بمشاركة عدد كبير من المؤسسات والشركات المالية والمصارف الاسلامية، يعقد في الكويت من 5 الى 6 ايار مايو 2001 المؤتمر الاول للمؤسسات المالية الاسلامية تحت شعار "المصارف الاسلامية - النموذج الامثل". ويناقش المؤتمرون تقويم نتائج تجارب العمل المصرفي الاسلامي وعمليات تمويل المستهلك من خلال الاوراق المقدمة حول نشاط تلك المؤسسات وتفعيل تداول المنتجات الاسلامية، ودورها في الاستحواذ على حصص مؤثرة من الاسواق التقليدية. وينتظر ان يتركز البحث على تجارب المؤسسات المالية في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، وتقويم هذه التجارب في ضوء نتائج فعاليات مالية اسلامية، منذ اكثر من 37 سنة، اي منذ بدء نشاط المصارف الاسلامية العام 1963، مع العلم ان هذه المصارف سجلت خطوات متقدمة في تعميم طريقة الاستثمار الاسلامية على اكثر من 40 دولة في العالم، وبلغ عددها 176 مصرفاً اضافة الى عدد كبير من المصارف التقليدية التي انشأت لديها محافظ وصناديق استثمار على الطريقة الاسلامية، كما بلغ مجموع رؤوس اموال هذه المصارف مع احتياطاتها اكثر من 10.3 مليارات دولار، اما اصولها فقد بلغت 147 مليار دولار في مقابل 112 ملياراً حجم ايداعاتها. وتبرز اهمية الاقتصاد الاسلامي في نموه الملحوظ اذ سجل الناتج المحلي الاجمالي للدول الاعضاء في البنك الاسلامي نمواً بلغ 1.8 في المئة عام 1999، ويتوقع ان يواصل ارتفاعه ليصل الى 4.5 في المئة خلال العام الحالي، كذلك تحسن وضع الميزان التجاري للدول الاسلامية وتحوله من عجز بقيمة 20 مليار دولار 1998 الى فائض بقيمة 38.6 مليار دولار عام 1999، ويقدر ب66 ملياراً عام 2000. وتحسن أيضاً ميزان الحساب الجاري الذي كان يعاني من عجز كبير في عام 1998 بلغ 31.2 مليار دولار، وتحول الى فائض بقيمة 3.4 مليارات دولار عام 1999، ويتوقع ان يكون قد ارتفع هذا الفائص الى 29.6 مليار دولار العام 2000، اما حجم الديون الخارجية للدول الاسلامية فقد بلغ 670.8 مليار دولار العام 1998، ثم ارتفع الى 689.2 مليار العام 1999 ويقدر ان يكون قد انخفض العام 2000 الى 677.4 مليار دولار. من الطبيعي ان يلعب نشاط البنك الاسلامي للتنمية وكذلك انشطة مؤسساته المالية وصناديقه الاستثمارية دوراً مهماً في تنشيط الاستثمارات الاسلامية، وأهمها: 1- محفظة البنوك الاسلامية للاستثمار والتنمية، وقد أنشئت في 1998، وبلغ عدد اسهم المشاركين فيها 20 مصرفاً تجارياً ومؤسسة مالية اسلامية بما فيها البنك الاسلامي للتنمية، ويبلغ رأسمال المحفظة المدفوع الثابت 100 مليون دولار، ورأسمالها المتغير 280 مليوناً، وللمحفظة وديعة خاصة للبنك الاسلامي تبلغ 250 مليون دولار، وتوجه تمويلها نحو القطاع الخاص. وتعد المحفظة صندوقاً للدخل يهدف الى المحافظة على قيمة رأسماله والى توزيع دخل مستمر على المشاركين فيه، اما اهدافها الرئيسية فهي تعبئة السيولة المتوافرة لدى البنوك ومؤسسات التمويل الاسلامية لاستعمالها في العمليات التمويلية السليمة، وللمساهمة في تطوير سوق مالية اسلامية عن طريق ايجاد ادوات مالية اسلامية، وقد انجزت المحفظة حتى نهاية العام 1420 هجري نحو 196 عملية قيمتها اكثر من 2.5 مليار دولار وتشمل المرابحة، والمشاركة، والاجارة، والبيع لاجل، والمساهمة في رأسمال الاستثمارات. 2- صندوق حصص الاستثمار، وهو نافذة البنك الاسلامي للتنمية على القطاع الخاص، ووصل مستوى التمويل المباشر والمشترك والجماعي الذي اعتمده الصندوق في السنوات العشر الماضية الى نحو 728.7 مليون دولار ويشمل هذا المبلغ 88 عملية. 3- صندوق البنية الاساسية، وانشئ برأسمال مليار دولار، اضافة الى تسهيلات مالية اسلامية قدرها 500 مليون دولار. وتتمثل الاهداف الاستراتيجية للصندوق في الاستثمار طويل الاجل، لجهة القيام باستثمارات في رؤوس الاموال، واستثمارات في مشاريع البنية الاساسية وفي الصناعات المتعلقة بها في الدول الاعضاء. وسيكون الصندوق في موقف يمكنه من تنمية اسواق رأسمالية اقليمية. 