ليس بالضرورة أن يلدهم أو أن يتبناهم حتى يكون أباً لهم، فللأمير سلطان طرق خير عدة تمكنه من الوصول إلى قلوب كثيرين ممن يعدونه أباهم ومنقذهم، ومن أولئك «رحمة» التي اهتم بها ونقلها للعيش مع بناته، لدرجة أن لقبوها ب«دلوعة سلطان»، لكنها بعد نبأ وفاته تشعر بأن الموت اقترب منها هي ومن حولها أيضاً، فكأنما كان يحيا بحياته كثيرون. وقالت رحمة المالكي التي تعرضت لحادثة سيارة وأصيبت بشلل نصفي في صغرها: «عيناي لم تحتملا دموعي التي اشتعلت ناراً من شدة البكاء المستمر طوال الأيام الماضية حتى إنني لم أستطع النوم، وتناولت حبوباً منومة ونقلوني فوراً للمستشفى، فالحياة كانت جميلة ومليئة بابتسامته حينما وقف لجواري ودعمني وأمسك بيدي»، لافتة إلى أنه خسارة لكل من عرفه عن قرب ودعمه وساعده وفتحت أبواب السعادة أمام عينيه، «أشعر بحرقة في صدري لأني لم ألتقط صورة معه لتبقى ذكرى جميلة تدفعني لو القليل إلى الأمام». «أنتي بنتي» كلمة زرعت الأمل أمام عينيها وفجرت كل إبداعاتها للنجاح في مستقبلها وذرفت الدموع وهي تنطقها بلسان يملأه الحزن، لتشعر بعدها أن الدنيا جميلة وكل أبواب الدعم الروحي وصلت لكل جزء من جسدها، وقالت: «حينما كنت في علاج في مدينة سلطان للخدمات الإنسانية فترة أربعة أشهر وقرروا خروجي على رغم أنني بحاجة كبيرة للعلاج النفسي والتأهيلي والوظيفي والعلاجي خصوصاً بعد عودتي من العلاج في أميركا وتوقفت كل تمارين العلاج، ما يعيدني لحالتي البائسة، وعندما شعرت أن الدنيا اسودت في عيني والظلام يحاصرني في كل اتجاه». وأضافت: «لم أتوقع الحدث العظيم الذي حدث حينما فكرت خلال سماعي بزيارة الأمير سلطان للمدينة بالتحدث معه إلا حينما وصل للقسم الذي أتعالج فيه صرخت بأعلى صوتي والخوف والوحدة تجتمع في جسدي، فارتجفت أطرافي من فقدان الأمل وما إن سمع صوتي التفت «سلطان الخير» بين الجمع من الأطباء والمرضى والمعالجين «وابتسم» لي من قلبه الطيب، فشعرت أن النور يبث أمام طريقي وبدأت أمشي على رغم صعوبة تحركي على الكرسي المتحرك حاولت القدوم له، واجتمع عليه المرضى يصافحونه ويقبلون رأسه، واصطدمت به فشعرت بالخوف وأمسك بيدي ثم أمسكت به بكل قوتي خوفاً أن يذهب عني فهو الأمل الوحيد لحياتي، وكان يترك يدي للسلام على المرضى ويعود للإمساك بيدي وحينها أمسكني بيده اليسرى، وقلت له أنا مثل بنتك، ولكنه ابتسم وقال أنت ابنتي راح أعرفك على بناتي اللي هم خواتك». وقالت: «أخبرته أنني أريد العلاج في المستشفى لأن خروجي سيضعف إمكانيتي على الحركة بالكرسي، وهدفي أن يتم تأهيلي ويصرف لي كرسي متحرك وأستمر في التمارين، ولكن المدينة يرغبون في خروجي وأنا لا أريد وقال لي «ما راح يطلعونك» وكنت أقوله له بخوف «إلا بيطلعوني» فردد علي كلمته وشعرت بالراحة»، مشيرة إلى أن أبواب السعادة فتحت لها بعد زيارة الأمير سلطان. وذكرت أن كلمات التحطيم والتجريح لم تعد في قاموسها ولم تفكر بأي فكرة سلبية، وشعرت أنها إنسانه تطير في السماء، خصوصاً حينما هاتفها في المدينة وطلب زيارتها للقصر للتعرف على بناته، قالت: «كانت مفاجأة جميلة بالنسبة لي حينما هاتفني، وقال لي سأعرفك على خواتك فأنت أخت لهم، وكنت بكامل سعادتي حينما تعرفت عليهن وشعرت أنني جزء من هذا الإنسان العظيم الكريم بإنسانيته وعطفه، وكان الجميع يطلق علي اسم (دلوعة سلطان وبنت سلطان) وكنت سعيدة بهذا الاسم مدة أربعة أعوام، وأصبحت أتواصل معه في المناسبات لتهنئته لأنه فعلاً خلق مني إنسانة حية تستطيع العيش والإنتاج في هذه الحياة، ولكن الآن لم تعد لي حياة بعد سلطان الخير».