بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الأخدود والشباب    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    "موديز" ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "aa3"    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤول السابق في "القوات اللبنانية" يؤكد مصرعهم في بيروت راجي عبدو : الديبلوماسيون الإيرانيون هكذا احتجزوا ... وهكذا قتلوا
نشر في الحياة يوم 23 - 02 - 2004

اكد راجي عبدو المسؤول السابق في "القوات اللبنانية" ان الديبلوماسيين الايرانيين الاربعة الذين احتجزوا في لبنان في صيف 1982، ابان الاجتياح الاسرائيلي، قتلوا بعد ساعات من احتجازهم مشيرا الى انه اشرف على ارسالهم الى "المجلس الحربي" في الكرنتينا في بيروت وتلقى اتصالا يؤكد وصولهم. وكشف ان قائد "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع استقبل بعد توليه القيادة في 15 كانون الثاني يناير 1986 وفودا ايرانية، وانه كان حاضرا تلك اللقاءات. وروى عبدو ان شجارا وقع بين القائم بالاعمال الايراني وحراسه ادى الى قتله، ثم تم التخلص من الثلاثة الاخرين. وقال عبدو انه رافق وفدا ايرانيا الى المكان الذي يعتقد بان الديبلوماسيين دفنوا فيه وحيث اقيم مصنع حديد.
عمل عبدو في جهاز الامن في "القوات اللبنانية" منذ انشائه وكان هذا الجهاز في عهدة ايلي حبيقة لدى وقوع الحادثة. وفي 1986 اصبح عبدو مسؤولا عن جهاز الامن العسكري في "القوات" واشتهر بلقبه "الكابتن". غادر لبنان في 1994 واصدرت محكمة لبنانية حكما يقضي بسجنه 20 عاما في قضية محاولة اغتيال الوزير السابق ميشال المر.
في الحوار الهاتفي الذي اجرته "الوسط" معه اورد عبدو رواية كاملة لقصة اختفاء الديبلوماسيين ودعا اللبنانيين من كل الفئات الى استخلاص العبر من اخطاء الماضي ومآسيه لبناء وطن يتسع لكل اللبنانيين على اختلاف مشاربهم وهنا نص الحديث:
* متى بدأت قصة الديبلوماسيين الايرانيين الاربعة؟
- بدأت في صيف 1982. واعتقد بان ذلك كان في شهر تموز يوليو. ففي الساعة الرابعة بعد ظهر يوم احد تلقيت اتصالا عبر هاتف عسكري من حاجز البربارة على طريق بيروت- طرابلس وكان مكتبي في عمشيت، وكنت انذاك مسؤولا عن منطقة الشمال في جهاز الامن والاستخبارات ويتركز دوري على جمع المعلومات، لكن نظرا الى حساسية حاجز البربارة في ضوء ما سبقه من احداث في الشمال أُوكلت اليّ مهمة الاشراف الامني بغرض التنسيق بين جهاز الاستخبارات والقوى العسكرية المنتشرة في المنطقة.
ابلغوني في الاتصال عن وجود سيارة ديبلوماسية من نوع مرسيدس وفي داخلها اربعة اشخاص ايرانيين تواكبها سيارة لقوى الامن الداخلي. سألوني ماذا سيفعلون بهم، ابقيتهم معي على الخط واتصلت بجهاز الامن المركزي في الكرنتينا بيروت وتحدثت مع ضابط الدوام .... فطلب مني توقيف السيارة بمن فيها واحضارهم الى جهاز الامن في بيروت. توجهت شخصيا الى حاجز البربارة الذي لا يبعد عن مكتبي اكثر من اربعة كيلومترات. اطلعت على جوازات السفر الديبلوماسية واتصلت مجددا من مقر الحاجز بضابط الدوام في جهاز الامن في بيروت ... وابلغته باسماء المحتجزين وصفة كل منهم. كما ابلغته بوجود سيارة مواكبة من جهاز امن السفارات فطلب مني ارسالهم فورا الى جهاز الامن في بيروت وترك سيارة المواكبة تذهب الى حيث تشاء.
