مسلسل «حرب الجواسيس» من أهم المسلسلات التي تعرض في شهر رمضان، وهو يروي قصة صحافية مصرية تجندها الاستخبارات المصرية لكشف شبكة عملاء الموساد الإسرائيلي في أوروبا، خلال مرحلة حرب الاستنزاف التي تلت هزيمة، أو «نكسة» حرب الأيام الستة في حزيران (يونيو) 1967. المسلسل مأخوذ عن رواية «ساميه فهمي» للراحل صالح مرسي، ورغم انه سبق تقديم الرواية في فيلم بعنوان «مهمة في تل أبيب»، إلا ان المسلسل خدمها في شكل أفضل، لكن، رغم تميز «حرب الجواسيس» وتنوع شخصياته، وثراء مشاهده، فهو عانى من سطحية الحوار، وضعف أداء بعض الممثلين، فضلاً عن انه وقع ضحية المقارنة مع مسلسل «رأفت الهجان»، الذي أصبح عملاً «كلاسيكياً» تاريخياً بكل معنى الكلمة، ورفع سقف الأعمال الدرامية التي تتناول نشاطات التجسس والجواسيس، وقامت بأدواره مجموعة فريدة من الممثلين المصريين، يندر تكرارها، بالكثافة والانسجام نفسيهما، في عمل آخر، ولذا، شكل الهجان تحدياً حقيقياً لكل مخرج يريد ان يدخل هذا النوع من الدراما. لكن، يبقى أن مسلسل «حرب الجواسيس» أشبه بفيلم سينمائي من حيث الإثارة والإتقان والثراء والإبهار. الناقد المصري طارق الشناوي أشار في تصريح الى ان هذا النوع من المسلسلات يجد إقبالاً بسبب «الغضب الذي يملأنا تجاه إسرائيل». كلام الشناوي صحيح، فهذه المشاعر بطاقة مرور سريع لهذه الأعمال، ومع ذلك لا يشكل هذا النوع من الأعمال نسبة تذكر في عدد المسلسلات العربية التي تنتج سنوياً، رغم أهميتها السياسية. ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن تأثير مسلسل مثل «رأفت الهجان» أو «حرب الجواسيس»، افضل من تأثير ألف تظاهرة وعشرات آلاف المقالات التي تندد بوحشية إسرائيل وعدوانيتها، فضلاً عن أن الحرب النفسية، التي لم يبق لنا سواها، سلاح فعال ومجرب، والدراما أهم وسائلها. الأكيد أن زيادة عدد المسلسلات التي تتناول الصراع العربي - الإسرائيلي تحتاج الى قصص وروايات ومواقف حقيقية، وملفات أجهزة الاستخبارات في بعض الدول العربية، والمنظمات الفلسطينية حافلة بقصص تستحق ان تروى، وهناك قصص كثيرة منشورة جديرة بأن تتحول الى مسلسلات وأعمال درامية، مثل كتاب «الصندوق الأسود» لغسان شربل، وغيره من الكتب التي تروي مذكرات المناضلين الفلسطينيين في مرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.