الدكتور عمر عبدالرحمن والدكتور أيمن ربيع الظواهري، زعيما أبرز جماعتين دينيتين يرتكب اعضاؤهما عمليات العنف في مصر، أمضيا معاً ثلاث سنوات في سجن ليمان طره، حينما اتهما في القضية الرقم 462/81 إثر اغتيال الرئيس أنور السادات. وحصل الأول على البراءة فيما صدر حكم بسجن الثاني لثلاث سنوات. واتهم عبدالرحمن في اكثر من قضية قبل ان يغادر مصر للمرة الأخيرة عام 1990 الى الولاياتالمتحدة حيث يعيش حالياً موقوفاً في أحد سجونها. أما الظواهري فلم تشمله، منذ خروجه من مصر منتصف الثمانينات، أي لائحة اتهام في أي قضية، حتى صار أمره لغزاً. وزادت التساؤلات خصوصاً بعد اعلان لائحة الاتهام في قضية محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء التي وقعت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وكانت المفاجأة ان اللائحة شملت أسماء 15 متهماً من اعضاء جماعة "الجهاد" التي يقودها الظواهري، بينهم 6 فارين. لكن اسم الظواهري لم يدرج فيها على رغم ان اسمه ورد في التحقيقات محرضاً وداعماً للعملية من الخارج. كما ان السلطات كانت اتهمته قبل اعلان لائحة الاتهام في القضية نفسها بأنه يقف وراء كل العمليات الارهابية التي ارتكبها "الجهاد". وأخيراً فإن الظواهري نفسه أعلن انه أصدر التكليف لاتباعه بتنفيذ محاولة اغتيال اللواء حسن الألفي وزير الداخلية التي وقعت في آب اغسطس الماضي وهدد بأن عمليات اخرى في الطريق. "الوسط" اجرت تحقيقاً في القاهرة عن "لغز الظواهري" وحصلت على ملفات التحقيق التي جرت معه في قضية "الجهاد" عام 1981 وأوراق التحقيق مع المتهمين في قضية صدقي التي تضمنت اعترافاتهم ضد الظواهري، وتوجهت الى منزله في ضاحية المعادي والتقت والدته في حضور خاله، وحاورت محاميه في مصر السيد منتصر الزيات. في 23 تشرين الأول اكتوبر 1981، بعد 17 يوماً على اغتيال السادات قبض على الدكتور أيمن الظواهري اثناء سيره في شارع النهضة في ضاحية المعادي بالقرب من منزله. وفي 2/11/1981 فتح محضر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا مع الظواهري في القضية الرقم 462/81 الخاصة بتنظيم "الجهاد"، وجاءت اعترافاته على النحو الآتي: "في العام 1966 كنت منضماً الى تنظيم ديني يرأسه اسماعيل طنطاوي وكان معنا شخص يدعى سيد حنفي. وكنا نسعى الى العمل على قلب نظام الحكم وانضم الينا بعد ذلك شخص يدعى علوي مصطفى عليوه، كما انضم ايضاً عصام الدين الامري، ثم أشخاص آخرون حيث اتسع هذا التنظيم وبلغ ذروته عام 1974. وخلال العام 1975 حدث انشقاق على التنظيم اذ انشق عنه علوي مصطفى عليوه بعدما شكك في الخط الذي ينتهجه التنظيم وأدى ذلك الى انشقاق اعضاء آخرين انضم بعضهم الى تنظيم الفنية العسكرية، لكنني أنا واسماعيل طنطاوي ومحمد عبدالرحيم واصلنا السير في هذا التنظيم. ثم سافر اسماعيل طنطاوي الى المانيا في نهاية 1975 فبدأت بتكوين مجموعات تابعة للتنظيم فضلاً عن وجود مجموعة اخرى لمحمد عبدالرحيم". وسرد الظواهري اسماء عدد من الذين نجح في ضمهم الى التنظيم، وتابع: "أصبح تنظيمنا قبل القبض علّي