ابلغت آمر دورية المواكبة بوجود قرار باحتجاز الديبلوماسيين. وعلى الفور ارسلت الديبلوماسيين مع سيارتي مواكبة من العناصر الامنية التابعة لي الى مقر جهاز الامن في بيروت مع كامل الاوراق الثبوتية التي كانت بحوزتهم وبموجب احالة صادرة عني كمسؤول امني في الشمال الى شعبة التحقيق في جهاز الامن كما تم الاتصال بشعبة التحقيق عبر الهاتف وكان المحقق المناوب يدعى ابو ايمن. ابلغته انني، وبأمر من ضابط الدوام، سأرسل له اربعة ديبلوماسيين ايرانيين، والرجاء ابلاغي فور وصولهم وابلاغ ضابط الدوام في جهاز الامن ايضا. والحقيقة انه اتصل بي بعد اقل من ساعة واعلمني انه تسلمهم.
* هل انتهى دورك عند هذا الحد؟
- نعم.
* تردد ان الديبلوماسيين احتجزوا بضعة ايام في الشمال، فهل هذا صحيح؟
هذا غير صحيح على الاطلاق. اوقفوا على حاجز البربارة ونقلوا بعد دقائق الى بيروت. ولا ازال اذكر انني أُبلغت بان الجهاز في بيروت تسلمهم حوالي السادسة، اي ان الفترة بين التوقيف ووصولهم الى بيروت لم تزد على الساعتين.
*هل ابلغتم سمير جعجع مسؤول القوات في الشمال، في ذلك الوقت، باحتجازهم؟
- لا لم نبلغه فالمسألة كانت على مستوى جهاز الامن لان كل من كان يتم ايقافه هناك لدواع امنية كان يحال فورا الى جهاز الامن.
* متى بدأ الغموض يلف مصيرهم؟
- كنت انزل يوميا بعد الظهر الى مكتبي في جهاز الامن في بيروت لنقل التقارير المعلوماتية. علمت من بعض الرفاق هناك في اليوم التالي لاحتجازهم ان الايرانيين الاربعة تمت تصفيتهم.
*كيف تمت تصفيتهم؟
- علمت ان شجارا حصل داخل مبنى التحقيق بين احد الايرانيين وحراسه. والسبب ان الحراس كانوا يتداولون في احتمال تصفية المحتجزين ففهم احدهم، والارجح انه القائم بالاعمال، كما قيل، لاتقانه العربية، فحاول التصدي للحراس، وحصل اشتباك بالايدي واطلقت عليه النار وقتل داخل مبنى التحقيق في الكرنتينا. وبعد ذلك تم قتل الثلاثة الاخرين.
* من كان رئيس جهاز الامن في ذلك الوقت؟
- في حينه كان ايلي حبيقة رئيسا لجهاز الامن والاستخبارات في القوات، وكان اسعد الشفتري نائبه.
* هل تعتقد بأنهم قتلوا بقرار على مستوى قيادة الجهاز؟
- لا اعتقد. حسب معلوماتي لم يكن حبيقة في مقر الجهاز في ذلك اليوم، والمعلومات تقول انهم قتلوا ليل الاحد-الاثنين.
بعد احتجاز الديبلوماسيين الاربعة بساعات حصلت اتصالات على مستوى القيادات واستدعى قائد "القوات اللبنانية" الشيخ بشير الجميل رئيس جهاز الامن ايلي حبيقة لسؤاله عن الديبلوماسيين، وكانت المفاجأة حين جاءهم الجواب انهم قتلوا. غضب بشير الجميل بشدة وأنَّب حبيقة على رعونة عناصر جهاز الامن.
وكان الجميل تلقى اتصالا من مدير المخابرات في الجيش اللبناني العقيد جوني عبده ما دفعه الى استدعاء حبيقة للاستفسار عن مصير الديبلوماسيين.
أنَّب الجميل حبيقة، لكنه لم ينظر انذاك الى الحادث على انه خطير اذ كان هناك اجتياح اسرائيلي للبنان والانظار مركزة على مصير قوات منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت.
