اتحاد للكتاب والأدباء السعوديين يكون مظلة مدنية لهم، تقيهم أذى المطر وهواجر الصحراء، ومن خلاله من الممكن –لاحقاً- معالجة جميع القضايا التي تأتي الآن على طاولة الوزير»، مبدياً استغرابه «أن المنظمين والاستشاريين قاموا مبكراً بالتنظيم للملتقى بآلية انتقائية، أقصت المثقفين تماماً من الحلقات النقاشية ببدائل سياسية وأكاديمية متخصصة، ليس لها علاقة مساس مباشرة بالحدث الثقافي الذي يفترض فيه أن يكون حراً وغير منتمٍ للمعطيات السياسية والاقتصادية التي أوجدته!». وأشار إلى أنه لا يدري «كم من المدعوين من المثقفين الألف مهتم بالقضايا التنموية هذه، وكم منهم على دراية بالمنتج التنموي العالمي تجاه متعلّقات المكتبات والتقنية الحديثة، وما لها وماعليها من أرقام وإحصاءات، لها دورها الأكيد في الصناعة الثقافية الأكاديمية والمدرسية. أكاد أجزم أن هذا الملتقى لن يذهب إلى مكان بعيد، وستراوح دوائره وسط توصيات لا تمت للمثقفين بصلة».