فرنكفورت - أ ف ب - ينهي رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه ثماني سنوات من ولايته في هذا المركز المهم اليوم، وسط أزمة تمرّ فيها منطقة اليورو، التي دعاها مراراً إلى «تعزيز بنيتها السياسية». وقال هذا المدافع المتحمس للبناء الأوروبي، الذي سيخلفه الإيطالي ماريو دراغي، في جلسة أخيرة للاستماع إليه في البرلمان الأوروبي: «إننا في صلب أخطر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية». وبدت هذه التصريحات محاولة أخيرة لدفع المسؤولين السياسيين، إلى التحرك وإيجاد السبل للخروج من الأزمة بعدما تأخروا في تقدير خطورتها. وسمحت القمة الأخيرة، بانتزاع بعض التقدم خصوصاً مع قرار تعزيز صندوق الإنقاذ الأوروبي وضبط الموازنة. وستنظم قمم لمنطقة اليورو لتحسين الإدارة الرشيدة، وهو مطلب كرره المصرف المركزي الأوروبي الذي تبدو مهمته شائكة في حماية العملة المشتركة بين 17 دولة عضو ذات سيادة ومتباينة بمواقفها. ولم يألُ المدير السابق للخزينة الفرنسية رئيس مصرف فرنسا المركزي في السنوات الأربع الأخيرة، والذي يبلغ 69 عاماً في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، جهداً لمساعدة مصارف المنطقة والسعي إلى تحصين الاقتصاد. كبح معدلات الفوائد ولفت الخبير الاقتصادي في «دويتشه بنك» جيل موك، إلى أن «مؤسسة فرنكفورت التي كانت لا تزال ورشة لدى وصوله عام 2003، اتخذت وبدفع منه منذ آب (أغسطس) عام 2007 مع بدايات أزمة المال، تدابير استثنائية لتفادي توقف السيولة لدى المصارف»، مبدياً «أكبر مقدار من السرعة والبصيرة من الاحتياط الفيديرالي الأميركي». وصودق على قرار تحت إشرافه أيضاً كان من المحرمات، لشراء الديون السيادية في ربيع عام 2010، في مسعى إلى كبح ارتفاع معدلات فوائد الاقتراض اليونانية. وأدى هذا القرار إلى انتقاد المصرف خصوصاً من الجانب الألماني. ورد تريشيه أخيراً على ذلك، مؤكداً «محاولة البقاء حذرين بقدر ما يمكن، لكن إنكار خطورة الأزمة خطأ كبير». واعتبر الخبير الاقتصادي في مصرف «برينبيرغ»، أن «منطقة اليورو كانت مهددة بالتفتت من دون شراء الديون». فيما أشاد الاقتصادي برونو كافالييه لدى مؤسسة الوساطة «اودو سيكيوريتيز»، ببراغماتية تريشيه». ورأى مدير معهد الأبحاث الاقتصادية «بروغل» جان بيساني - فيري، أن «ذلك يتعلق بالسلطة الشخصية» لمَن كان من مؤسسي اليورو، و«يركز تفكيره على المصلحة العامة للمنطقة في وجه قادة أوروبيين يميلون إلى النظر إلى مصلحتهم الوطنية». ولدى هذا الرجل صاحب الخطاب المتزن القدرة أيضاً على التعبير بغضب عن مواقفه، إذ طالب بمديح حصيلته «الممتازة» في وجه الانتقادات الألمانية، في شأن التضخم الذي استقر في ظل ولايته على 2.02 في المئة، أي «أفضل» مما فعله البنك المركزي الألماني. ورأى الاقتصادي بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل، أن «هاجس» التضخم والتشدد هو على حساب النمو والشعوب التي ستتظاهر من الآن وصاعداً حتى أمام أبواب البنك المركزي الأوروبي. ورد تريشيه، الذي اتخذ هذا الصيف قراراً أثار الانتقاد بزيادة معدل الفائدة الرئيسة في مواجهة ارتفاع الأسعار، معتبراً أن «استقرار الأسعار أمر أساس بالنسبة إلى الأكثر ضعفاً والأكثر فقراً». ويترك تريشيه الذي بدا متعباً في الأسابيع الأخيرة، لخلفه الإيطالي دراغي أزمة يبقى حلها غير واضح المعالم، وهو أقرّ في حديث أخير إلى صحيفة «بيلد ام سونتاغ» الألمانية، بأن «الأزمة لم تنتهِ»، داعياً إلى «تطبيق دقيق وسريع» للقرارات المتخذة في قمة بروكسيل الأخيرة». لكن موك أكد أن «هذا الفرنسي يترك مصرفاً مركزياً أوروبياً، مطمئناً لدوره واستقلاله».