هو موضوع لقي إقبالاً في فترة ما، لا سيما مع مسلسل رأفت الهجان، فثمة ما يجذب في أفلام الجاسوسية أو مسلسلاتها. لعله الإعجاب أو الانبهار بصفات البطولة والتحدي وعدم تهيب الأخطار التي تتجسد في البطل - الجاسوس. الجمهور يعجب بهؤلاء، شرط أن يكونوا من صفّه بالطبع. وحين يتطرق عمل إلى الصراع العربي - الإسرائيلي، وبالتحديد المصري – الإسرائيلي الذي قدم إلى الآن ثلاثة أبطال كان أولهم رأفت الهجان وآخرهم عابد كرمان، فسيكون على موعد مع جمهور عريض. يعتمد هذا النوع من المسلسلات على الخوارق والمعجزات، ويبدو البطل الجاسوس أشد ذكاء وأكثر تدبراً من الخصوم بحيث يضعهم كلهم في «جيبه»، ولا يخرج «عابد كرمان» عن هذه الصورة. المسلسل تعرضه «قناة دبي» وهو من سيناريو بشير الديك وإخراج نادر جلال، ومأخوذ عن رواية «كنت صديقاً لدايان» لماهر عبد الحميد، ويذكر تعريف المحطة به أنه شاب من عرب 1948 يحمل الجنسية الإسرائيلية، تعاون مع جهاز الاستخبارات المصري وتمكن من تكوين علاقة صداقة مع وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه دايان. تدور أحداث العمل خلال فترة حرب الاستنزاف، وقد صور في دول عدة منها فرنسا وسويسرا وسورية واليونان وفلسطين. وكان مقررا ل «عابد كرمان» العرض في رمضان العام الفائت تحت العنوان الأصلي للرواية، بيد أن ملاحظات عليه من الاستخبارات المصرية ومنها شرط تغيير العنوان، أجلت ذلك إلى رمضان الماضي. وها هو يعرض اليوم على أساس أنه قصة خيالية كما تشير المقدمة! يقوم بدور البطولة السوري تيم حسن، ترافقه مجموعة من الممثلين المصريين أبرزهم إبراهيم يسري الذي يؤدي دور ضابط الاستخبارات المصري. يتسم الجميع بأداء باهت مصطنع يعود الفضل فيه للإخراج. ويسيطر الافتعال على المواقف بحيث تبدو كل شخصية على انفصال تام عن بقية الشخصيات وكأنها وحدها على مسرح الحدث تقوم بأداء ما عليها من دون تفاعل مع الآخر، فلا تشعر بهذا الرابط بينها (عابد وأمه، الأم والخالة...)، ما انعكس على وحدة العمل والجو العام فيه، فبدا بارداً بعيداً من الإقناع. ويقدم المسلسل صورة تقليدية «سخيفة» للإسرائيلي اليهودي، فهو «بالتأكيد» شره للمال لدرجة تجعله مستعداً لكل شيء من أجله (مضيفة الطيران، صاحب مصنع الحلاوة). فيما يبدو عابد، الشخصية الرئيسة، ظريفاً محبوباً تتهاوى أمامه كل جميلات العالم، في إسرائيل بخاصة حيث تقدم هؤلاء في صورة منمطة أيضاً، فالخفة الأخلاقية لهن «متعارف عليها». اعتمدت اللهجة المصرية للجميع حتى للشخصيات الفرنسية، التي كانت تتنقل، من دون أدنى تبرير درامي، بين العربية المكسرة أي لهجة الخواجات، وبين النطق بجمل فرنسية كاملة بين حين وآخر! هذا عدا التفاصيل الصغيرة من ديكور وأزياء التي لو بدأنا بالتطرق إليها لما انتهينا والتي جعلت من المشاهد صوراً جامدة لا حياة فيها.