التركيز الخاص الذي أبداه الشيخ محمد بن راشد المكتوم ولي عهد دبي وزير دفاع الامارات على الجانب المدني والتجاري في معرض دبي الدولي الرابع للطيران كان لافتاً. وسرعان ما تبين انه متعمد. فلدى سؤاله عند افتتاحه معرض هذا العام عما يشكل في نظره العامل الرئيسي في "دبي 95"، وما يميزه عن معارض دبي الدولية للطيران التي بدأت عام 1989، أجاب الشيخ محمد: "انها حقيقة ان المشاركة المدنية تفوقت للمرة الاولى في دبي 95 على المشاركة العسكرية من حيث الحجم والأهمية على حد سواء". ولم يقصد في جوابه التقليل من أهمية الجانب العسكري، بل الاشارة الى رغبة المشرفين على المعرض في تحويله الى مناسبة عالمية جامعة على صعيد الصناعات الجوية بجميع فروعها، وتكريس طابعه السلمي والتجاري المتعدد الاغراض والاطراف، عوضاً عن الاقتصار فيه على مجرد مناسبة لعرض أدوات الحرب والاتجار بها. وبالاضافة الى ذلك، كان المغزى السياسي الاقليمي والدولي في حديث الشيخ محمد بن راشد المكتوم جلياً عندما اعتبر انه يتعين على المعرض ان يعكس اجواء السلام والاستقرار التي تتجه منطقة الخليج والشرق الاوسط عموماً نحوها، وان يكون تكريساً لمناخ التعاون السياسي والاقتصادي الذي ينشأ عنها بين دول المنطقة نفسها من جهة، وبين هذه الدول والعالم الخارجي من جهة ثانية. وانطلاقاً من هذا المعيار أولاً، ومما برهنته فترة المعرض يمكن القول ان "دبي 95" حقق في الواقع نجاحاً فاق ربما أكثر التقديرات طموحاً. فالمشاركة العالمية فيه كانت شاملة وزادت بنسبة اكثر من 20 في المئة عما كانت عليه في "دبي 93"، حيث تضمنت نحو 500 شركة من 35 دولة. والى جانب الطائرات التي عرضت، وزاد عددها عن المئة من طرازات عسكرية ومدنية متنوعة، وشاركت من بينها أكثر من 25 طائرة في العروض الجوية اليومية، اشتملت المنتجات على احدث ما تم التوصل اليه من تكنولوجيات ومعدات في جميع المجالات المتعلقة بالطيران والفضاء والاتصالات والصناعات الالكترونية والدفاعات الجوية والذخائر وأنظمة الرصد والانذار والملاحة ومعدات تجهيز المطارات وغيرها. والأهم من ذلك، ان "دبي 95" كان فعلاً المناسبة الدولية المثالية التي أرست فيها الصناعات الجوية العالمية، بشقيها المدني والعسكري، التوجهات التي سترسم مستقبل الاسواق وقواعد المنافسة التكنولوجية والتجارية فيها خلال السنوات المقبلة وحتى الى ما بعد العام 2000. ومن هذا المنطلق أيضاً كانت نجوم "دبي 95" ومفاجآته منسجمة مع الأوضاع العامة السائدة حالياً في أوساط الصناعات الجوية العالمية وأسواق منتجاتها الدولية. كما انها شكلت مؤشرات واضحة جداً الى المسارات المرتقبة لتلك الصناعات والأسواق خلال المرحلة المقبلة. وعلى سبيل المثال، لم يكن مفاجئاً ان تسيطر شركة "بوينغ" الأميركية على الموقف تقريباً في ميزان النقل الجوي المدني بفضل طائرتها الجديدة البعيدة المدى "بوينغ - 777" التي جاءت الى دبي للمرة الاولى، والتي يبدو انها تتجه بسرعة لتصبح أهم طائرة نقل مدنية جديدة تدخل في أساطيل الشركات العالمية على أبواب القرن الواحد والعشرين. وفي المقابل كان متوقعاً أيضاً ان تنجح شركة "داسو" الفرنسية في اكتساب الاضواء على الصعيد العسكري من خلال مقاتلة الجيل