فوجئ منسوبو مركز حرس الحدود في شاطئ نصف القمر، أخيراً، بسيدة سعودية في العقد السابع من العمر، تدخل عليهم المركز برفقة أولادها، لتهديهم صندوقاً أثرياً، كان يستخدم لحفظ الذهب، عرفاناً منها لدورهم في إنقاذها، فيما كانت تصارع الموت بين أمواج الشاطئ.لم يقبل رجال حرس الحدود الصندوق، ولكنهم شكروا السيدة على مبادرتها، مبينين لها أن ما قاموا به «واجباً» عليهم. وكانت السيدة تقوم بنزهة إلى الشاطئ برفقة أولادها، الذين أرادوا تدليلها، والترفيه عنها، فرفعوها على لوحٍ من الفلين، لتستمتع بأجواء البحر. لكنها لم تستطع السيطرة على نفسها، وأوشكت على الغرق. فيما استطاع فريق حرس الحدود إنقاذها في أسرع وقت. وإذا كانت هذه السيدة قدمت صندوق الذهب، فإن ناجياً آخر، أهدى منقذيه من رجال حرس الحدود، بعيراً استبشاراً بعودته إلى الحياة سالماً. وأيضاً لم يقبلوا الهدية، وأعادوه له أيضاً، مبدين سعادتهم بسروره. ولو قبل رجال حرس الحدود الهديتين السابقتين، وما يصلهم من هدايا من ناجين من الموت غرقاً، فربما لن يجدوا مكاناً لإيداعها فيه، لكثرة حالات الإنقاذ. وقال الناطق الإعلامي في قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية العميد محمد سعد الغامدي، في تصريح ل «الحياة»: «إن إحصاءات السنوات الخمس الأخيرة، أثبتت نجاح حرس الحدود في الكثير من عمليات الإنقاذ، وفي شكلٍ ملموس وواضح». وفصلّ أن «العام 1427ه، أسفر عن 35 حالة وفاة، مقابل إنقاذ 353 غريقاً. وشهد العام التالي وفاة 28، مقابل 824 تم إنقاذهم. أما في العام 1429ه فتوفي 30 شخصاً، مقابل إنقاذ 407، وانخفض عدد المتوفين في العام الذي يليه إلى 13، مقابل 344 تم إنقاذهم. أما العام الماضي، ففارق الحياة خمسة أشخاص، بينما تم إنقاذ 176 آخرين». ويعايش منقذو حرس الحدود، مواقف «عصيبة»، لا تفقدهم التركيز، للمبادرة سريعاً لإنقاذ الغرقى. فيما يخيم عليهم الحزن، في حال فارق الغريق الحياة، قبل أن يتمكنوا من الوصول إليه. ويستحضر الغامدي، واقعة حدثت العام الماضي، «شهدنا حالة غرق لطفلة تبلغ من العمر سنة ونيف. فبينما كان الأب مع طفلته الصغيرة في وسط البحر، وهي محاطة بطوقٍ من البلاستيك، انشغل عنها لبرهة مع أطفاله الآخرين، الأكبر سناً. لكن تلك الثواني كانت كفيلة لتسقط وتفارق الحياة، على رغم محاولة الأب إنقاذها، قبل حضور دوريات حرس الحدود». وحادثة أخرى كان مسرحها شاطئ مدينة الجبيل، العام قبل الماضي، إذ «ذهب الأب ليشتري العشاء، ونزل أحد أبنائه إلى البحر، فحاولت الأم وإحدى قريباتها إنقاذه، ولم تستطيعا، فتم استدعاء دورية حرس الحدود، التي تمكنت من إنقاذ الولد. فيما فارقت السيدتان الحياة». وأشار إلى أن أصغر حالات الغرق، خلال العام الماضي، «كانت لطفل يبلغ من العمر 8 أشهر، والأكبر كان رجلاً عمره 75 سنة». بيد أن حوادث الشواطئ لا تقتصر على الغرق، فهناك حالات الانتحار، إذ شهد العام الماضي، حالة انتحار واحدة لعاملة آسيوية. واعتبر الناطق الإعلامي في حرس الحدود، عدم تعاون بعض مرتادي الشواطئ مع نصائحهم «أهم المعوقات» التي يواجهها حرس الحدود، وبخاصة فئة الشباب، الذين «يصرون على السباحة في مناطق ممنوعة، إضافة إلى إهمال بعض الأسر لأطفالهم، وتركهم قرب الشواطئ من دون رقابة عليهم، وعدم تعاون بعض أرباب الأسر، حين يصرون على ركوب جميع أفراد عائلتهم قوارب الإيجار. فيما لا تحوي بعض هذه القوارب أدوات السلامة. أو أن سعتها لا تتحمل عدد العائلة»، مبيناً أهم أسباب الغرق، «السباحة في مناطق خطرة، على رغم وجود لوحات إرشادية توضح ذلك، والمجازفة بالسباحة بعيداً عن الشاطئ، والتأخر في إبلاغ حرس الحدود عن حادثة الغرق، وعدم الدراية بكيفية عمل الإسعافات الأولية في حال الغرق».