3 حيل لغسل الأموال في سوق العقار    السعودية تتصدر الخليج في مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي    9% النمو السنوي بالوظائف اللوجستية    النصر يتغلب على الرياض بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ثنائية رونالدو تهدي النصر الفوز على الرياض    المملكة توزّع 416 سلة غذائية في مديرية المنصورة بمحافظة عدن    تحت رعاية خادم الحرمين.. تكريم الفائزين بجائزة الملك فيصل.. غداً    رئيس البرازيل السابق بولسونارو ربما يحتاج لجراحة جديدة    ضبط إثيوبي في جازان لترويجه (8) كجم "حشيش"    العالمي يقترب من الوصافة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    الإرهاب الإسرائيلي يعزل رفح ويتوسع عسكريا في غزة    محادثات أمريكية إيرانية تعيد فتح باب التفاوض النووي    الجابون تنتخب رئيسا جديدا في أول اقتراع منذ انقلاب 2023    سعود بن نهار يطلق ملتقى الورد والنباتات العطرية في نسخته الأولى    جامعة الملك خالد تستعرض ابتكاراتها في المعرض الدولي للتعليم EDGEx    طريف الأدنى في درجات الحرارة    نقاط ثمينة    ميداليتان لجامعة الباحة    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    الإعلام الإيطالي يتحدث عن عرض الهلال لإنزاغي.. وموقف مدرب إنتر ميلان    حج 1446 الأخير في فصل الصيف لمدة 16 عاما    واشنطن تقرّر إعفاء الهواتف الذكية والحواسيب من الرسوم الجمركية    الصحة تدعو للمشاركة في أكبر فعالية مشي تُقام بالمملكة    تحت رعاية ولي العهد.. انطلاق مؤتمر مبادرة القدرات البشرية بنسخته الثانية غدًا في الرياض    الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يؤكّد استمرار دعم الاتحادات الوطنية والإقليمية    الراجحي يتعرض لحادث في رالي باها الأردن    وفد البرلمان العربي يزور مكتبة البيروني في طشقند    "المنافذ الجمركية" تسجّل أكثر من 890 حالة ضبط خلال أسبوع    فريق صُنّاع التميز التطوعي ينفذ مبادرة "عساكم من عوّادة" بالتعاون مع جمعية الإعاقة السمعية في جازان    دعوى أمريكية تطعن في عقوبات ترامب على المدعي العام للجنائية الدولية    "فيفا" يطرح تذاكر إضافية لمباريات كأس العالم للأندية في أمريكا    انطلاق فعاليات مؤتمر القصيم الأول لطب الأسرة    انزلاق طائرة بعد هبوطها واصطدامها بسور مطار فاس في وسط المغرب    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    هرمون التستوستيرون عند النساء    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    في الخبر.."جوازك إلى العالم" تنطلق بالثقافة السودانية    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    كنوزنا المخبوءة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    حين يتصدع السقف    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتفاق الأوروبي للانضباط المالي أفضل الممكن
نشر في الحياة يوم 15 - 12 - 2011

على رغم معارضة بريطانيا للاتفاق الجديد بين الدول الأوروبية، خطت أوروبا في الاتجاه الصحيح لمعالجة مشكلاتها المزمنة مع الديون ومع سياسات الإنفاق غير الواقعية التي أتبعت خلال السنوات الماضية. وأكدت الملاحظات والدراسات التي أجريت في منطقة اليورو، أن الوحدة النقدية بموجب شروط «اتفاق ماسترخت»، لن تكون فاعلة من دون توحيد السياسات المالية.
ومن أهم شروط المعاهدة التي اعتمدَت في تسعينات القرن الماضي بعد مفاوضات مضنية، تحديد مستوى العجز في الموازنة الحكومية لأي من الدول الأعضاء بما لا يزيد على ثلاثة في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي. لكن هذا الشرط لم يحترَم وفاقت نسبة الدَين في اليونان 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تسعة في المئة في البرتغال. لذلك كان لا بد لكثير من هذه البلدان التي استدانت لتمويل العجز في موازناتها، أن تواجه صعوبات في تسديد خدمة تلك الديون المهمة والتي تجاوزت قيمتها على مدى السنوات الماضية أكثر من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي حال اليونان بلغت 160 في المئة.
لا شك في أن تلك الديون هي إنتاج لأنماط معيشية واستهلاكية غير منضبطة لا تتوافق مع القدرات الحقيقية لتلك البلدان، التي عندما انضوت تحت لواء اليورو لم تستطع أن تتواءم مع شروط معاهدة الوحدة النقدية، إذ إن السياسات المالية ظلت تخضع لسيادة كل دولة على حدة، من دون الالتزام بمقاييس الاتحاد الأوروبي الذي لا يستطيع أن يتدخل في صياغة تلك السياسات المالية وتفاصيلها.
