إن توقيع وزير الخارجية الروسي اندريه كوزيريف على اتفاقية "الشراكة من أجل السلام" مع الحلف الأطلسي، في مقر الحلف في بروكسيل، أنهى وضعاً غامضاً ومتردداً استمر أشهراً حول صيغة مفترضة لعلاقات الحوار المتطور والمتوازن، الروسية - الأطلسية. ولم تحدث أي مفاجأة في هذا الاطار، والثوب الفضفاض لاتفاق الشراكة، حسب الاتجاه الذي رسمته القمة الأطلسية في كانون الثاني يناير الماضي، ترك المجال للتوصل الى صيغة تشاور أمني - سياسي مزدوج، من خلال مجموعة "16 " واحد"، الهدف منها رفع مستوى الحوار المتبادل من جهة وانخراط روسيا في آلية الأمن القاري، من جهة ثانية، من دون منحها حق الفيتو على القرارات الأطلسية. ولم يكن من باب الصدفة ان يشدد كوزيريف على أن اتفاق بروكسيل ليس صياغة مختلفة ليالطا جديدة، بل بداية لتصور مختلف يرد جزئياً على تحديات ما بعد الحرب الباردة. والمطلوب هو خلق اجواء ثقة بين الطرفين، كما قال الأمين العام المساعد للحلف، لكن من دون أن يؤثر ذلك، بالطبع، على مستقبل علاقات الحلف مع أوروبا الشرقية والوسطى ودول البلطيق التي هدفت مبادرة الشراكة أصلاً، لسد فراغها الأمني بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وزوال حلف فرصوفيا. عشرون دولة وقَّعت حتى الآن على اتفاقية "الشراكة من أجل السلام" مع الأطلسي. والآن اكتملت حلقات السلسلة، ليس فقط بهدف دعم غربي للرئيس الروسي بوريس يلتسن ولبرنامج الاصلاحات الهيكلية، بل كذلك، من أجل منح الصدقية الكافية لمبادرة الشراكة، وتعزيز الدور الجديد للحلف الأطلسي، على مستوى الأمن القاري.