نستطيع أن نكون واثقين من أن الشخصين الإيرانيَين حاولا فعلاً اغتيال عادل الجبير، السفير السعودي في واشنطن. وسيشكل الأمر كارثة في مجال العلاقات العامة بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة في حال لم يكن الاتهام صحيحاً. كانت الخطة تقوم على قيام قاتلين مكسيكيين مأجورين متورطين في المؤامرة التي كلفت 1.5 مليون دولار، بتفجير مطعم في واشنطن يقصده السفير السعودي بانتظام. وكان التفجير سيتسبب بمقتل أشخاص آخرين كثيرين في المطعم. وكان يتم الإعداد لتنفيذ سلسلة من الهجمات الإرهابية على الأراضي الأميركية، وكانت السفارة الإسرائيلية مستهدفة هي أيضاً. وكان «فيلق القدس» وهو جزء من «الحرس الثوري»، أكثر من الاستخبارات الإيرانية، هو المسؤول، ومن المرجح أن يكون الأمر بتنفيذ هذه العملية قد صدر من طرف رفيع داخل الحكومة الإيرانية. ونفى متحدث باسم الرئيس محمود أحمدي نجاد في شدة المزاعم الأميركية، ووصفها بأنها روايات أطفال وقصص ملفقة بالكامل. إن التوتر شديد جداً في الخليج اليوم، وتأتي المشاكل في البحرين في الصدارة. وفي وقت سابق من السنة الحالية، نشر موقع «ويكيليكس» برقيات ديبلوماسية زعمت أن الحكومة السعودية حضّت الحكومة الأميركية على قطع «رأس الأفعى» عن طريق مهاجمة إيران. ولا مجال للشك أبداً في أن المؤامرة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي تزيد كثيراً من حدة التوتر في المنطقة وقد تؤدي بسرعة إلى المزيد من التطورات الخطيرة. كانت المرة الأولى التي أعلِم فيها الرئيس باراك أوباما بالمؤامرة في حزيران (يونيو). وقطع برنامجه في 11 تشرين الأول (أكتوبر) ووصف اعتقال منصور أربابسيار، وهو إيراني - أميركي يحمل جنسيتين وتم توقيفه في 28 أيلول (سبتمبر)، بأنه إنجاز مهم. وكان أربابسيار، البالغ من العمر 56 عاماً، يعمل مع السلطات الأميركية وقد اعترف بدوره الأساسي في المؤامرة. وأشار تيد بو، وهو نائب عن الحزب الجمهوري يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إلى أن الولاياتالمتحدة يجب أن «تنتقم» واعتبر أن ما حصل عمل من أعمال الحرب تم إحباطه. وهناك أميركيون كثر يشاركونه رأيه هذا. لكن روبرت مولر، مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي، اتخذ موقفاً أكثر حذراً، وكان أكثر إدراكاً أن كثيراً من فصول المؤامرة يبدو من نسج الخيال، لكنه حذر من أن تأثيرها سيكون حقيقياً وكان يمكن أن تسبب خسائر كبيرة في الأرواح. إن حالة من الشك تقوم في واشنطن حول ما إذا كان الرئيس أحمدي نجاد متورطاً شخصياً وحول المرحلة التي عرف فيها بمخطط «فيلق القدس». والاعتقاد في واشنطن أن إيران تثبت مجدداً أنه لا يمكن الوثوق بها وأن من الضروري معاملتها أكثر من قبل كدولة خارجة على القانون. لقد فُرِضَت عقوبات إضافية على إيران. وكانت واشنطن تبذل جهداً كبيراً للحصول على دعم دولي ضد إيران، وللفت الانتباه إلى أن محاولة اغتيال ديبلوماسيين في عواصم أخرى هي جريمة بالغة الخطورة. وبنظر الولاياتالمتحدة، كان الهم الأساسي على مدى سنوات هو التأكد من أن إيران لن تتحول إلى الدولة التالية في الشرق الأوسط التي تملك أسلحة نووية. وهناك إدراك كما يبدو أنه يجدر تجنب شن الهجمات على إيران كلياً إذا كان ذلك ممكناً. وفي حين أن الولاياتالمتحدة تملك نفوذاً عسكرياً في متناول اليد داخل المنطقة، فقد ترد إيران بطرق قد يصعب التحكم بها. ولا تزال الولاياتالمتحدة تملك جيوشاً ضمن قواعد في العراق، وقد تكون عرضة للميليشيات الشيعية، وطهران تدعم منذ الآن مقاتلي حركة «طالبان» ضد الجيش الأميركي في أفغانستان. وتملك المملكة العربية السعودية كل الأسباب الضرورية لتشعر بالغضب إزاء المؤامرة الإيرانية ضد سفيرها في واشنطن. وهي تتلقى تهديدات من إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979، وفي ثمانينات القرن العشرين، اختطف عملاء إيرانيون طائرات في المنطقة، وساد الظن بأنهم شنوا هجمات على المشاركين في الحج. وبالنسبة إلى إسرائيل، لم يكن خبر المؤامرة مفاجئاً، فالإسرائيليون حول العالم مستهدفون من إيران. وكما يحصل دوماً، سيسعون للحصول على موقف أكثر تشدداً من الأميركيين في شأن طهران، وسيقولون لهم إن من الضروري أن ينصب التركيز على إيران والأسلحة النووية الممكن أن تتوافر لديها. وليس مفاجئاً أن يخططوا لنوع من الانتقام من إيران. وقد يكون من المستحيل وضع حد لحملة الإرهاب العالمي التي تشنها طهران، فهي واقعة بين أيدي نظام يؤمن بالعنف. ومن المفترض أن يشكل «الحرس الثوري» الهدف الأساس لعقوبات أكثر تشدداً. ف «الحرس» متورط بالسياسات النووية الإيرانية وتصرف بوحشية في مواجهة المحتجين في إيران. كما أن «فيلق القدس»، مسؤول عن العمليات الخارجية. وهناك عدد كبير من السفن الغربية في الخليج التي وُضِعت في حالة تأهب في ظل تفاقم الخلاف الديبلوماسي ووصوله إلى مجلس الأمن. * سياسي بريطاني ونائب سابق