دفع الأردن مرتين ثمن دعوته الى الاجتماع الطارئ للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد أخيراً في عمان، اذ تلقى انتقادات مباشرة من الكويتوالعراق بسبب مبادرته. وعلى رغم محاولة رئيس مجلس الاتحاد البرلماني العربي الدكتور احمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري تفسير غياب وفد البرلمان الكويتي عن الاجتماع بأسباب فنية تتعلق بمطالبة البرلمان الكويتي تأجيل موعد الاجتماع، إلا ان الوفد البرلماني الأردني اكتشف ان الكويت رفضت حضور الاجتماع في رسالة وجهتها الى سرور تضمنت هجوماً شديد اللهجة على الأردن والبرلمان الأردني، الذي اتخذ قراراً اجماعياً بكسر الحصار على العراق واتهامه بالحديث بلسان الحكم في العراق. النواب الأردنيون لم يعلقوا على الموقف الكويتي باعتباره موقفاً قديماً عمره ثمانية أعوام. أما الثمن الآخر فكان نوبات الصراخ والاحتجاجات التي قام بها أعضاء الوفد العراقي في حضور الأمير حسن ولي عهد الأردن عقب انتهاء الجلسة الافتتاحية، مما أشعر أعضاء معظم الوفود المشاركة بالحرج الشديد، لأنه بدا واضحاً انه قصد منها احراج ولي العهد الأردني. ومع انعقاد أول جلسة للمؤتمر بادر الدكتور سعدون حمادي رئيس المجلس الوطني العراقي الى الاحتجاج بدوره على شعار المؤتمر "الاجتماع الطارئ لاتحاد البرلمانيين العرب للتضامن مع الشعب العراقي الشقيق". واعتبر حمادي انه يفرق بين شعب العراق وقيادته. وبالعودة الى مجريات المؤتمر الذي افتتحه الأمير حسن بكلمة أكد فيها ضرورة اتخاذ موقف عربي حازم لرفض تقسيم العراق وكذلك رفض سياسة العقوبات الاقتصادية، لاحظ ولي العهد "ان منطقتنا هي الوحيدة في العالم التي بقيت من دون ميثاق شرف ومنهجية للتعامل مع الأزمات وفض النزاعات". ودعا الى "عودة جميع الأسرى العرب الى بلدانهم". وإثر انتهاء جلسة الافتتاح البروتوكولية صرخ عضو المجلس الوطني العراقي يوسف المشهداني بأعلى صوته "العراق لا يحتاج الى حقوق انسان، بل الى تضامن عربي وموقف عربي يدين العدوان" وتلاه موفدون عراقيون بالهتاف: "لتسقط اميركا وبريطانيا... لسنا جياعاً ولا نبحث عن مساعدات... لماذا لم تذكر كلمة عدوان؟ الشعب العربي مع العراق"؟". ويبدو ان هذه الجملة الأخيرة كانت السلاح الذي أشهره الوفد العراقي بوجه المؤتمر. بل اشهره سعدون حمادي نفسه منذ لحظة وصوله الى الأردن لحضور الاجتماع. وتوجه الصحافيون الى الأمير حسن لمعرفة رد فعله على ما يجري في القاعة، لكن الأمير قلل من شأن ما حدث باعتباره ردّ فعل عاطفياً، ودعا الى عدم اضاعة مثل هذه الفرصة بالتعبير العاطفي والتركيز على التعبير عن ارادة الشعب العربي عبر ممثليه في المؤسسات العربية المنتخبة. وعقب نهاية المؤتمر اعتذر سعدون حمادي عن تصرفات زملائه وقال انها المرة الأولى التي يقف فيها موقف المعتذر. وبعيداً عن أجواء الاحتجاج فقد شكل الاجتماع الطارئ للاتحاد البرلماني العربي بعمان الذي حضرته وفود 14 دولة عربية اعضاء من أصل 16 دولة اعضاء في الاتحاد، نقطة تحول جديدة في العلاقات العراقية - العربية التي تدهورت في الثاني من آب اغسطس 1990 من جراء غزو العراق للكويت. وبصرف النظر عن مدى إلزامية قرارات البرلمانات للحكومات العربية، فإن قرارات الاجتماع الطارئ للاتحاد البرلماني شكلت موقفاً جديداً ليس في العودة الى مساندة العراق، بل الى دعم الموقف الرسمي العراقي ايضاً، اذ لم يكتف المؤتمر بإدانة "العدوان الاميركي - البريطاني الغاشم" بل "رفض كل اشكال التدخل الاقليمي والدولي في شؤونه الداخلية". واعتبر رئيس المؤتمر احمد فتحي سرور ان قرارات الاتحاد البرلماني العربي سياسية وليس لها طابع إلزامي للحكومات، لكنها ملزمة من الناحية الادبية. وقال ان ما قامت به الولايات ا لمتحدة وبريطانيا مخالف للقانون الدولي.