تواجه الطبقة السياسية في بلجيكا موقفا سياسيا مستعصيا وذلك بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات العامة التي جرت يوم أمس . وأسفرت تلك الانتخابات والتي اختار عبرها الناخبون البلجيكيون أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في بروكسل عن معادلة غير مسبوقة في الحياة السياسية البلجيكية وانقلابا جوهريا في علاقات القوة بين المكونتين الرئيسيتين للبلاد أي المقاطعة الفلامنكية الناطقة بالهولندية والمقاطعة الوالونية الناطقة بالفرنسية . وتشهد بلجيكا منذ عدة سنوات مشادة متصاعدة بين الطرفين بشان إقتسام الصلاحيات والنفوذ والتوجه نحو إتحاد كونفدرالي لا تلعب فيه الحكومة المركزية سوى دور ثانوي . وتمكن المحافظون بزعامة السياسي الفلامنكي ايف ليتارم من احراز انتصار كاسح في الجزء الشمالي الفلامنكي في الاقتراع وبات يمثل القوة السياسية المهينة على المقاطعة فيما تمكن اللبراليون الفرانكفونيون من جانبهم وللمرة الأولى منذ عام 1946 من دحر الاشتراكيين . وتتمثل المعضلة الرئيسية حاليا التي تواجه الطبقة السياسية البلجيكية وبالنسبة لتشكيل أي تحالف حكومي جديد في التوفيق بين مطالب المحافظين الفلامنكيين بزعامة ليتارم في إحداث مزيد من الإصلاحات المؤسساتية في بلجيكا والابتعاد عن الدولة المركزية الموحدة وبين مطالب اللبراليين الفرانكفونيين بزعامة ديديه ريندرس الرافض لأي توجه نحو اتحاد كونفدلرالي والتمسك بوحدة البلاد . ومن المتوقع ان يكلف ملك بلجيكا ألبرت الثاني بهد استلامه نهر الاثنين لاستقالة رئيس الحكومة البلجيكية غي فورهفستاد بتكليف زعيم اللبراليين الفرانكفونيين ديديه رندرس/ بتشكيل حكومة جديدة . وتتمثل المعضلة الرئيسة لهذا الأخير في الانتقادات الحادة التي تعرض لها من قبل الفلامنكيين بشان سوء إدارته لوزارة المال والخزانة طوال السنوات الماضية . ولكن وأمام المصاعب التي ستواجهه فسيكون تحركه مجرد تحرك رمزي في انتظار التوجه الى زعيم الأغلبية الفلامنكية الجديد ايف ليتارم والذي سيواجه بدوره رفضا شبه تام من قبل الجبهة الفرانكفونية لبرنامجه الإصلاحي المعلن . ويتطلب أي سعي لتمرير الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية في بلجيكا حصول رئيس الحكومة على أغلبية ثلثي المقاعد بالنسبة لأي تحالف يقوده وهو أمر شبه مستحيل بسبب إعلان كافة الأحزاب الفرنكفونية حاليا معارضتها لأي خطة لإصلاح هياكل الدولة ونقل صلاحياتها للمقاطعات من جهة وإعلان الاشتراكيين في مقاطعة الفلاندر إنهم يفضلون حاليا البقاء في صفوف المعارضة . وأمام هذا الطريق المسدود الذي يواجه بلجيكا فان الاتصالات قد تستمر عدة أسابيع او عدة أشهر مما ينذر بحالة شلل سياسي فعلي في البلاد..كما ان كافة الاحتمالات تضل واردة وبما فيها إقامة تحالف يجمع اللبراليين وأحزاب البيئة والاشتراكيين ويتعهد بعدم المساس بوحدة البلاد وقد يعهد مجددا في نهاية المطاف لنفس رئيس الحكومة الحالي غي فورهفستاد . // انتهى // 1128 ت م