لكن موضوع الديبلوماسيين تحولَّ الى ورطة، وعقد يوم الاثنين كما علمت اجتماع برئاسة الشيخ بشير وبحضور ايلي حبيقة وقياديين آخرين للبحث عن الاخراج. وفي غضون 48 ساعة اتخذت خطوتان: الاولى على الصعيد الاعلامي وتمثلت باصدار بيان عن "القوات" يفيد بأن الديبلوماسيين اوقفوا لبضع ساعات ثم اعيدوا من حيث اتوا اي باتجاة طرابلس. وكان سبق اصدار البيان ارسال سيارة الديبلوماسيين وفي داخلها وثائقهم واغراضهم الى مدينة طرابلس واوقفت في منطقة باب الرمل في منطقة يسيطر عليها حزب البعث العراقي، وللايحاء بان للامر علاقة بالحرب العراقية-الايرانية. وعلمت انه بعد يومين او ثلاثة اعيد نبش جثة القائم بالاعمال وارسلت لرميها في منطقة الشمال وتحديدا قرب مدينة طرابلس.
* اين دفنوا اساسا؟
- ووريت الجثث في مكان لا يبعد اكثر من مئتي متر عن مقر شعبة التحقيق في الكرنتينا.
* وهل بقيت الجثث الثلاث هناك؟
- لا علم لي بذلك. فما اعرفه انا هو ما نقله بعض المسؤولين في الجهاز وهم كانوا شهودا على ما يجري.
* هل تجزم اذا انهم لم يسلَّموا الى اسرائيل؟
- اجزم انهم لم يسلموا الى اسرائيل، فقد قتلوا بعد ساعات من احتجازهم وليتهم سلموا لها لكانوا ظلوا احياء.
* من أين اذا رواية الايرانيين انهم نقلوا بحرا؟
اعتقد بان الايرانيين وغيرهم بنوا معلوماتهم على حادثة حصلت لاحقا وسلّم خلالها ثلاثة عناصر من "حزب الله" الى اسرائيل التي اطلقتهم لاحقا. وساهم في الترويج لهذه الرواية حرص حبيقة على تحميل سمير جعجع مسؤولية اختفاء الايرانيين الاربعة عن طريق القول انهم كانوا احياء حين اخرجه جعجع من قيادة "القوات" والمنطقة في 15 كانون الثاني يناير 1986.
* كيف علمت ان حبيقة قال ذلك؟
- علمت بالامر شخصيا من وفد ايراني. قال الايرانيون انه نقل اليهم هذه المعلومات.
* هل اهتم الاميركيون بموضوع الايرانيين، خصوصا بعد بدء ازمة الرهائن؟
- اعتقد بأن اكثر من جهة غربية سألت عنهم وفي اوقات متباعدة.
* هل اتصل الايرانيون بجعجع؟
- نعم في سنة 1991. اعتقد بأن الاتصال حصل عبر الرئيس الياس الهراوي. جاء وفد ايراني مؤلف من عاملين في سفارة ايران في بيروت ومن الخارجية الايرانية يرافقهم اقارب للديبلوماسيين المختفين بينهم على ما اذكر زوجة القائم بالاعمال. استقبل جعجع الوفد في غدراس منطقة كسروان وفي حضوري ورحب بهم واكد استعداده للتعاون الى اقصى الحدود. قال لهم جئت براجي عبدو لانه كان مسؤول الامن في المنطقة ويعرف تفاصيل ما حصل. حكيت للوفد امام جعجع والعائلات ،كان هناك مترجم. دامت الجلسة نحو ساعتين وابلغت الايرانيين بكل ما اعرفه.
* هل حصلت إجتماعات اخرى؟
- نعم التقينا الايرانيين اكثر من خمس مرات في تلك السنة. ثلاثة مرات كانت مع وفد الخارجية الايرانية وربما كان بينهم مسؤول امني، وقد التقى الوفد جعجع وكنت حاضرا. كما زارني الوفد في مكتبي مرتين او ثلاث مرات. وفي هذه الاجتماعات طُرحت علي اسئلة بغرض توضيح ما قلناه سابقا. كان مكتبي في ذوق مصبح في مبنى "الاوبرلي" كما التقيتهم مرة في بيروت حيث زاروا مقر التحقيق في الكرنتينا وعاينوا المنطقة التي يفترض ان يكون الديبلوماسيون دفنوا فيها. وكانت النية ان يتم نبش العظام لاخذ عينات منها، ولكن فوجئنا بتغيير في جغرافية المنطقة، اذ شيد معمل للحديد فوق البقعة التي دفنوا فيها.