الجديد "رافال" التي تعمل على انتاجها. فهذه الطائرة هي الوحيدة بين طائرات الجيل الجديد التي باتت على وشك الدخول الى حيز الانتاج والخدمة الفعلية في صفوف القوات المسلحة الفرنسية، في الوقت الذي لا تزال منافساتها الأوروبية والأميركية تواجه فيه مشكلات وعوائق مادية وتكنولوجية. "بوينغ" والاسواق التجارية وكما هي العادة في معارض الطيران الدولية التي أصبح معرض دبي أحد ابرز ثلاثة منها تقام في العالم دورياً الى جانب معرض "لوبورجيه" الفرنسي و"فارنبره" البريطاني، فان الاهتمام فيها يتركز على مجموعة من المحاور الرئيسية التي غالباً ما تتحول الى "عناوين المرحلة". وهكذا، كانت الظاهرة الاكثر بروزاً في "دبي 95" الاجواء "الاحتفالية" التي أحاطت بحضور "بوينغ" الاميركية وطائرتها الجديدة "777". ولعله لم يكن من قبيل الصدفة ان مشاركة "بوينغ - 777" في دبي جاءت بعد أيام من التوقيع رسمياً على الاتفاق الذي اشترت بموجبه الخطوط السعودية 23 طائرة منها بقيمة تقارب 4 بلايين دولار تمهيداً لاعتمادها أساساً لتحديث أسطول الشركة من طائرات الركاب لرحلات المسافات الطويلة خلال السنوات العشر المقبلة، ولتنضم "السعودية" بذلك الى كل من خطوط "الامارات" وشركة "مصر للطيران" في اعتماد هذه الطائرة في منطقة الشرق الأوسط. لكن انجازات "بوينغ" وطائرتها الجديدة خلال أيام "دبي 95" لم تقف عند هذا الحد. اذ جاء اعلان شركة الخطوط الجوية السنغافورية اثناء المعرض عما يمكن اعتبارها "صفقة العقد" متمثلة بالتعاقد على 77 طائرة "بوينغ - 777" تبلغ قيمتها الاجمالية 7.12 بليون دولار. وأهمية هذه الصفقة بالنسبة الى "بوينغ" متعددة الاوجه. فالى جانب ضخامتها العددية الاستثنائية، تحظى الخطوط السنغافورية باهتمام خاص في أسواق النقل الجوي العالمية باعتبارها احدى أهم الشركات الدولية ومن أكثرها نفوذاً وفاعلية. ويعتبر الفوز بعقد مع هذه الشركة نوعاً من الانتصار لأي شركة منتجة للطائرات نظراً الى الشروط التكنولوجية والتجارية القاسية التي تفرضها على المتنافسين من جهة، ولكون اختيارها يشكل غالباً الحافز لشركات طيران اخرى لاختيار طرازات مماثلة. وعلى رغم تشديد "بوينغ" على ان تزامن الاعلان عن الصفقة السنغافورية مع "دبي 95" لم يكن مقصوداً، وان العقد جاء نتيجة أشهر من المفاوضات، فان الرسالة كانت واضحة. بل ان أوساط "بوينغ" لم تتردد في الاستفادة منها والتركيز على مغزاها. وكما ذكر السيد صدّيق باليماني نائب رئيس "بوينغ" للمبيعات الدولية وهو أميركي من أصل مغربي في حديث خاص مع "الوسط"، فان الطراز "777" يشكل بالنسبة الى الشركة الاميركية "استعادة زمام المبادرة في الأسواق العالمية" بعد سنوات من المنافسة الحامية بينها وبين "ايرباص" الاوروبية. وأضاف انه منذ دخول "ايرباص" مضمار المنافسة على اسواق طائرات النقل المدنية، خصوصاً على المسافات المتوسطة والبعيدة، قبل نحو ربع قرن، و"التسابق بين الجانبين قائم من دون ان يكون اي منهما قادراً على ادعاء الفوز في صورة حاسمة. أما الآن، ففي وسعنا القول ان طائرتنا "777" استطاعت اكتساح سوق الطائرات للرحلات المتوسطة والبعيدة، وهي ستثبت ذلك أكثر فاكثر خلال السنوات العشر المقبلة". وتقدر "بوينغ" ان الطراز "777" سيتمكن من الفوز بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة من سوق الطائرات المتوسطة والبعيدة المدى خلال العقد المقبل. وتعتبر ان برنامج هذه الطائرة سيمتد حوالى 40 سنة ليصل مجموع ما ستنتجه منها الى اكثر من 2000 طائرة، في حين يتوقع ان تفوز عائلة "ايرباص - 330/ 340" الاوروبية المنافسة بالجزء الاعظم المتبقي من هذه السوق بمجموع يصل الى حوالى 1000 طائرة للرحلات المتوسطة والبعيدة. لكن "بوينغ" تعترف، في المقابل، بأن المنافسة في ميدان الطائرات القصيرة والمتوسطة المدى ستكون أكثر شدة، وان السوق العالمية التي يقدر حجمها بنحو 4000 طائرة من هذه الفئة خلال السنوات العشرين المقبلة ستتوزع بشكل ثلاثي في ما بينها من خلال الجيل الجديد الثالث من عائلة "بوينغ - 737" الواسعة الانتشار الذي تعمل على تطويره وانتاجه حالياً، وبين "ايرباص" من خلال عائلة "أ - 320" وطرازاتها المتفرعة، و"ماكدونل دوغلاس" وعائلتها الجديدة "م. د - 90" وطرازاتها، حيث لا يستبعد ان يتم اقتسام السوق العالمية في هذا المجال بنسبة الثلث لكل من الشركات الرئيسية الثلاث المتنافسة فيها. الاسواق المدنية وعلى أي حال، فان حضور "ايرباص" الاوروبية و"ماكدونل دوغلاس" الاميركية في "دبي 95" لم يكن خالياً بدوره من المناسبات الاحتفالية. فالتجمع الاوروبي أعلن اثناء المعرض عن توصله الى عقد مهم مع "طيران الخليج" لبيعها 6 طائرات "ايرباص - 330" بقيمة 700 مليون دولار، في صفقة شكلت المناسبة الأولى من نوعها التي تبيع فيها "ايرباص" هذه الطائرة الجديدة ذات المحركين الى شركة عربية وشرق أوسطية، وهي تأتي بالتالي كمكسب مهم الى جانب الطلبات التي تمكنت الشركة الاوروبية من الحصول عليها لطائرتها الجديدة الاخرى "أ - 340" ذات المحركات الاربعة التي اوصت عليها في المنطقة حتى الآن كل من "الكويتية" و"الملكية الأردنية" و"مصر للطيران". اما "ماكدونل دوغلاس" فجاءت الى "دبي 95" وهي في موقع لم يسبق ان كانت في مثله من قبل على صعيد سوق طائرات النقل المدنية في الشرق الأوسط، وذلك بفضل فوزها اخيراً بالعقد مع "السعودية" لتزويدها 29 طائرة "م. د - 90" للرحلات القصيرة والمتوسطة، و4 طائرات "م. د - 11" للشحن على المسافات المتوسطة والطويلة. واضافت "ماكدونل دوغلاس" الى انجازها هذا الاعلان خلال المعرض عن فوزها بعقد ضخم مع شركة "فاليوجت" الاميركية لتزويدها 50 طائرة جديدة للرحلات الاقليمية القصيرة والمتوسطة من طراز "م. د - 95". وكما ساهم "دبي 95" في توضيح صورة المنافسات الدولية على الأسواق في مجال الطيران المدني، فانه رسم خطوط هذه المنافسات على الصعيد العسكري. ومرة اخرى برز التنافس الشديد القائم بين الصناعات الاوروبية والاميركية. لكن الفارق الرئيسي في هذا المجال كان بروز الصناعة الجوية الفرنسية على حساب نظيراتها الاوروبية، اضافة الى سمة ثانية لا يستهان بها هي الوجود القوي المستمر للصناعات الجوية الروسية التي بدا واضحاً انها لا تزال تواجه مشكلة اساسية تكمن في عدم قدرتها على تسويق منتجاتها في الخارج، على رغم كون هذه المنتجات، وباعتراف المنافسين الغربيين انفسهم، من بين افضل ما توصلت اليه تكنولوجيا الطيران والدفاع في