ستتنازل شيشانيا قريبا، كما يبدو، عن الأولوية في الارهاب للعاصمة الروسية. وجاء احتجاز ارهابي منفرد لسياح كوريين جنوبيين في الساحة الحمراء ليؤكد هذا الرأي. ويقول سكرتير الرئيس بوريس يلتسين: "ان نظام حراسة الكرملين لم يضعف قط". وأعاد العمل الارهابي عند أسوار الكرملين على مقربة مباشرة من مقر يلتسين الرسمي الى الأذهان حادثاً آخر جرى في الساحة الحمراء في 28 أيار مايو 1987، عندما هبطت طائرة لا يعرفها أحد في المكان نفسه تقريباً. وكان الطيار الألماني روست تسبب قبل 8 سنوات خلت في "عزل" كل قيادة سلاح الدفاع الجوي وقيادة القوات المسلحة للاتحاد السوفياتي دفعة واحدة. اما مسؤولية عملية الاحتجاز الأخيرة فتقع بلا شك على عاتق مصالح الأمن الروسية. لقد تعرض ال "كي. جي. بي" والاجهزة الخاصة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي لعمليات لا نهاية لها من اعادة التنظيم و"التطهير" بكل أنواعه وتنحية الموظفين الأصليين. ففي قيادة ال "كي. جي. بي" تغير مع تغيير التسمية ستة وزراء. ولكن حتى الفترة الاخيرة لم يمكن تعيين رئيس جدير بجهاز القوة المهول هذا، الى ان ترأس الجنرال ميخائيل بارسوكوف في تموز يوليو الماضي مصلحة الأمن الفيديرالية، كما سمي ال "كي. جي. بي" السابق. ويتمتع الجنرال بارسوكوف 47 سنة قائد حرس الكرملين سابقاً، بثقة خاصة لدى يلتسين وهو يرافقه في كل جولاته ويعتبر من "الحاشية المقربة" للرئيس الروسي، ويرفض مغادرة الكرملين والانتقال الى شارع لوبيانكا حيث مقر مصلحة الأمن الفيديرالية. ويشعر رجال المخابرات باليد القوية لرئيسهم الجديد بعد شهر من تعيينه اذ نحى 3 جنرالات بينهم رئيس مديرية مكافحة الارهاب الجنرال ليفتنانت أناتولي سيميونوف. ويفترض ان يعاد تشكيل مديرية مكافحة الارهاب وضمها الى مركز مكافحة الارهاب الذي هو في طور التأسيس لدى مصلحة الأمن الفيديرالية. وفي الاطار نفسه برزت متاعب ايضاً أمام الفصيلة الضاربة التابعة لمديرية مكافحة الارهاب وهي مجموعة "آلفا" التي اشتركت عشرات المرات في انتزاع الطائرات من براثن الخاطفين في أراضي الاتحاد السوفياتي وروسيا. وقد برزت مجموعة "آلفا" أو اختصارا "آ"، بشكل خاص في افغانستان عندما استولت على قصر الرئيس أمين. وبعد آب اغسطس 1991، عندما رفضت الهجوم على البيت الأبيض دار البرلمان الروسي، جرى الحاقها بالرئيس ميخائيل غورباتشوف، ثم ضمت الى المديرية العامة للحراسة. وفي آب اغسطس الماضي ألحقت بمصلحة الأمن الفيديرالية. ويبدو أنه من غير المنتظر حدوث أية تغييرات جديدة في مصير "آلفا" التي يقودها النائب السابق لقائد حرس الكرملين الجنرال الكسندر غوسيف. ونشأ وضع مماثل أيضاً في وزارة الداخلية حيث يجري الوزير أناتولي كوليكوف عملية تطهير للمؤسسات التابعة له. وهو أيضاً رجل جديد في رئاسة وزارة الداخلية التي حل فيها محل الوزير السابق فيكتور يرين بعد استقالته نتيجة أحداث بوديونوفسك التي برهنت فيها كل فصائل مكافحة الارهاب ومصلحة الأمن الفيديرالية ووزارة الداخلية عن عجزها أمام الزعيم الشيشاني شامل باسياف وانصاره.