المفاجأة لم تحدث في الانتخابات العامة البلجيكية، ففضيحة مروحيات اغوستا لم تؤثر في شعبية الحزب الاشتراكي الفلامنكي، واليمين المتطرف لم يسجل اي اختراق فعلي بالنسبة الى الاقتراع الأوروبي، العام الماضي، والحزب الليبرالي الذي يشكل المعارضة الرئيسية، لم يهدد، على رغم تقدم طفيف، مصير الائتلاف الحكومي الذي يقوده "البلدوزر" جان - لوك دوهان. اذن كل شيء على ما يرام، من حيث الاستقرار والاستمرارية، في مملكة البير الثاني. ومن المتوقع، بالتالي، ان يعود دوهان، على رأس الحكومة الجديدة، عبر تحالف ديموقراطي مسيحي - اشتراكي، من الناطقين بالهولندية والناطقين بالفرنسية. ومع ذلك توصف هذه الانتخابات بأنها "تاريخية". فللمرة الأولى يجري اقتراع شعبي مباشر، لانتخاب ممثلي المقاطعات في الفلاندر الشمال والوالوني الجنوب والعاصمة بروكسيل. وللمرة الأولى كذلك يكرس الاقتراع العام الاصلاح السياسي الذي شهدته بلجيكا منذ عامين، وتحولت من خلاله، من دولة موحدة الى دولة اتحادية. ويقال، هنا، لتبرير ذلك، ان بلجيكا، تتحول تدريجياً، الى مختبر، لما يمكن ان يكون عليه الاتحاد الأوروبي. ثم، كما في فرنسا، الى حد ما في بلجيكا، دارت الحملة الانتخابية حول المسائل الاقتصادية، وفي مقدمها مكافحة البطالة والاقصاء الاجتماعي، وانتاج كل الظروف، لتكون البلاد في طليعة الدول المرشحة في أول عام 1999 للعملة الموحدة على المستوى الأوروبي. مرة أخرى اثبت رئيس الوزراء دوهان انه "مايسترو الاوركسترا" السياسية في بلجيكا، ونجح في رهانه عندما حل مجلس النواب، في شباط فبراير الماضي وأجرى انتخابات مسبقة معقدة وضبابية، كالمسرح السياسي واللغوي البلجيكي.