العالم. "رافال" والمقاتلات المتنافسة والمقاتلة الفرنسية "رافال" كانت من دون شك النجم الأول بين الطائرات القتالية المشاركة في "دبي 95". والسبب في ذلك ببساطة ان هذه المقاتلة هي الأولى من بين طرازات الجيل العالمي الجديد المعدة للعمل في القرن الواحد والعشرين التي اجتازت حتى الآن جميع مراحل التجربة والاختبار وباتت على وشك دخول الانتاج والخدمة. وتؤكد مصادر شركة "داسو" التي تنتج هذه المقاتلة، ومعها كل من شركة "سنكما" المسؤولة عن انتاج المحرك النفاث وشركة "ماترا" المسؤولة عن انتاج انظمة التسليح الخاصة بها، لا سيما صواريخ جو - جو "ميكا" والصواريخ الجوالة كروز جو - سطح البعيدة المدى "أباتش"، ان برنامج هذه الطائرة يسير وفق ما هو مقرر له، وانها ستبدأ دخول الخدمة الفعلية لدى القوات الفرنسية خلال فترة 1997 - 1998، وانها ستصبح متوافرة للتصدير الى الخارج بعد ذلك بفترة وجيزة، وعلى الأرجح نهاية هذا العقد. وفي المقابل، فان منافسة "رافال" المباشرة، وهي المقاتلة الاوروبية المشتركة "يوروفايتر - 2000" التي تعمل على تطويرها حالياً كل من بريطانيا وألمانيا وايطاليا واسبانيا، لن تكون جاهزة قبل الفترة 2002 - 2003، هذا اذا لم يتم برنامج هذه المقاتلة والغاؤه. أما المقاتلة الاميركية الجديدة "ف - 22" التي تعمل "لوكهيد" على تطويرها لتشكل عماد الوحدات الجوية القتالية الاميركية اعتباراً من مطلع القرن المقبل، فان التقديرات في شأنها تشير الى انها لن تدخل الخدمة الفعلية قبل عام 2002 مع ترجيح احتمال ان تتأخر هذه الخطوة حتى عام 2005. من هنا تعتبر الصناعات الجوية الفرنسية، وشركة "داسو" بالذات، انها حققت في برنامج "رافال" انجازاً كبيراً واجتازت بنجاح تحدياً لا يستهان به في مواجهة منافسيها. وفي هذه الاثناء، تعمل هذه الصناعات على انتاج طرازات محسنة من مقاتلاتها الحالية، خصوصاً الطراز الجديد من المقاتلة "ميراج - 2000" المعروف باسم "ميراج - 2000/5"، بينما تركز الصناعات الاميركية على انتاج طرازات محسنة بدورها من مقاتلات الجيل الحالي، وابرزها المقاتلة "ف - 18 إي سوبر هورنت" المتطورة عن "ف - 18 هورنت" من انتاج شركة "ماكدونل دوغلاس"، والمقاتلة "ف - 15 إي سترايك إيغل" المطورة كطراز هجومي متعدد الأغراض عن المقاتلة "ف - 15 إيغل" الاعتراضية من انتاج الشركة نفسها، بينما تعمل "لوكهيد" بدورها على انتاج طرازات محسنة من مقاتلتها الواسعة الانتشار "ف - 16 فالكون" تحقيقاً للغرض نفسه. أما الصناعات الروسية فهي لا تزال تحظى بالاهتمام المعهود بفضل العروض المتميزة التي تقدمها في كل مرة تشارك فيها مقاتلاتها المتطورة من انتاج "ميغ" و"سوخوي". لكن هذا الاهتمام لم يترجم حتى الآن بعقود تصدير تحتاجها هذه الصناعات بشدة من اجل تمويل نشاطاتها وبرامجها المستقبلية. وكما جرت العادة برهنت المقاتلة "ميغ - 29"، التي عرضت بطرازها المحسن الجديد "ميغ - 29م" الذي يطلق عليه ايضاً اسم "ميغ - 33"، والمقاتلة "سوخوي - 35" ا لمطورة عن "سوخوي - 27"، انهما من بين الافضل قدرات وكفاءة في العالم. بل ان العروض والمناورات الجوية التي قامت بها المقاتلتان كانت متفوقة في جميع الجوانب تقريباً عن عروض منافساتهما. لكن مشكلة هذه