4- المؤسسة الاسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، وانشئت في آب اغسطس 1994 برأسمال مصرح به يبلغ 100 مليون دينار اسلامي 150 مليون دولار. وأصدرت المؤسسة 22 بوليصة للتأمين على ائتمان الصادرات وجددت 17 بوليصة، وذلك بمبلغ 912 مليون دولار. 5- المؤسسة الاسلامية لتنمية القطاع الخاص، ويبلغ رأسمالها المصرح به مليار دولار، والمكتتب فيه 500 مليون، وقد وافق مجلس محافظي البنك الاسلامي للتنمية على انشائها في 25 رجب 1420 ه، وسيكون دورها استكمال عمل البنك في تنمية وتعزيز القطاع الخاص، وهي تركز على الاهداف التالية: - التعرف على الفرص الاستثمارية في القطاع الخاص التي تدفع عجلة النمو الاقتصادي. - توفير شتى ضروب المنتجات والخدمات المالية المنسجمة مع احكام الشريعة الاسلامية. - توسيع فرص الوصول الى اسواق رأس المال الاسلامية للشركات الخاصة في الدول الاسلامية. استثمارات مصرفية على رغم اهمية البنك الاسلامي للتنمية وتعدد ادواته الاستثمارية وشموليتها، فإن المصارف الاسلامية البالغ عددها نحو 176 مصرفاً وتعمل في 40 دولة في العالم، ستقوم بدور مميز في تنشيط السوق المالية الاسلامية، خصوصاً أن حجم رؤوس اموال هذه المصارف مع احتياطياتها بلغ اكثر من 10.3 مليارات دولار، ووصل حجم اصولها الى 147 مليار دولار وحجم ايداعاتها 112 ملياراً. اضافة الى ذلك تبرز اهمية نشاط المصارف الاسلامية من خلال جغرافية توزعها في مختلف دول العالم، وتبين من دراسة احصائية ان دول جنوب آسيا تستأثر بنسبة 29 في المئة من عدد هذه المصارف، اذ يوجد فيها 51 مصرفاً، تليها دول افريقيا 35 مصرفاً وجنوب شرق آسيا 31 مصرفاً، ثم دول الشرق الاوسط 26 مصرفاً، ودول مجلس التعاون الخليجي 21 مصرفاً. غير ان الوضع يختلف بالكامل، بالنسبة لحجم رؤوس اموال هذه المصارف وأصولها وايداعاتها، وتبين ان المصارف الاسلامية العاملة في دول منطقة الشرق الاوسط تستأثر بأكبر حصة من الاستثمارات الاسلامية، حيث يبلغ حجم رؤوس اموالها 3684 مليون دولار، او ما يعادل نحو 50 في المئة من مجموع رؤوس اموال المصارف الاسلامية في العام والبالغ 7333 مليون دولار، وتبلغ قيمة اصولها 83.1 مليار دولار او ما يعادل 56 في المئة من مجموع الاصول، وكذلك لديها 69 مليار دولار ايداعات اي ما نسبته 61 في المئة من مجموع ايداعات المصارف الاسلامية. وتأتي بعدها دول مجلس التعاون الخليجي ويبلغ حجم رؤوس اموال المصارف الاسلامية العاملة فيها 1787 مليون دولار اي ما يعادل 24 في المئة من مجموع رؤوس اموال المصارف الاسلامية في العالم، وتبلغ قيمة اصولها 20 مليار دولار بما نسبته 14 في المئة، وحجم ايداعاتها 14 مليار دولار، بما يعادل 12 في المئة من مجموع ايداعات المصارف الاسلامية في العالم. وهكذا تستأثر دول منطقة الشرق الاوسط ودول مجلس التعاون الخليجي بمعظم نشاط المصارف الاسلامية في العالم، حيث يعمل فيها 47 مصرفاً يبلغ مجموع رؤوس اموالها 5471 مليون دولار، ويستأثر بنحو 74 في المئة من مجموع رؤوس اموال المصارف الاسلامية في العالم، وتبلغ قيمة اصولها 103 مليارات دولار، ما نسبته 73 في المئة من ايداعات المصارف الاسلامية في العالم. وتبرز اهمية المصارف الاسلامية العاملة في الوطن العربي من خلال ضخامة متوسط رأسمال المصرف الواحد والبالغ نحو 119 مليون دولار، في حين ان متوسط رأسمال المصرف الاسلامي العامل في دول جنوب آسيا يبلغ فقط نحو 17 مليون دولار، وفي دول جنوب شرقي آسيا اقل من خمسة ملايين دولار، وفي دول افريقيا 5.7 ملايين دولار. تحديات... ومخاطر على رغم المنجزات التي حققتها المصارف الاسلامية في توسيع نشاطها وزيادة زبائنها وايداعاتها واصولها، فهي لا تزال تواجه تحديات كبيرة، ومنافسة حادة تفرض عليها ضرورة