يتكون مني كأمير ومعي محمد عبدالرحيم وسيد إمام وأمين الدميري ونبيل البرعي وخالد مدحت الفقي وخالد عبدالسميع ومصطفى كامل مصطفى وعبدالهادي التونسي وشقيقي محمد، والثلاثة الآخرون موجودون في احدى الدول العربية". اللقاء الأول مع عبود الزمر وفي محضر التحقيقات نفسه حكى الظواهري قصة معرفته بعبود الزمر الذي كان من أبرز قادة تنظيم "الجهاد"، قال: "قبل حوالي شهرين تقريباً تعرف احد اعضاء تنظيمي وهو محمد الدميري إلى أحد اعضاء تنظيم عبود الزمر وهو على الاغلب طارق الزمر واتفقا على التعاون التدريجي بين التنظيمين، وكان من نتائج هذا التعاون ان عبود الزمر قام بتخزين بندقية آلية وبعض المتفجرات لدى أمين الدميري. وحينما احتاج الزمر الى شقة مفروشة لكي يختبئ فيها بعد هروبه، دبر الدميري الشقة، كما دفع مبلغ 800 جنيه من أموال تنظيمنا الى الزمر لكي يشتري بها مكبرات صوت، اذ كانت خطة عبود بعد اغتيال السادات تتضمن القيام بتظاهرات بواسطة مكبرات صوت في الميادين المختلفة عقب اذاعة بيان كان من المفروض ان يتلى عبر الاذاعة". وأضاف الظواهري: "كان اللقاء الأول بيني وبين عبود الزمر يوم 6 تشرين الأول اكتوبر 1981 الساعة 10 مساء، اي عقب اغتيال السادات بثماني ساعات تقريباً، حيث توجهت الى الشقة التي كان يختبئ فيها في منطقة الهرم، وكان معي أمين الدميري وسيد امام، وتوجهنا اليه في سيارة الآخر حيث مكثت أنا وسيد أمام في السيارة أمام المنزل وصعد الدميري الى الشقة وأحضر الزمر ودار نقاش بيني وبينه حول مسألتين: الأولى هي الاكتفاء بما تم من واقعة الاغتيال وعدم تطوير الموضوع الى صدام مع الحكومة. والثانية مسألة معرفته بعصام الدين القمري، وهل بين الاشخاص الذين نفذوا اغتيال السادات شخص يدعى جمال راشد، فأجاب الزمر أنه لا يعرف القمري أو راشد. واكد ان الذين نفذوا الاغتيال اشخاص يتبعونه مباشرة. وتقابلت مع عبود الزمر بعد ذلك ثلاث مرات، احداها كانت بعد اللقاء الأول بيوم أو بيومين، وكان معي أمين الدميري وعصام القمري والتقينا في السيارة خارج الشقة التي كان يختبئ فيها. وسأله القمري هل لديه خطة "لضرب" الموجودين في جنازة السادات، اذ أنه سمع بذلك فقال الزمر انه يفكر في هذا الموضوع. أما اللقاء الثاني فكان يوم 11 تشرين الأول اكتوبر داخل شقته وكان معي أمين الدميري، ودار الحديث بيننا عن عملية اسيوط وما جرى خلالها. وأذكر أنني قلت له ان عملية الهجوم على مديرية الأمن في اسيوط خسائرها اكبر من فوائدها. واتفقنا مع عبود على أن نلتقيه في اليوم التالي ومعنا عصام القمري لأن عبود كان طلب من القمري عشر قنابل يدوية ومسدسين في اللقاء السابق. وفي اليوم التالي احضر القمري القنابل وذهبنا الى عبود والتقانا في شقته. وخلال اللقاء سلم عبود كلاً من أمين الدميري وعصام القمري بعض المتفجرات وهي عبارة عن أصابع ديناميت وفتيل تفجير واكثر من مفجر، وسليم القمري أيضاً علبتين صغيرتين داخلهما طلقات من عيار 6 و7 و9 ملم وشرح عبود فكرة القنابل اليدوية التي ييصنعها وطريقة استخدامها". كيف بدأ ثم دار الحوار الآتي بين المحقق والظواهري: متى بدأت اهتماماتك بالنواحي الدينية؟ - كان ذلك في المرحلة الثانوية سنة 1965 - 1966 حيث كنت أقرأ الكتب الدينية، وعقب حادث "الاخوان المسلمين" عام 1965 بدأ بعض الناس يحدثني عن ضرورة تجمع الشباب المسلم على أساس ان الحادث كان موجهاً ضد الشباب المسلم فاقتنعت بهذه الفكرة. ومتى نمت فكرة تكوين التنظيم الذي كنت فيه؟ - خلال 1966 - 1967 تقريباً. ومن الذي فكر في انشاء التنظيم؟ - كنا مجموعة من الطلبة في مدرسة المعادي الثانوية مع طلبة آخرين من مدارس اخرى من بينهم اسماعيل طنطاوي. ومن أنشأ هذا التنظيم؟ - كان معنا طالب اسمه عادل العياط فكّر في إنشاء التنظيم ثم قمت أنا واسماعيل طنطاوي وسيد حنفي وعادل العياط بتكوين التنظيم إلا أن العياط انسحب منه باكراً. هل أطلقتم اسماً معيناً على التنظيم؟ - لا. وكيف كان يتم تجنيد اعضاء تنظيمكم؟ - عن طريق الدعوة الشخصية. أين كانت تعقد الاجتماعات؟ - في منازل الاعضاء وفي بعض الاحيان كان اللقاء يعقد في المساجد المختلفة كمجرد مكان للالتقاء ثم نتوجه منه الى حديقة عامة أو الى منطقة هادئة في الكورنيش. من كان يدعو الى هذه الاجتماعات؟ - نظراً الى ان التنظيم كان صغيراً وكنت أنا المشرف على كل شيء فيه، لم يكن هناك شخص محدد يدعو الى هذه الاجتماعات. ما معنى الجهاد في ظل هذا التنظيم؟ - معنى الجهاد ازاحة الحكومة عن طريق مقاومتها وقلب النظام القائم. هل اعددتم الوسيلة الكافية للقيام بهذا الغرض؟ - نحن سعينا الى ذلك وكان أمامنا مشوار طويل لم نبلغه لأن امكاناتنا لم تصل بعد الى تحقيق هذا الغرض. كيف علمت بواقعة اغتيال الرئيس السادات؟ - كنت في منزل سيد إمام وحضر الينا أمين الدميري الساعة التاسعة صباح يوم الحادث وأبلغني أنه توجد عملية مدبرة أثناء العرض العسكري لاغتيال رئيس الجمهورية. وقال لي ان ثلاثة أشخاص سيشاركون في العرض سينفذون العملية وأنهم من ضمن مجموعة عبود الزمر. هل أبلغك بأسماء الاشخاص الذين سيقومون بذلك؟ - لم يحدث، لأنه لم يكن يعرف هؤلاء الاشخاص. هل أبلغك كيف علم بهذا الموضوع؟ - نعم، قال لي أن أحد اعضاء تنظيم الزمر - لا أعرفه وهو على الأغلب طارق الزمر - حضر إليه مخبر في اليوم نفسه وأبلغه ذلك. وقال لي الدميري ان عملية الاغتيال ستعقبها تلاوة بيان بالراديو وتظاهرات في الميادين الرئيسية. وما كان تصرفك بعد إبلاغك هذا الموضوع؟ - في الحقيقة أصابني شعور بالدهشة والارتباك. وأبلغني الدميري انهم يريدون أي مساعدة نستطيع تقديمها إليهم، فقلت له ماذا نستطيع ان نفعل؟ هل نضرب طلقات في الشارع ليقبض الأمن المركزي علينا؟ نحن لن نفعل شيئاً وننتظر لنرى ماذا سيحدث. وخلال العرض العسكري كنت أفحص مريضاً في المعادي ووجدت العرض العسكري "شغال" فاعتقدت ان العملية فشلت وانه قبض على المجموعة التي تنوي تنفيذ العملية. ثم عدت الى زيارة شقيقتي فأبلغتني ان العرض قُطع وأذاع المذيع ان الرئيس غادر العرض بسلام، فعلمت ان عملية الاغتيال أي الهجوم على الرئيس تمت وعرفت من الاذاعة بعد ذلك نبأ موت الرئيس ولم أسمع أي بيان أو أخبار