النجاح الذي يحققه فيلم "صعيدي في الجامعة الاميركية"، في اسبوعه الرابع عشر، لم يقلب الموازين، فقط، في بورصة النجوم او في اسلوب اختيارات بطل الفيلم محمد هنيدي، وإنما قلب الموازين كذلك في اذواق مشاهدي السينما حيث خلق هذا النجاح اللافت تياراً سيظل سائداً لسنوات عدة اسمه "سينما الشباب والبطولات الجماعية" وهو تيار جعل الكثيرين من السينمائيين يعيدون النظر في خططهم المستقبلية. المنتج السينمائي المعروف هاني جرجس فوزي قال ل "الوسط" ان تجربة الفيلم المذكور، ومن قبله فيلم "اسماعيلية رايح جاي" لمحمد هنيدي أيضاً، اثبتت ان الجمهور لم يعد يطيق النوعيات التقليدية من الافلام مفضلاً عليها افلام الشباب التي تعالج مشاكلهم حتى ولو في اطار كوميدي خفيف، مع استكمال بقية عناصر التوليفة الناجحة، كالأغنية ذات المفردات غير التقليدية مثل "كماننا" او "كاجولوه". واضاف المنتج انه بعد هذا التحول المفاجئ في اذواق الجمهور وجد نفسه في مأزق حقيقي اذ كان في خطة شركته انتاج خمسة عشر فيلماً خلال السنوات الثلاث القادمة تنتمي كلها إلى النوعية التي ظلت سائدة لسنوات طويلة قبل بروز هذا التيار الجديد منذ اشهر، ومن ثم لم يعد معظم هذه الافلام المتعاقد عليها صالحاً للانتاج حالياً، وبات عليه عقد اتفاقات جديدة لأفلام تستطيع الصمود في معركة شباك التذاكر وسوق الفيديو. والغريب ان هذا التيار لم يأخذ في طريقه المنتج الفرد وحده، كما في حالة جرجس فوزي، وانما طاول أيضاً الكيانات العملاقة، فقد علمت "الوسط" ان قراراً سرياً صدر بصورة منفصلة، ومن دون اي تنسيق مسبق داخل شركتي "نهضة مصر" و"شعاع" اللتين باشرتا أعمالهما بموجب لائحة حوافز الاستثمار التي اصدرها د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء، ويقضي هذا القرار بالاتجاه الى انتاج افلام الشباب وتوزيعها على وجه الخصوص، وعدم التعامل مع من هم فوق الخامسة والثلاثين من نجوم التمثيل الا في اضيق الحدود. ويقلق هذا القرار العديد من النجوم الكبار خصوصاً الممثلات في ظل السيطرة المتوقعة لهاتين الشركتين على سوق السينما في المرحلة المقبلة. واذا كان هذا الأمر يسيطر الآن على تفكير المنتج والموزع السينمائي في مصر، فإن هناك ما يؤكده على ارض الواقع حتى بين الكيانات الانتاجية الصغيرة، فحتى الآن هناك ستة افلام شبابية جاهزة للتصوير خلال اسابيع اولها "همام في امستردام" سيحققه فريق فيلم "صعيدي في الجامعة الاميركية"، المؤلف مدحت العدل والمخرج سعيد حامد والابطال محمد هنيدي واحمد السقا ومنى زكي وطارق لطفي، ولا يرى المخرج سعيد حامد ان في ذلك استغلالا لنجاح فيلمه بقدر ما هو استكمال لما بدأوه في الفيلم من استعراض لمشاكل الشباب واسباب التخبط والضياع السائدين في المجتمع. ولدى المطرب محمد فؤاد، البطل الآخر لفيلم "اسماعيلية رايح جاي" مع محمد هنيدي، مشروع فيلم شبابي يحمل عنوان"تيفة وتومة في أرض الحكومة" كان من المفترض ان يقوم ببطولته الثنائي نفسه قبل ان يدب الخلاف بينهما، ويعلن هنيدي انسحابه من الفيلم. وقد اشيع ان مخرج الفيلم الجديد سوف يكون رامي عادل امام ابن النجم المعروف، في اول وقوف له خلف كاميرات السينما، وما رجح هذه الفرضية حضور المطرب المعروف إفتتاح مسرحية "جزيرة