كلما اندلعت الاضطرابات في كراتشي عاصمة اقليم السند الباكستاني تزداد المخاوف من تكرار الهاجس البنغالي، عندما انفصلت بنغلاديش عن باكستان في ايلول سبتمبر 1971، خصوصاً ان عدم تجانس التركيبة الاجتماعية يُعطي المبررات لمثل هذه المخاوف. فمنذ العام 1965 عندما اندلعت ثاني حرب باكستانية - هندية تعيش كراتشي اضطرابات عرقية وتغييرات اجتماعية يمكن اختزالها بتخوف المستوطنين الأصليين الذين يمثلهم حزب الشعب بزعامة بنازير بوتو ان يصبحوا أقلية في ظل تنامي قوة الأقلية المهاجرة من الهند بعد التقسيم في عام 1947. وما زاد الأمر تعقيداً ان مجهولين رفعوا في العام 1991 علم سندوديش في مطار كراتشي، في اشارة الى الرغبة في الانفصال. واتجهت اصابع الاتهام الى حركة المهاجرين، ما استدعى تدخل الجيش في أواسط 1991 وحدوث صدامات أدت الى سقوط 115 قتيلاً من المتمردين. الاضطرابات التي اندلعت في الأول من الشهر الجاري وامتدت خمسة أيام بين ناشطي الحركة بزعامة ألطاف حسين، والجيش الباكستاني مدعوماً من حزب الشعب الحاكم، خلّفت حتى الآن 23 قتيلاً و122 جريحاً بينهم ضابط وخمسة جنود، الى جانب حملات الاعتقال التي طاولت 300 من ناشطي حركة المهاجرين التي يقيم زعيمها الطاف حسين في لندن بعد ان ادين في ثمانين حالة جرمية، وتطلبه الحكومة للمثول أمام المحكمة، فيما يرفض هو ذلك ما لم يضمن تشكيل "محكمة عادلة ونزيهة". وتحاول حركة المهاجرين تدويل قضية اضطهاد انصارها، وسلّمت أخيراً مندوبي لجنة حقوق الانسان في جنيف مذكرة بهذا الخصوص. وكانت منظمة العفو الدولية أبدت قلقها في تقرير آذار مارس الماضي من الاضطهاد الذي يحيق بحركة المهاجرين، وأعرب حسين عن دهشته لاهتمام بوتو بحقوق الانسان في كشمير وتجاهلها الوضع في السند. ولا تؤكد الأجهزة الامنية الباكستانية وجود علاقة بين الاستخبارات الهندية وحركة المهاجرين، وان كانت هناك تلميحات. وتقول ان عدد اعضاء الحركة المنتشرين في الاقليم يبلغ 18 ألف عضو يختلط معهم تجار المخدرات في كراتشي المنفذ الباكستاني على العالم الخارجي عبر البر والبحر. وتورط سياسيين كبار باكستانيين في هذه التجارة يزيد القضية تعقيداً ما يبدد الآمال في امكان ايجاد حل لها. وقدرت مصادر حكومية خسائر كراتشي الاقتصادية يومياً بحوالي 30 مليون دولار في الوقت الذي أعلنت بوتو ان البلاد حققت نمواً اقتصادياً يبلغ حوالي 20 في المئة، فيما تراجع عجز الموازنة الى عشرة مليارات روبية 3 مليارات دولار بعد ان كان 62 مليار روبية في العام الماضي. اما عجز التبادل التجاري فانخفض من 32 في المئة الى 25 في المئة. وارتفع رصيد الدولة من العملات الأجنبية من 300 مليون دولار الى 9،1 مليار دولار.