من أي اذاعة اجنبية بحدوث اضطرابات او تظاهرات. الخروج من مصر خرج الظواهري من السجن بعدما قضى فيه ثلاث سنوات ومارس حياته في صورة طبيعية وافتتح عيادة في شارع 77 في حي المعادي بالقرب من مسكن اسرته حيث أقام مع زوجته التي كان تزوجها عام 1979، وغادر مصر عام 1985 الى مدينة بيشاور في باكستان حيث عمل طبيباً لمعالجة جرحى المجاهدين الافغان. وعندما انتهت الحرب الافغانية وبدأ "الافغان المصريون" يعودون الى بلادهم قبض على أكثر من 800 متطرف يشكلون تنظيماً دينياً يحمل اسم "طلائع الفتح الاسلامي". وأثبتت التحقيقات أنهم ينتمون الى "جماعة الجهاد" وان قائدها هو الدكتور الظواهري الذي يعيش خارج البلاد. وقسم المتهمون الى مجموعتين قدمت الأولى الى المحاكمة العسكرية في أربع قضايا منفصلة صدرت فيها أحكام بإعدام 9 منهم والسجن والبراءة لعدد آخر. وقبل ان تحال القضايا الأربع على القضاء العسكري تردد ان اسم الظواهري سيحتل مركزاً متقدماً في احداها، إلا ان لائحة الاتهام أعلنت من دون ان تضم اسمه. ولوحظ ان المتهمين كانوا يهتفون خلال جلسات المحاكمة باسم الظواهري. وأدلوا بتصريحات أكدوا فيها انه "زعيم الجماعة". ووقعت حادثة محاولة اغتيال اللواء حسن الألفي وزير الداخلية في آب الماضي، إلا ان مقتل اثنين من منفذي المحاولة أثناء العملية ووفاة ثالث اثناء التحقيق معه حال دون تقديم القضية الى المحاكمة، غير ان اسم الظواهري ظل يتردد ويحتل مكاناً بارزاً في الصحف المصرية باعتباره المحرض على العملية بعدما ثبت ان المنفذين الثلاثة هم من أعضاء "الجهاد". قضية صدقي وخلال التحقيقات التي اجرتها نيابة أمن الدولة العليا في قضية محاولة اغتيال الدكتور صدقي رئيس الوزراء التي وقعت يوم 25 تشرين الثاني الماضي فتح محضر يوم الخميس 9/12/1993 وجاء فيه: "ورد إلينا محضر تحريات مؤرخ في 6/12/1993 تضمن الآتي: - تولى قيادي تنظيم الجهاد الهارب خارج البلاد أيمن محمد ربيع الظواهري سبق الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في القضية الرقم 462/81، وهارب من تنفيذ العقوبة التكميلية بوضعه تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات، مسؤولية ادارة المخطط الهادف الى اغتيال السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء، واصدر التكليف لمعاونيه من قيادات تنظيم طلائع الفتح الارهابي بتنفيذ هذه العملية الارهابية داخل البلاد. كما تولى مسؤولية توفير الدعم المادي اللازم للاعداد للعملية وتنفيذها، وأشرف على خطوات الاعداد والتدبير والتنفيذ من خلال بعض معاونيه من العناصر القيادية للتنظيم وهم: ثروت صلاح شحاته وياسر توفيق علي السري وعمرو حسين وعادل السيد عبدالقدوس. - تلقى عضو التنظيم القيادي ثروت صلاح شحاته تكليفاً من القيادي ايمن الظواهري بمغادرة افغانستان والتوجه الى اليمن للاشراف على عملية توافر عناصر التنظيم الموجودة هناك والتأكد من مدى دقة تنفيذ بنود هذا المخطط بالصورة المطلوبة. ونفذ شحاته بالفعل ما كلفه الظواهري القيام به، كما كلف المتهم نور الدين سليمان تسلم