* كيف عرفت انهم دفنوا هناك؟
- وفرت للايرانيين فرصة اللقاء ببعض الاشخاص الذين كانوا في جهاز الامن لدى نقل الايرانيين اليه وفي ضوء المعلومات اتضح انهم دفنوا في تلك البقعة.
* ما هي انطباعاتكم عن تلك الاجتماعات مع الايرانيين؟
- لمست لديهم شبه اقتناع ان الديبلوماسيين قتلوا فعلا ايام جهاز الامن السابق وان جعجع لا يتحمل اي مسؤولية في هذا الموضوع لكنهم كانوا يريدون الحصول على دليل قاطع كالعثور على عظام مثلا لاقفال الملف ومصارحة اهالي الديبلوماسيين. واقول بامانة اننا عملنا جاهدين لمساعدتهم.
* الم تتخوف من اخطار عليك شخصيا من الايرانيين او من قوى لبنانية تربطها بهم علاقات؟
- في البداية لم يكن لدي خوف فأنا لا اتحمل اي مسؤولية مباشرة في مقتلهم. ولكن في 1992 ومن خلال بعض الاصدقاء تنامى الي ان هناك من يسأل عن مقر اقامتي وتحركاتي وعرفت هوية الجهة التي تسأل. كان ذلك في حزيران يونيو 1992 ولما شعرت بان الامر يمكن ان يشكل خطرا علي غادرت لبنان موقتا في تموز يوليو 1992. وخلال وجودي في قبرص علمت ان الرفيق بطرس خوند خطف من منطقة حرج ثابت في سن الفيل واعتقد بان اختفاءه له علاقة بمقتل الايرانيين، كما اعتقد بان الخطأ الذي حصل هو انه سنة 1982 كان خوند رئيسا لمجلس الامن الكتائبي فظنت الجهة التي خطفته انه على اطلاع على مصير الديبلوماسيين الايرانيين. ولا يستبعد ان يكون حبيقة دفع حياته ثمن قصة الديبلوماسيين.
* ما الكلمة التي توجهها اخيراً؟
- كانت هناك محطات كثيرة مؤلمة في الحرب في لبنان سقط فيها ابرياء كثيرون ،من كل الاطراف. ما نتمناه هو ان نستخلص العبر من اخطائنا كي نتطلع الى احلال منطق التسامح والتعايش مكان منطق الثأر وتصفية الحسابات. ان لبنان لا يعيش الا بلقاء المعتدلين وباعتراف كل طرف بالاخر وتفهم همومه وهواجسه ومطالبه ولهذا آمل ان يستوعب الجميع الدرس فيتاح لكل طرف ان يشارك في بناء لبنان في ظل العدالة والمساواة والكرامة لان اضطهاد اي فريق يؤسس لرد فعل او مشاعر متطرفة واي تطرف يضر بلبنان في النهاية
جوني عبده: ظلوا أحياء وقتاً قصيراً
في العدد 117 تاريخ 25/4/1994 سألت "الوسط" مدير الاستخبارات السابق في الجيش اللبناني العقيد جوني عبده عن الديبلوماسيين الايرانيين.
منذ العام 1982 تطالب ايران بكشف مصير أربعة من ديبلوماسييها ذكر انهم خطفوا على حاجز ل"القوات اللبنانية" الى الشمال من بيروت ولم يتضح مصيرهم ولم يعثر على جثثهم. ماذا كان لديكم في الاستخبارات عنهم؟
- ما عرفناه في حينه ان الأربعة لم يبقوا على قيد الحياة سوى وقت قصير. وربما لم يقدر الذين احتجزوهم ان الاربعة يمكن ان يكونوا لاحقاً جزءاً من عملية تفاوض. كان هناك تساؤل هل للأربعة فعلاً صفة ديبلوماسية مسجلة لدى وزارة الخارجية أم لا.
