الصحة تؤكد أهمية التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل أداء العمرة    الكويت في يومها الوطني ال 64.. نهضة شاملة تؤطرها "رؤية 2035"    هل تستضيف أنقرة لقاء بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وسورية؟    فعاليات متنوعة احتفالًا بذكرى يوم التأسيس في الخرج    اليابان تسجل عجزًا رقميًا قياسيًا    طقس بارد مع فرص لصقيع ورياح في عدة مناطق    وزير الصحة يبدأ زيارة رسمية إلى إندونيسيا    زيادة تناول الكالسيوم تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم    بحث التعاون البرلماني بين الشورى السعودي والنواب الإيطالي    أمانة الرياض تباشر تركيب لوحات أسماء الأئمة والملوك في 15 ميداناً    سلال غذائية سعودية للنازحين بالسودان.. وعمليات قلب للمرضى في أوزبكستان    بنزيما ورونالدو يتنافسان على صدارة «هداف روشن»    يتناول ملفات مهمة للتوافق على خارطة طريق لمسارات المستقبل .. الحوار الوطني ينطلق بآمال السوريين في التغيير والإصلاح    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    في جولة" يوم التأسيس" ال 23 من دوري" يلو".. قمة تجمع الحزم ونيوم.. ونشوة الطائي تهدد البكيرية    آل نصفان يهدي السعودية لقب بطولة ألمانيا للاسكواش    "العريفي" تشارك في اجتماع تنفيذي اللجان الأولمبية الخليجية في الكويت    "السعودية لإعادة التمويل" تدرج صكوكاً دولية    زياد يحتفل بعقد قرانه    كشافة شباب مكة تقلد محمود (المنديل والباج)    الطباطيبي يزفون عصام وهناء    شهد 29 اتفاقية تنموية.. 50 مليار ريال فرصاً استثمارية بمنتدى الأحساء    ضيوف منتدى الإعلام يزورون "مكان التاريخ"    ملتقى الأحباب يجمع الأطباء والطيارين    الدبابات تدخل الضفة للمرة الأولى منذ 23 عامًا.. ووزير جيش الاحتلال: إخلاء مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس ومنع عودة سكانها    شدد على رفض أطروحات التهجير عربيًا ودوليًا.. أبو الغيط: لن يُسمح بتعرض الفلسطينيين لنكبة ثانية أو تصفية قضيتهم    مختبر ووهان الصيني.. «كورونا» جديد في الخفافيش    "غينيس" توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى يوم التأسيس في قصر الحكم    السعودية تستضيف النسخة ال 27 لبطولة مجلس التعاون الخليجي للجولف في جدة    مسيرات الحب في ذكرى يوم التأسيس    برعاية الملك منتدى دولي لاستكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية    أنشيلوتي يتغنى بسحر مودريتش    الجامعة العربية: محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه مرفوضة    أمير الرياض يرعى احتفال الهيئة الملكية والإمارة بذكرى «يوم التأسيس»    الدار أسسها كريم ٍ ومحمود    ماذا تعني البداية؟    88% نموا بالتسهيلات الممنوحة للشركات    «غينيس» توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى «يوم التأسيس» في قصر الحكم    يوم التأسيس.. يوم التأكيد    ماذا يعني هبوط أحُد والأنصار ؟    محمد بن زقر في ذمة الله !    الأمر بالمعروف في جازان تحتفي "بيوم التأسيس" وتنشر عددًا من المحتويات التوعوية    الاتحاد على عرش الصدارة    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة العنود بنت محمد    إحباط تهريب 525 كجم من القات    القبض على مقيم لسطوه على منازل وسلب مصوغات ذهبية وبيعها على آخر    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    هيئة الهلال الأحمر بنجران ‏تشارك في احتفالات يوم التأسيس 2025    وادي الدواسر تحتفي ب "يوم التأسيس"    آل برناوي يحتفلون بزواج إدريس    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر إقتصادية - الديون السيادية وأعباؤها
نشر في الحياة يوم 17 - 03 - 2011

لا بد أن الاقتصاديين يتذكرون مسألة الديون السيادية التي استعصت على بلدان عديدة خلال ثمانينات القرن الماضي وجعلتها في أوضاع قريبة من الإعسار والإفلاس. كانت معظم دول أميركا اللاتينية والدول الأفريقية والعديد من بلدان أوروبا الشرقية تعاني من حالات عجز تجاه خدمة الديون التي اقترضتها من مصارف البلدان الرأسمالية المتقدمة أو من المؤسسات المالية الدولية مثل المصرف الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما. وأدت أزمة الديون السيادية تلك إلى تطوير آليات الإشراف والتدخل من قبل المؤسسات الدائنة لمعالجة الأوضاع المالية والاقتصادية في البلدان المدَينة. ونشأت بموجب تلك التدخلات آليات للإصلاح الاقتصادي وبرامج لإعادة الهيكلة الاقتصادية ومعالجة اختلالات المالية العامة في العديد من تلك البلدان، ومنها بلدان عربية. ومعلوم أن العديد من البلدان المدَينة آنذاك، كانت تتبع أنظمة اقتصادية شمولية أو تعمل بموجب أنظمة الاقتصاد الموجه، ولذلك واجهت محاولات الإصلاح، مقاومة شرسة من الجهات البيروقراطية. لكن البلدان المدَينة اضطرت إلى اتباع وصفات الإصلاح التي تقدمت بها المؤسسات الدائنة، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي كي تحصل على تمويلات جديدة أو تتمتع بإعادة جدولة مريحة لأقساط القروض والفوائد عليها.