وبعد مفاوضات مضنية وطويلة توافق القادة الأوروبيون في التاسع من الجاري، على مجموعة من القرارات التي يمكن أن تؤدي إلى ضبط أفضل للسياسات المالية لهذه البلدان. وكان الألمان والفرنسيون خصوصاً، يأملون في الحصول على موافقة بلدان الاتحاد الأوروبي ال 27، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون أبى إلا أن يتحفظ ويستخدم حق الفيتو. لذلك يصبح الاتفاق ملزماً فقط للدول ال 17 الأعضاء في نظام الوحدة النقدية.
أراد كامرون ميزات للنظام المصرفي البريطاني وأنظمة الخدمات المالية لكنه قوبل بالرفض من الألمان خصوصاً، ولم يتمكن من تأمين هذه الميزات. وظلت بريطانيا خارج السرب، وهي دولة لم تنتمِ أصلاً لمنظومة اليورو. وبدا الاتفاق الجديد وكأنه من صياغة الألمان الذين تكبدوا كثيراً من الأعباء المالية من أجل المحافظة على نظام اليورو وحمايته من الانهيار.
أراد الألمان، منذ عهد المستشار الألماني السابق هلموت كول قبل عقدَين، أن يكون هناك انضباط في السياسات المالية يعزز الاستقرار النقدي في منطقة اليورو. ماذا يعني ذلك؟ ثبت من خلال تجارب السنوات الماضية أن من الصعب الحفاظ على الاستقرار في الأسواق إذا استمرت كل دولة في منطقة اليورو تحدد سياساتها المالية وعناصر الإنفاق من دون العودة إلى مرجعية أوروبية توضح لها المعايير والأسس التي يجب أن تحدد فيها مخصصات الإنفاق وحجمه. وأدى غياب تلك الضوابط إلى شطط وإسراف في الإنفاق، خصوصاً في ما يتعلق بالمخصصات الاجتماعية.
ونظراً إلى محدودية الإيرادات الضريبية سجلت موازنات البلدان الأعضاء. كذلك أدت هذه السياسات التي سمحت بإصدار سندات وأذون الدَين والتمول من النظام المصرفي إلى تهديد كثير من المصارف ودفعها باتجاه الانكشاف غير المقبول وتكبد خسائر فادحة في نتائجها. وبات عليها أن تعيد النظر في هياكلها المالية وتزيد من رؤوس أموالها بما يتفق مع الشروط الحازمة ل «بازل 3».
يمثل هذا الاتفاق، إذاً، عودة إلى العقلانية ويمكّن سلطات الاتحاد الأوروبي من فرض رقابة صارمة على الإنفاق الحكومي في البلدان الأعضاء. كما يسمح في الأجل المنظور، بمتابعة السياسات المالية التي وافقت عليها بلدان تواجه مصاعب مع الديون مثل اليونان وإرلندا والبرتغال وإيطاليا وربما إسبانيا، ومدى التزامها بالسياسات التقشفية الهادفة للحد من الإنفاق من أجل مواجهة الالتزامات والحد من نسبة الدَين إلى الناتج المحلي الإجمالي. وربما يسمَح للمصرف المركزي الأوروبي بشراء سندات دَين من السوق لدعم الأوضاع المالية في البلدان المضطربة اقتصادياً.
لا شك في أن حجم الديون التي تتحملها الحكومات في البلدان الأوروبية كبير بدرجة مقلقة، كما أن على الحكومات في منطقة اليورو دفع التزامات قد تصل إلى 1.1 تريليون يورو خلال العام المقبل. وكذلك، فإن المصارف الأوروبية ستواجه دفع التزامات قد تصل إلى 490 بليون يورو في الشهور المقبلة، ما يزيد الضغوط عليها. وكان لا بد من أن تفرض هذه الحقائق والاحتمالات والالتزامات، التحرك الذي قادته ألمانيا وفرنسا من أجل الوصول إلى اتفاق أكثر صرامة ويزيد الالتزامات السياسية والمالية على البلدان المعنية في أوروبا.
أدى انضمام كثير من البلدان إلى الاتحاد الأوروبي ثم إلى اتفاق الوحدة النقدية، إلى كشف كثير من الاختلالات التي تعانيها تلك البلدان وتراخي أنظمتها المالية والنقدية، وربما تتمكن هذه البلدان من تعديل أوضاعها ومعالجة مشكلاتها الهيكلية بعد تطبيق بنود هذا الاتفاق وتزايد أعداد الدول الملتزمة به. لكن، واضح أن بلدان اليورو قررت عدم التراجع عن العملة الموحدة مهما كانت التكاليف السياسية والمالية، فالعودة إلى الوراء ستزيد مصاعب كل دولة على حدة، كما أن التشابك في المصالح الاقتصادية بين هذه البلدان يدفعها إلى القبول بتعديل سياساتها المالية والالتزام بنموذج موحد للإنفاق.
* كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - الكويت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.