الصناعات تبرز من جديد في افتقارها الى الاسواق الخارجية الكفيلة بتعويض اسواقها السابقة التي كانت تتمتع بها أيام الاتحاد السوفياتي وما كان يعرف بالكتلة الاشتراكية، بالاضافة طبعاً الى تضاؤل حجم سوقها المحلية بفعل التخفيضات التي طرأت على المصاريف الدفاعية في روسيا نفسها. تطورات المستقبل وبينما لم يشهد الميدان العسكري الاعلان عن صفقات كبرى في "دبي 95" مثلما كان عليه الحال بالنسبة الى المجال المدني، فان الاهتمام خلال المعرض انصب على البرنامج المرتقب الضخم الذي تخطط لتنفيذه حالياً دولة الامارات العربية من اجل تحديث قواتها الجوية والذي ينتظر ان يشتمل على نحو 80 طائرة قتالية جديدة تقدر قيمتها الاجمالية بما لا يقل عن 6 بلايين دولار. وتخوض غمار المنافسة للفوز بهذا البرنامج حالياً جميع شركات الانتاج العالمية تقريباً. فشركة "داسو" الفرنسية تعرض المقاتلة "رافال" على ان يسبق البدء بتسليم هذه المقاتلة تزويد الامارات، كخطوة انتقالية موقتة، بمقاتلات من طراز "ميراج - 2000/5". وشركة "ماكدونل دوغلاس" تعرض المقاتلتين "ف - 15 إي سترايك إيغل" و"ف - 18 هورنت" على ان تلي هذه الاخيرة المقاتلة "ف - 18 إي سوبر هورنت" عندما تصبح جاهزة للتسليم اعتباراً من عام 2000، بينما تعرض "لوكهيد" مقاتلتها "ف - 16 فالكون". ومن ناحيتها، تعرض "بريتيش إيروسبايس" البريطانية تزويد الامارات مقاتلات "تورنادو" كخطوة موقتة بانتظار استكمال تطوير المقاتلة "يوروفايتر - 2000"، في حين تبذل الصناعات الروسية جهوداً لاقناع الامارات باختيار المقاتلتين "سوخوي - 35" و"ميغ - 33". ولم يصدر عن الامارات نفسها حتى الآن أي مؤشر الى سير المنافسة أو الى وجهات التفضيل السائدة في صفوف قواتها الجوية حالياً في شأن الطراز، أو الطرازات، التي قد يتم اختيارها. لكن مصادر "داسو" الفرنسية تتحدث بقدر من "التفاؤل الهادئ" عن فرصها في الفوز بهذا العقد الضخم، مشيرة الى "التعاون التاريخي القديم" الذي يربط بين الشركة والقوات الجوية الاماراتية منذ أكثر من ربع قرن حين حصلت الامارات للمرة الاولى على مقاتلات "ميراج - 5"، وتلا ذلك فيما بعد حصولها على مقاتلات "ميراج - 2000" التي تشكل عماد قواتها الجوية حالياً. وتعتبر "داسو" ان استمرار هذا التعاون التقليدي مع سلاح الجو الاماراتي "أمر يحبذه الجانبان"، ولا تتردد في الاشارة هنا الى ان المقاتلة "رافال" توجهت فور اختتام عروضها في "دبي 95" الى احدى القواعد الجوية في دولة الامارات لبدء سلسلة من الاختبارات العملياتية التي يجريها عليها سلاح الجو الاماراتي قبل عودتها الى فرنسا. واذا ما كانت آمال "داسو" في محلها فان ذلك سيعني انجازاً جديداً آخر للصناعات الفرنسية في السوق الخليجية والعربية، ستكون له هذه المرة انعكاسات ايجابية على مستقبل هذه الصناعات سيمتد مفعولها الى ما بعد مطلع القرن المقبل بكثير. ولن يكون مستبعداً ان يشكل معرض دبي الدولي الخامس للطيران، الذي أعلن اثناء اختتام "دبي 95" عن الموعد المقرر لاقامته في تشرين الثاني نوفمبر 1997، المناسبة المثالية للاعلان رسمياً عن العقد المتعلق ببرنامج تحديث سلاح الجو الاماراتي، الذي من المقرر ان يبدأ العمل على تنفيذه بحلول العام 2000.