عندما وقع ياسر عرفات اتفاقات أوسلو العام 1993 لم نقرأها، ولم نعرف فحواها، بل قبلناها لثقتنا في الرجل، وقلنا انه يطبق سياسة "خذ وطالب". وعندما جاء نتانياهو الى الحكم سألتني احدى الاذاعات الأوروبية رأيي، فتوسمت خيراً قائلاً ان اليسار العبراني هو الذي أذاقنا مرارة الحروب بحقده وعناقيد غضبه، وان اليمين العبراني هو الذي جاء الى طاولة مدريد وجلس مع من كان يسميه "الإرهابي" ياسر عرفات، والآن وقد انكشفت أوراق عرفات والرجل قوي وداهية استطاع جّرنا وراءه مغمضي العينين، لثقتنا العمياء فيه. وها هو الآن يوافق العبرانيين في تسمية المناضل الفلسطينيواللبناني بالارهابي، وها هو الآن يوافق العبرانيين في ضرب البنية التحتية للمناضلين، وها هو يتهم لبنان بأنه يؤوي الانتحاريين ... وها هو عرفات يطالب بوقف بناء المستوطنات، ولكن أصبح أمراً عادياً عنده ان تبني السواعد الفلسطينية هذه المستوطنات لفشله الذريع في الاعتماد على النفس. وبذلك يدخل الشعب الفلسطيني في دورة الاعتماد على الاقتصاد العبراني ملغياً روح المقاطعة والاعتماد على الذات التي اشتد عودها بانتفاضة أطفال الحجارة. في ذكرى اتفاقات أوسلو ينبغي على عرفات ان ينجو بنفسه من هذه المصيدة لأجل فلسطين ويقوم بما فعله مصطفى النحاس باشا في مصر الذي وقع معاهدة1936 مع الانكليز وألغاها سنة 1951 وعندما سئل لماذا قال جملته المشهورة "وقعتها من أجلك يا مصر وألغيها اليوم من أجل مصر". محمد علي بن رمضان تونس