وعد وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف بإنهاء الحملة القوقازية قبل حلول أعياد رأس السنة، ونفى "تمرد" الجنرالات على القيادة السياسية، إلا أن مصدراً عسكرياً أبلغ "الحياة" ان هناك خلافاً قوياً داخل المؤسسة العسكرية، وذكر ان مواقع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين "مهددة" بسبب دعمه الجناح المتشدد. وأعلنت قيادة القوات الفيديرالية أمس أنها "وسعت رقعة الأراضي المحررة"، وتمكنت من تطويق غوديريس، ثاني أكبر المدن الشيشانية. وذكر قائد المجموعة الشرقية الجنرال غينادي تروشيف ان المدينة أصبحت خالية من "الارهابيين". وقال إنه اتفق مع وجهائها على أن تقوم الوحدات الخاصة ب"تمشيط" غوديريس ابتداء من صباح اليوم الجمعة. وإذا تحققت للقوات الروسية السيطرة على المدينة التي تعد أهم عقدة للمواصلات، فإنها ستحصل على فرصة لنقل القوات والمعدات بالقطارات وتوفير ثكنات لمرابطة الوحدات غير المشاركة في العمليات. وإلى ذلك، فإن الاستيلاء على غوديريس يوفر فرصة الاعلان عن تحقيق "انتصار" يفتح الطريق نحو وقف العمليات. وقال عضو في مجلس الدوما الروسي ل"الحياة" إن مدير الديوان الرئاسي الكسندر فولوشين نصح رئيس الدولة بوقف العمليات وعقد "صفقة مقايضة" مع الغرب يجري بموجبها تحويل القروض المؤجلة إلى موسكو والتغاضي عن الفضائح المالية الروسية. إلا أن هذا السيناريو جوبه بمقاومة ضارية من رئيس الأركان أناتولي كفاشنين الذي يؤيده عدد من كبار الجنرالات الذين يتولون القيادة الميدانية للعمليات في الجمهورية الشيشانية. وحسب خبير عسكري، فإن هيئة الأركان طرحت خطة بديلة تقضي بإعلان "النصر" بعد احتلال أجزاء من غروزني ورفع العلم الروسي فوقها وتنصيب حكومة موالية لموسكو فيها تتولى لاحقاً الصراع مع من تبقى في الجزء الآخر. وذكر الخبير ان وزير الدفاع لم يعلن انحيازه إلى أي من الطرفين، لكنه شدد على أن قرار وقف العمليات يجب أن يكون بمرسوم رئاسي تحريري يتضمن شرحاً لدوافع بدء الحملة وذرائع انهائها. ولم يعد سيرغييف يخفي انزعاجه من تصريحات أدلى بها جنرالات أكدوا ان "أحداً لن يستطيع وقفهم". وعلق وزير الدفاع على هذه التصريحات بقوله إن الجنرالات "ما زالوا تحت السيطرة"، لكنه أضاف ان "أدب المخاطبة ينبغي تعديله"، مشيراً إلى ضرورة تغيير لهجتهم عند الحديث إلى الصحافة. واستغرب القائد العام السابق للقوات البرية فلاديمير سيميونوف الذي انتخب أخيراً رئيساً لجمهورية القره تشاي والشركس أن يدلي جنرالات بأقوال تشم منها رائحة التحدي للقيادة، وقال إن "العسكري إما أن ينفذ الأوامر، أو يكف عن كونه عسكرياً". إلا أن ضبط "المتمردين" لم يعد سهلاً، خصوصاً أنهم يحظون بدعم رئيس الحكومة الذي يدعو إلى مواصلة الحرب حتى "القضاء الناجز على أوكار الارهاب"، كما قال. ويرى مراقبون ان بوتين الذي ارتفعت شعبيته لدى الرأي العام وفي أوساط العسكر تحول من حليف وتابع للكرملين إلى جهة مستقلة، ما قد يدفع بوريس يلتسن إلى التفكير في اقصائه. وسيتعرض رئيس الدولة لضغوط قوية لوقف الحرب، وربما ازالة "رمزها" بوتين أثناء قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي التي ستعقد في اسطنبول الأسبوع المقبل. وانضم إلى هذه الضغوط عدد كبير من أعضاء مجلس الفيديرالية الذي قرر أمس تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في شمال القوقاز. ومن جانبه، دعا مجلس المنفيين في روسيا إلى ايجاد سبل لتسوية سريعة للأزمة. إلا أن رئيس المجلس الشيخ راوي عين الدين ذكر ان اعضاء المجلس شددوا على أنه لا توجد "أرضية" لقيام دولة إسلامية داخل روسيا. وأضاف ان المسلمين يتعاونون مع أشقائهم من أبناء الديانات الأخرى في بناء دولة ديموقراطية لا محل فيها ل"الارهاب والتطرف والسلفية". ويذكر ان الدعوة إلى قيام دولة إسلامية كانت صدرت عن القائد الميداني المعروف شامل باسايف الذي تعتبره موسكو "زعيماً للارهاب". وأعلن الجنرال غينادي تروشيف أمس أن لديه معلومات ان باسايف غادر الأراضي الشيشانية وتوجه إلى الشرق الأوسط في محاولة للحصول على أسلحة لمواصلة القتال. ومعروف ان مسؤولين في روسيا كانوا أعلنوا مراراً "اختفاء" باسايف، لكنه كان كل مرة يظهر بعد يوم أو يومين في غروزني أو موقع آخر في الجمهورية الشيشانية.