حبيقة: لم يصلوا الى منطقتي
في عددها الرقم 292 تاريخ 1/9/1997، سألت "الوسط" ايلي حبيقة الذي قضى لاحقاً في انفجار سيارة مفخخة، عما يعرفه عن موضوع الديبلوماسيين الايرانيين الاربعة، وكان رده الآتي:
- عندما حصل الاجتياح الاسرائيلي وبدأ بعض الناس يخرج من بيروت الغربية في اتجاه طرابلس والبقاع أعطى بشير الجميل توجيهات للمسلحين المرابطين على مداخل المنطقة الشرقية بالسماح بمرور المواطنين العاديين باستثناء الحزبيين والمسلحين الفلسطينيين. وحصلت حوادث عدة. أناس حاول أمين الجميل ان يمررهم فأعادهم بشير. في تلك الفترة اتصل جوني عبده مدير استخبارات الجيش اللبناني آنذاك ببشير وابلغه ان ديبلوماسيين ايرانيين غادروا طرابلس وربما اضاعوا الطريق ودخلوا المنطقة الشرقية واختفوا بعد عبورهم حاجز البربارة. اتصل بي بشير وقال لي: هل تعرفون شيئاً عن ايرانيين محتجزين؟ قلت: سنسأل. اتصلنا يومها بضابط الأمن في جبهة الشمال المسؤول عن حاجز البربارة التابع لسمير جعجع لنسأل عن الموضوع وكان الرد: نعم حاول ايرانيون العبور فمنعناهم وعادوا الى طرابلس. ابلغت بشير هذه النتيجة ونقلها الى الرئيس الياس سركيس وتوقف الموضوع عند هذا الحد.
بعدها بدأت الاخبار تتحدث عن اختفاء الايرانيين أو خطفهم وقتلهم. وترددت هذه الاخبار يوم كنت لا أزال مسؤولاً في "القوات" في الشرقية. سألت جعجع عنهم فأجاب: "لا أعرف جاؤوا وراحوا". كانت لدى جعجع سجون خاصة به. وكانت الجبهة الشمالية في "القوات" مستقلة عملياً بسبب الحساسيات الخاصة المتصلة بالوضع في الشمال. كان لهم جهاز أمن خاص وجهاز مالي خاص على رغم حصولهم على أموال من صندوق "القوات". قبل خروجي من الشرقية بدأنا اتصالات. جاء وفد من الصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية وزار السجون التي كان يحتجز فيها عدد من المتهمين بأحداث أمنية أو نشاطات عسكرية معادية. وكنا حينها بدأنا الاتصالات مع الصليب الأحمر لترتيب نقل رسائل منهم الى ذويهم.
بعد خروجنا من الشرقية قال لي الرئيس نبيه بري وكان يومذاك رئيساً لحركة "أمل": عندي مسؤول ايراني يحب ان يراك ليتحدث اليك في موضوع الايرانيين المخطوفين. أجبته: ليس عندي ما أقوله في هذا الموضوع. أصر نبيه بري على عقد اللقاء. والتقيت المسؤول الايراني فقال لي: تلقينا تقريراً من سمير جعجع يفيد انهم سلموكم الايرانيين المخطوفين واغتيلوا لديكم. قلت له: هذه معلومات مغرضة، فبيني وبين جعجع خصام. نحن لم نشاهدهم ولم يصلوا الى المنطقة التي نعتبر مسؤولين عنها. إذا كانوا موجودين اتصلوا بجعجع ليسلمكم الجثث على الأقل. وتردد لاحقاً ان الايرانيين كانوا بين معتقلين ارسلوا الى اسرائيل ولا أعرف مدى صحة ذلك.
ذكر انهم دفنوا قرب المجلس الحربي وأحدهم على الشاطئ في الشمال؟
- هذه الأخبار سربتها "القوات" في أيام سمير جعجع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.