كشف ديبلوماسي غربي سعى على مدى أعوام إلى فك رموز أزمة الرهائن الغربيين في لبنان، "أن هذه المأساة بدآت بعمل أرعن ظهر لاحقاً وتمثل في قتل الدبلوماسيين الإيرانيين الذين احتجزوا في لبنان إبان الغزو الإسرائيلي لبيروت عام 1982". وروى الديبلوماسي ل"الحياة" "أن الوضع في لبنان كان شديد التعقيد، وسيناريوهات التضليل كثيرة. و،ساد اعتقاد لفترة بأن الديبلوماسيين سلموا إلى العراق الذي كان يخوض حرباً مع الجمهورية الاسلامية. كما ساد اعتقاد آخر بأنهم نقلوا إلى إسرائيل. وبعد احتجاز الطيار الاسرائيلي رون آراد إثر سقوط طائرته فوق الأراضي اللبنانية، تداخل الملفان وصار التوصل إلى الحقيقة صعباً أو حتى شبه مستحيل". وكان الديبلوماسيون كاظم اخوان وأحمد متوسليان وتقي رستكار مقدم ومحسن موسوي غادروا بيروت الغربية، خلال الحصار الاسرائيلي لهذا الجزء من العاصمة اللبنانية، عبر طريق مرفأ بيروت وسلكوا الطريق الساحلي في اتجاه طرابلس. ولدى وصولهم إلى منطقة البربارة أوقفهم حاجز ل"القوات اللبنانية" ينتمي عناصره إلى "المجموعة الشمالية" التي كان سمير جعجع يقودها. وقال الديبلوماسي الذي فضل عدم كشف إسمه: "إن أجهزة الأمن الغربية، خصوصاً الألمانية، كانت تعتبر جلاء مصير الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة مفتاحاً لحل أزمة الرهائن. وفي النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي أوفد البيت الأبيض مبعوثاً إلى بيروت حيث التقى آنذاك الدكتور سمير جعجع الذي أكد له أن القوات اللبنانية لا تحتفظ بأي ديبلوماسي إيراني في سجونها". وأوضح "أن روايتين متناقضتين راجتا في تلك الفترة في أوساط حلقات ضيقة معنية بملف الديبلوماسيين الإيرانيين: الأولى تفيد أنهم أُعدموا في مقر المجلس الحربي التابع للقوات اللبنانية في الكرنتينا على يد عناصر من جهاز الأمن الذي كان إيلي حبيقة يقوده. والثانية تتحدث عن مقتلهم على يد الفريق الذي احتجزهم في البربارة شمال بيروت... وبعد سنوات وبفعل جهود استخبارية رجحت رواية مفادها أن ثلاثة من الإيرانيين الأربعة وصلوا إلى مقر المجلس الحربي ولم تُدرج أسماؤهم في لوائح السجناء أو المحتجزين. وقرر العاملون في الجهاز ذات يوم تجربة سترات واقية تلقوها حديثاً فوقع الخيار على الثلاثة لاختبار هذه الدروع، ولم يكن الغرض القتل. وارتكب خطأ في التصويب وتلقى أحدهم رصاصة في عنقه أودت به فوراً، فأجهز المسلحون على الآخرين لإزالة أسرار الحادث وإخفاء الجريمة. وبعدها دفن الثلاثة في حفرة قرب شجرة الكينا التي كانت خارج مبنى المجلس الحربي قبل توسيعه". وتابع الديبلوماسي: "بعد فترة من الزمن أخُضعت الحفرة لعملية تنظيف واختفت بقايا الجثث. في حين تردد أن الموسوي قتل ودفن في مكان قرب الشاطىء في شمال لبنان". وأوضح أن جهات غربية نقلت هذه المعلومات إلى الإيرانيين "لكنهم أصروا على عدم تصديقها. والواقع أن الولاياتالمتحدة كانت شديدة الاهتمام بالعثور على الإيرانيين الأربعة وكشف مصيرهم أحياء أم أمواتاً لاعتقادها بأن ذلك يفتح الباب أمام تنظيم عملية الافراج عن رهائن غربيين احتجزوا في لبنان". وأعرب عن اعتقاده بأن الرواية التفصيلية لمصير الديبلوماسيين الايرانيين دُفنت مع الوزير السابق إيلي حبيقة الذي اغتيل قبل سنتين، بعدما تعايش سنوات مع جملة ملفات دامية، من قصة الديبلوماسيين إلى مجزرة صبرا وشاتيلا مروراً بملفات أخرى قاتلة أيضاً. ووصف الديبلوماسي قصة الطيار الاسرائيلي رون آراد بأنها "أكثر القصص الاستخباراتية تعقيداً، إذ أن خروجه من يد الحاج مصطفى الديراني، طوعاً أو عنوة، شكل لغزاً تعذر على الموساد وأجهزة أمنية أخرى حله لاحقاً على رغم اقتناع الاسرائيليين بأنه وقع في قبضة إيران ونقل إلى مكان آمن".