وإذا كانت مسألة الديون السيادية أدت إلى إصلاحات هيكلية في الدول المدَينة آنذاك، في أميركا اللاتينية وشرق أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، فإن أزمة الديون الراهنة تتعلق بالبلدان الأوروبية. فكيف يمكن الإصلاح؟ معلوم أن البلدان التي تعاني مشاكل الديون هي بلدان اعتمدت أنظمة مالية حكومية ترتفع فيها المساهمات الاجتماعية، مثل الرعاية الصحية وتعويضات البطالة وأعباء التعاقد ومسؤوليات التعليم. وتزايدت أعباء هذه المساهمات على مدى السنوات والعقود الماضية حتى باتت تمثل نسبة مهمة من مخصصات الموازنات الحكومية في بلدان مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإرلندا وبريطانيا.
ونظراً إلى تزايد الإنفاق الحكومي وتضاؤل إيرادات الضريبة، توجهت تلك الحكومات إلى سياسات تمويل العجز من طريق الاقتراض المفرط ما رفع مستويات المديونية إلى حدود قياسية. وتشير أحدث الأرقام أن الدَين الحكومي في اليونان قد فاق 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما قاربت النسبة 115 في المئة في كل من إيطاليا وإرلندا و90 في المئة في فرنسا والبرتغال.
يُضاف إلى ذلك أن هذه البلدان هي بلدان أعضاء في منطقة اليورو، وكان يجب أن تلتزم معايير الوحدة النقدية وشروطها بحيث لا تزيد نسبة العجز في الموازنة عن ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن النسب فاقت ذلك بكثير وقاربت 13 في المئة في اليونان وتسعة في المئة في إرلندا.
وتبنت الدول التي واجهت ضائقة مالية مثل اليونان وإرلندا برامج مالية تقشفية أوقعتها في مشاكل سياسية محلية مع النقابات وأصحاب المعاشات التقاعدية وفئات اجتماعية واسعة. بل إن الأزمة دفعت إلى حل البرلمان في إرلندا وقيام حكومة جديدة. وثمة بلدان أوروبية حاولت أن تتفادى الوقوع في الأزمة وبادرت إلى معالجات جراحية مبكرة، مثل ما أقدمت عليه حكومة المحافظين والأحرار في بريطانيا من عمليات خفض في البرامج الإنفاقية، خصوصاً تلك ذات الطابع الاجتماعي، مثل خفض مخصصات التعليم والرعاية الصحية والاستغناء عن أعداد متزايدة من العاملين في المؤسسات العامة والحكومية. ولا بد أن تؤدي أزمة الديون السيادية أو الحكومية، إلى انقلاب في المفاهيم السياسية الحاكمة في الأوساط السياسية في هذه البلدان الأساسية. وقد تكون هناك مصاعب في تطوير المفاهيم الجديدة المبنية على خفض الإنفاق وتقليص الالتزامات الاجتماعية حيث ترتفع معدلات البطالة في هذه البلدان، وتصل إلى 10 في المئة من إجمالي قوة العمل في البلدان المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي. كذلك تواجه البلدان المعنية التزامات التقاعد نظراً إلى المتغيرات الديموغرافية وارتفاع أعداد كبار السن وانخفاض معدلات المواليد. وأمام البلدان الأوروبية تحديات على صعيد التوسع في النشاطات الاقتصادية بعدما فقد كثير منها الميزات النسبية في قطاعات صناعية لمصلحة الاقتصادات الناشئة بما يعطل من القدرات على إيجاد فرص عمل في القطاع الخاص. لكن لا بد من تحقيق الإصلاحات مهما ارتفعت التكاليف الاجتماعية والسياسية، فعملية الإصلاح المالي انطلقت ولن تتوقف، وربما تؤدي إلى صياغة حقائق اقتصادية جديدة في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي.
بيد أن المشاكل الراهنة قد تستغرق وقتاً مهماً قبل التحرر منها. وفي مقابل ذلك تواجه ألمانيا هذه المشاكل بانزعاج شديد إذ أن اقتصادها وماليتها العامة تتحملان جزءاً مهماً من تكاليف المعالجات والحلول في منطقة اليورو بما يعرض الحكومة إلى انتقادات مستمرة من الأوساط الشعبية والتي ترى بأن الألمان يدفعون تكاليف الممارسات غير المسؤولة لغيرهم من الأوروبيين. وستحاول ألمانيا في الاجتماع المقرر عقده لقادة دول الاتحاد الأوروبي في 24 و25 آذار (مارس) الجاري أن تحدد حلولاً نهائية وطويلة الأجل للأزمة الاقتصادية الراهنة. وربما تشمل هذه الحلول مواجهة مشاكل المصارف الأوروبية التي أصبحت مكشوفة تجاه المدَينين من الحكومات الأوروبية ومدى قدرة هذه المصارف على إعادة رسملة أوضاعها في شكل ناجع ومتوافق مع الشروط والمعايير المعتمدة بموجب أنظمة «بازل 3». ويتعين على القادة أن يحددوا اتجاهات واقعية ومطمئنة للأسواق إذ لا تزال عمليات تقويم سندات الدَين متأرجحة، كما أن سعر صرف اليورو تضرر بفعل هذه المشاكل. ومما يثير القلق لدى الأوروبيين أيضاً، مؤشر التضخم الذي أخذ في الارتفاع خلال الأسابيع الماضية نتيجة لارتفاع أسعار النفط الخام وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بما يثير إمكانية مراجعة السياسة النقدية بما قد يؤدي إلى رفع سعر الحسم إلى مستوى يزيد من مصاعب الانتعاش الاقتصادي. غير أن هذه الحقائق والمعطيات لا يمكن أن تعطل مسيرة الإصلاح المالي في هذه البلدان إذا أرادت الحكومات أن تعزز من وحدتها الاقتصادية ونموذجها النقدي.
* كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - الكويت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.