بناء استراتيجيات عمل جديدة حتى تتمكن من الحفاظ على هذه المنجزات، فضلاً عن تقوية مراكزها المالية وتحسين منتجاتها والوفاء بمتطلبات كفاية رأس المال وتنظيم العائد. ويؤكد محافظ مصرف الامارات المركزي سلطان بن ناصر السويدي ان المصارف الاسلامية لا تزال تواجه تحديين كبيرين، اولهما: ان المصارف الاسلامية بحاجة الى ايجاد اداة مالية اسلامية قصيرة المدى للتعامل مع السيولة القصيرة المدى لدى هذه المصارف تكون مقبولة كأداة اسلامية من قبل كل المصارف الاسلامية. وثانيهما: ان المصارف الاسلامية بحاجة الى ان تتفق على قائمة للمنتجات المصرفية التي يمكن ان تعتبرها كل المصارف الاسلامية اسلامية حقيقية. ويرى السويدي ان كلا هذين التحديين يتعلقان بالشريعة، وذكر ان علماء الشريعة وحدهم القادرون على ايجاد حلول مقبولة لكن البنوك الاسلامية - كالبنوك التقليدية - بحاجة الى تقديم الخدمات من خلال منتجات مقبولة من قبل عملائها، تتناسب مع أذواقهم وحاجاتهم المتغيرة. اما وكالة "موديز" العالمية المتخصصة في التصنيف الائتماني للمصارف والمؤسسات المالية، فقد وصفت المصارف الاسلامية بأنها تدفع للمودعين العوائد نفسها تقريباً التي تدفعها المصارف الربوية العاملة داخل الجهاز المصرفي الواحد، وحتى في الانظمة المصرفية القائمة اجمالاً على التمويل الاسلامي مثل باكستان، فان العوائد التي يتلقاها المودعون تتماشى مع العوامل الاقتصادية الاساسية. ونظراً لأهمية نشاط المصارف الاسلامية في تنمية الاقتصاديات العربية، تدرس بعض حكومات الدول العربية اصدار تشريعات خاصة تنظم اعمال هذا النوع من الاستثمار المصرفي. ففي الكويت يوجد جدال حاد بين البنك المركزي ومجلس النواب وبيت التمويل الكويتي حول وضع مشروع قانون جديد لتنظيم اعمال المصارف الاسلامية. ويشترط البنك المركزي لانشاء مصرف اسلامي في الكويت ان يستخدم هذا المصرف رأسماله وليس اموال المودعين في تمويل نشاطاته التجارية او الاعمال الاخرى، كما وضع البنك ضوابط تتعلق بمجالات ونسب المشاركة بالاستثمار والتي يمارسها المصرف الاسلامي. وشدد على ان تعمل المصارف الاسلامية من خلال شركات تابعة لها فتؤسس مثلاً شركات تختص بالنشاط العقاري، وأخرى بالسيارات، او المواد الغذائية وغيرها من النشاطات الاخرى التي يرغب المصرف بممارستها. غير ان بيت التمويل الكويتي الذي يمارس بمفرده اعمال المصرف الاسلامي في الكويت ولا يخضع لشروط البنك المركزي المفروضة على المصارف التجارية الكويتية، يرفض أيضاً الشروط الواردة في مشروع القانون، ويؤيده في ذلك عدد من النواب. ويرى البنك المركزي ان البنوك الاسلامية يجب الا تدخل في انشطة اقتصادية نوعية غير مصرفية تودعها لحسابها لما تحمله هذه الانشطة من مخاطر عالية فضلاً عن عيوب عدم التخصص في هذه المجالات الامر الذي يعرض البنك لمخاطر وصعوبات جمة لا ترتبط بعمله المصرفي المنوط به. ومع استمرار الخلاف، يطالب المستثمرون ومنهم رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة المستثمر الدولي عدنان البحر بضرورة الإسراع في اصدار القانون الخاص بإنشاء المصارف الاسلامية، ونبه الى الضرر الذي يلحقه التأخير في اصدار هذا القانون بسوق المصارف الاسلامية في الكويت، قائلاً ان تأخر اصداره عطل لسنوات خلت انشاء مصارف اسلامية مما عطل بالتالي روح المنافسة وترك لمؤسسة واحدة الانفراد بالسوق. وأوضح البحر: ان هذا الخلاف لا يرقى لمستوى تعطيل اصدار قانون مهم طال انتظاره. وانه لا يوجد قانون في العالم يسمح لمؤسسات مالية بممارسة نشاطاتها بأي حجم خارج نطاق توجيهات الجهة الرقابية. مشيراً الى ان مهمة بنك الكويت المركزي تقليل المخاطر على المؤسسة وعلى المودعين، وان اختلافنا او اتفاقنا مع ملاحظات البنك المركزي يجب الا يعطل القانون، فالأمر لا يستقيم الا بوجود سلطات رقابية وقانون ينظم اعمال المصارف الاسلامية.