القرع" التي اخرجها ابن عادل امام على مسرح مركز الهناجر للفنون في القاهرة، وصعوده الى خشبة المسرح عقب العرض لتحية المخرج الشاب ووالده ايضاً. ولا بد أن نشير هنا إلى أن محمد فؤاد حل بديلاً من صديقه السابق محمد هنيدي في فيلم داود عبدالسيد الجديد الذي يحمل عنوان "فيلم هندي" بعد ان اعتذر النجم الجديد للمخرج. واذا كان هنيدي استغل نجاح "اسماعيلية رايح جاي" في فيلمه الحالي، واذا كان محمد فؤاد شريكه في النجاح يسعى الى الشيء نفسه بفيلمه "تيفة وتومة في ارض الحكومة" الذي لم يبدأ تصويره بعد، فإن أحمد البيه مؤلف فيلم "اسماعيلية" يسعى هو الاخر الى ركوب الموجة. حيث أنه انتهى من كتابة فيلم شبابي يحمل عنوان "هاي باي كوستاي" من اخراج كريم ضياء الدين، فيما تذهب البطولة هذه المرة الى المطرب مصطفى قمر مع احمد السقا ومنى زكي شريكي هنيدي في فيلمه الاخير. وال "توليفة" نفسها التي تعتمد والكوميدي والوجه السينمائي يستعد المخرج مازن الجبلي مخرج فيلم "بيتزا بيتزا" لدخول تجربة جديدة بعنوان "ازعرينا" بطولة حميد الشاعري وأشرف عبدالباقي وجالا فهمي إضافة الى سيمون. وتؤكد جالا فهمي انها لا تحاول استغلال نجاح أي فيلم آخر لأنها تؤمن، حتى من قبل نجاح فيلمي هنيدي، بأفلام الشباب والبطولة الجماعية، بدليل انها قدمت في هذا الاطار افلاماً مثل: "طأطأ وريكا وكاظم بيه"، "الحب في طابا"، "سمكة واربعة قروش"، و"بيتزا بيتزا". وتضيف في تصريح إلى "االوسط" ان الفنان الذكي هو الذي يلتفت الى اذواق الجمهور من دون ان يبتذل نفسه وعليه ان يظل منتبهاً لخطورة الوقوع في التكرار الزائد عن الحد". وما دام محمد فؤاد ومصطفى قمر وحميد الشاعري قد دخلوا حلبة السباق في هذا المجال فلماذا لا يفعلها المطرب الشعبي حكيم هو الآخر؟ وحكيم لم يفكر طويلاً قبل أن يبدأ بتكوين مجموعة من الممثلين من بينهم احمد آدم ومنى زكي - على ما يبدو - لدخول فيلم يحمل عنوان"فسفورينا" وهو مشروع ظل متردداً في قبوله على حد قوله لكن نجاحه في اغاني الكليب شجعه على الوقوف امام كاميرا السينما في نوعية من الافلام يقبل عليها الشباب. غير ان المؤلف يوسف معاطي ركب الموجة بأسلوب آخر حيث انتهى من كتابة فيلم بعنوان "بنات الفن والهندسة" يقوم على البطولة الجماعية لمجموعة من الممثلات الشابات هن جيهان فاضل ووفاء عامر وجيهان سلامة إضافة الى بوسي. وتدور الاحداث حول رياضة كرة القدم النسائية الآخذة في الانتشار في مصر. وهكذا يبدو ان هذا التيار سيسود خلال السنوات المقبلة الى ان يمله المشاهد ويبحث عن نوعية اخرى. فالذاكرة السينمائية تشير الى بروز نوعية افلام الشباب مع نهاية الستينات وبداية السبعينات على يد نجوم تلك الفترة حسن يوسف وأحمد رمزي ويوسف فخر الدين ومحمد عوض ونيللي ونجلاء فتحي وسهير رمزي، ثم ما لبثت ان اختفت أو كادت تاركة المجال امام كوميديا النجم الاوحد في السبعينات وبداية الثمانينات على يد عادل امام بالتحديد، ثم تيار السينما الجديدة في الخمس عشرة سنة الاخيرة حينما تحولت الدفة لمصلحة المخرج - النجم بفضل عاطف الطيب ورأفت الميهي وخيري بشارة ومحمد خان وداود عبدالسيد ومنير راضي وغيرهم. فإلى أي مدى يمكن أن تصمد هذه الموجة الكاسحة التي أعادها الى الوجود نجاح فيلم أو فيلمين؟