توليتم مسؤولية الخدمات الصحية في حائل منذ فترة قصيرة... هل هناك حراك لتطوير ودعم الخدمات الصحية، خدمة للمرضى؟ وكيف ترون ذلك؟ - أود في البداية أن أوضح حقيقة علمية واقتصادية مهمة، وهي أن الخدمات الصحية على مستوى العالم كله تعتبر الأكثر كلفة بين الخدمات، وعلى رغم ذلك تبذل وزارة الصحة أقصى جهد لتواكب أحدث المنجزات الطبية، وترضي تطلعات المواطنين. ومن جهة أخرى أقول إنه لا يحق لي من الناحية الأخلاقية على الأقل أن أحكم على عمل من سبقوني، فكل منهم بذل جهده في حدود الإمكانات المتاحة له، سواء على مستواه الشخصي أم على مستوى ظروف العمل. كل ما أستطيع قوله هو أن الخدمات الصحية في منطقة حائل عانت بعض الشيء، وأعد بأن نعمل بكل همة لتطوير هذه الخدمات، واستكمال الحاجات المطلوبة، حتى يمكننا تقديم الخدمة الصحية التي يطمح إليها المواطنون. وبدأنا بالفعل في ترتيب الخدمات الصحية من الداخل، وتفعيل كل ما هو متاح، والتعرف على الحاجات والمشكلات، ووضع أولويات لحلها وفق آلية علمية محددة، تستفيد من كل مخصصات المنطقة، والسعي لزيادة هذه المخصصات. تخلو منطقة حائل من المراكز الطبية المتخصصة مثل مركز لطب وجراحة القلب، ومركز للأورام... فهل توجد لديكم خطة لدعم المنطقة بمثل هذه الخدمات؟ - المراكز الطبية المتخصصة من المواضيع ذات الأبعاد المتعددة، ومنطقة حائل لا تخلو تماماً منها فلدينا مركز طب الأسنان، ولدينا مركز الدكتور الرشيد للعيون، ومركز الشيخ المعجل للعلاج الطبيعي والسكري، ولدينا مراكز الغسيل الكلوي والتنقية الدموية، ومركز رعاية الأطفال المصابين بتحلل الجلد الفقاعي الموجود في مبنى مستقل داخل مستشفى النساء والولادة. وعموماً الوضع ليس سيئاً كما يعتقده بعض الناس، ولكن مشكلة المراكز المتخصصة من وجهة نظري لها أكثر من بعد. البعد الأول خاص بحق المريض في العلاج، وهذا حق لا نستطيع أن نتدخل فيه، ولكن واجبنا أن نساعده بتوفير الخدمة في أقرب موقع يمكنه الوصول إليه، والبعد الثاني والمهم يتعلق بطبيعة ومستوى الخدمات الصحية المتوافرة في منطقة حائل، فجزء مهم من مسؤولية إدارة الخدمات هو إدارة موارد هذا المرفق الاقتصادية لتحقيق الاستفادة القصوى من المواد. ولمواجهة هذا الوضع هناك برامج تعاون مع المؤسسات العلمية والطبية المتخصصة في مختلف مناطق المملكة، لمساعدة المرضى المحتاجين إلى خدمات هذه المراكز. ولا أذيع سراً حين أقول إن جهوداً حثيثة يرعاها أمير منطقة حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن لإقامة مركز متخصص لطب وجراحة القلب، ويدعمه أحد كبار رجال الخير في المملكة، ونأمل بأن تثمر هذه الجهود، ويخرج هذا المركز المتخصص في طب وجراحة القلب للنور قريباً، مع ملاحظة أن مستشفى حائل التخصصي ستضم غالبية الحاجات من التخصصات الطبية الدقيقة والنادرة. هل تعتقدون بأن أعداد الأسرة في مستشفيات حائل، تفي بالحاجة الفعلية للمنطقة؟ - تضع وزارة الصحة معايير لأعداد الأسرّة في المناطق، طبقاً للكثافة السكانية، وهناك نظام للتوزيع الجغرافي لهذه الأسرّة داخل المناطق. في إحدى المراحل كانت «حائل» من أقل مناطق المملكة حظاً من حيث أعداد الأسرة مقارنة بمعايير وزارة الصحة نفسها، لكن الجهود التي أسهمت وتسهم في حل مشكلة الأسرّة، ومن أبرزها من دون شك مشروع مستشفي حائل التخصصي بسعة 500 سرير، الذي تبذل الآن جهوداً كبيرة لتحريكه حتى يرى النور، وتوسعة مستشفى النساء والولادة 100 سرير، وبرج الأطفال الجديد في مستشفى النساء والولادة بسعة 200 سريراً، ومستشفى الصحة النفسية 200 سرير، ومستشفى الشنان 50 سريراً، ومستشفى الغزالة 50 سريراً، ومستشفى موقق 50 سريراً، ومستشفى الحائط 50 سريراً، وتطوير مستشفى الشملي 50 سريراً، وتطوير مستشفى السليمي 50 سريراً، فيصبح إجمالي عدد الأسرة المضافة للخدمة الصحية في منطقة حائل بزيادة تقارب 300 في المئة عما كانت عليه من قبل، لكن وجود مشكلات أدت إلى تعثر هذه المشاريع خلال فترة معينة لم يجعل الناس تشعر بهذه الإضافات، وهذه المشكلات بعضها تم حله، وبعضها الآخر في طريق الحل. يشكو المراجعون للخدمات الصحية في منطقة حائل من الأخطاء الطبية، وهناك قضايا عدة لمواطنين تضرروا من هذه الأخطاء سواء في المرافق الحكومية أم القطاع الخاص... هل لديكم خطة لمواجهتها؟ - أولاً أحب أن أميز بين شيئين بينهما فارق كبير، وإن ظهرا متشابهين، وهما الخطأ الطبي، والمضاعفات الطبية، فالخطأ الطبي ناتج من ممارسة مهنية غير صحيحة أو دقيقة، نتج منها ضرر صحي يستلزم محاسبة المسؤول عن حدوثه، والمضاعفات هي نتائج متوقعة كرد فعل لجسم المريض من إجراء معين، حيث تختلف ردود فعل الأفراد تجاه التدخل الواحد، واستجابة كل جسم لا تشبه غيره من الأجسام، وهذه المضاعفات متوقعة ومحسوبة وغير مسؤول عنها الطبيب وهيئة التمريض، لأنها قدر من أقدار الله لا يمكن دفعه. ونأمل بألا يتم تعميم وجود خطأ طبي على جميع الممارسات الطبية، مع العلم أنه في الممارسة الطبية قد توجد أخطاء لكن المهم حجم الضرر الناتج من هذا الخطأ، وهل يشكّل خطورة صحية للمتضرر أم لا، كذلك ما عدد هذه الأخطاء بالنسبة إلى حجم العمل وما هو التحليل الإحصائي العلمي لرصد هذه الأخطاء، وهل هي ظاهرة عامة واضحة في كل القطاعات الصحية الخاصة والحكومية، أو أنها مجرد حالات فردية؟ إذ يجب أن نعرف أن الممارسة الطبية في كل دول العالم ممارسة مهنية إنسانية عرضة لوقوع أخطاء، وقد تندهش حين تعلم عدد الأخطاء الطبية في دول العالم. وأنا من موقعي هنا أؤكد أنه من حق المواطن أن يبحث عن الحقيقة، وأن يحصل على حقوقه ولا يسكت عن الخطأ، ومن المؤكد وجود بعض الأخطاء منها البسيط الذي ينتهي بالتوجيه، ومنه ما يتخذ حياله إجراء نظامي، ونحن نعمل على تقليص ظاهرة الأخطاء سواء الطبية أم الإدارية، ونتعامل مع الشكاوى التي تقدم لنا عن الأخطاء سواء في القطاع الحكومي أم الخاص بمنتهى الجدية، فتدرس لجنة المخالفات الطبية الشكاوى، وتحيل تلك التي لا يمكنها البت فيها إلى اللجنة الطبية الشرعية بالقصيم لإصدار القرارات النظامية بحق المخطئ. يعتبر الطب النفسي من الخدمات الطبية الحيوية في العصر الحديث، حيث تشكل الأمراض النفسية مشكلات صحية في كل بلدان العالم، وعلى رغم ذلك يعتبر المرض النفسي في مجتمعنا وصمة اجتماعية... كيف يمكننا مواجهة ذلك والتغلب عليه؟ - هذا السؤال له أكثر من شق، الأول: يتعلق بانتشار الأمراض النفسية، فنسبة انتشارها في مختلف دول العالم طبقاً للإحصاءات العالمية تتراوح بين 20 و25 في المئة من الحالات المرضية، إذا تم حسابها كاضطرابات نفسية، وتصل نسبة الأعراض المرضية النفسية إلى 70 في المئة، حين يتم حسابها على أنها أعراض فقط وليست أمراضاً. من هنا نستطيع أن نقول - وبمنتهى الوضوح - إن النظرة إلى المرض النفسي كوصمة اجتماعية هي نظرة خاطئة، وسبب ذلك الجهل بالمرض النفسي وطبيعته، وللأسف تشارك بعض وسائل الإعلام في تصوير كل مريض نفسي على أنه مختل عقلياً؛ على رغم أن المصابين بالمرض العقلي أي (الذهان) لا تتجاوز نسبتهم بين المرضى النفسيين 1 في المئة، وبقية الحالات لا تتجاوز كونها نتاج رد فعل للضغوط الحياتية مثل الاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم. وهنا أحب أن أوضح أن الاضطرابات النفسية هي أمراض عضوية وليست عقلية، وهي ناتجة عن تغيير في بعض المواد الكيماوية في المخ، والتي يمكن للطبيب علاجها، وبالتالي يشفى المريض منها. كما أريد أن أوضح أن النظرة للمرض النفسي كوصمة اجتماعية لا تحدث فقط في مجتمعنا السعودي، بل ينظر للمرض النفسي بالطريقة نفسها في غالبية دول العالم؛ باستثناء عدد محدود من الدول الغربية التي تجاوزت بوعيها الصحي هذه الرؤية، والحل من وجهة نظري هو الوعي والتوعية الصحية بطبيعة المرض النفسي، وتفعيل برنامج الرعاية الصحية النفسية الأولية.