كمية من الاسلحة والمتفجرات الخاصة بالتنظيم من بعض عناصر التنظيم داخل البلاد والاستعانة بالمتهم أمين اسماعيل المصيلحي لتخزينها في احد أوكار التنظيم. - أصدر المذكور تكليفاً لعضو التنظيم القيادي عادل السيد عبدالقدوس اثناء وجوده في اليمن بالسفر بسرعة الى الاردن في منتصف العام الجاري الماضي للقاء المتهم امين اسماعيل المصيلحي وتسليمه بعض الأوراق التنظيمية المشفرة التي تستخدم في الاتصال بين عناصر التنظيم والتنسيق معه حول سبل تخزين واخفاء الاسلحة والمتفجرات التي يحتفظ بها بعض عناصر التنظيم داخل البلاد". وكان على النيابة أثناء التحقيق التأكد من شخصيات قادة "جماعة الجهاد" في الخارج، فعرضت صور عدد من قادة الجماعات الدينية المختلفة الفارين خارج البلاد وداخلها على المتهمين المقبوض عليهم في قضية صدقي. ويوم السبت 11/12/93 الساعة 6.45 مساء فتح محضر نيابة أمن الدولة العليا اجراءات لاجراء عملية عرض الصور على المتهمين وجاء فيه: "ورد الينا كشف بأسماء أربعة من المتهمين مرقمين على النحو الآتي: 1- ايمن محمد ربيع الظواهري. 2- ثروت صلاح شحاته. 3- عادل السيد عبدالقدوس. 4- ياسر توفيق علي السري. ومرفق بهذا الكشف أربع ورقات مثبت على كل منها صورة لها رقم بالترتيب السابق بالنسبة الى الاوراق الواردة في الكشف المرفق، كما وردت الينا عشرون صورة فوتوغرافية لاشخاص مدون عليها من الخلف رقم كل منها وكشف مدون به أرقام واسماء اصحاب تلك الصور على نحو يتفق مع الترتيب المسلسل بها تلك الصور وذكر المحضر اسماء عشرين من المتهمين الفارين من تنظيمات دينية مختلفة. وأجريت عملية عرض الصور على المتهمين، وجاء في المحضر: "ان المتهم السيد صلاح السيد سليمان قرر ان الصورة الرقم واحد هي للدكتور ايمن الظواهري واسمه الحركي عبدالمعز وانه قيادي التنظيم ومصدر التكليفات لعناصر المجموعة من خلال القيادي احمد الذي يقيم في اليمن لتنفيذ حادث الاغتيال. - ان المتهم عصام محمد عبدالرحمن تعرف الى الصورة الرقم واحد وذكر انها للدكتور ايمن ربيع الظواهري واسمه الحركي عبدالمعز وهو امير التنظيم ومصدر التكليف للمجموعة بتنفيذ حادث محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي، وهو بوصفه قائداً للتنظيم مصدر كل تكليفاته التي تتم في صورة متدرجة حيث يكلف بها احد العناصر القيادية ثم تنقل الى بقية المجموعة التي يتم اختيارها. وفي حادث محاولة اغتيال رئيس الوزراء أصدر الظواهري التكليف الى الصاوي الذي يحمل اسماً حركياً هو "عثمان" و"أحمد" للاتصال بعناصر المجموعة التي تحددت لتنفيذ العملية. - ان المتهم طارق حسن الفحل تعرف الى الصورة الرقم واحد وقال انه يعرف صاحبها وانه ايمن محمد ربيع الظواهري، وقرر انه كان يعرفه باسم الدكتور عبدالمعز، وانه التقاه في بيشاور، وكان يلقي عليه واعضاء الجماعة بعض المحاضرات ولم يصرح له عن وضعه التنظيمي. - ان المتهم نور الدين سليمان ذكر ان الصورة الرقم واحد هي للدكتور ايمن الظواهري واسمه الحركي عبدالمعز وهو أمير الجماعة الذي سلمه مبلغ ألف دولار في باكستان وطلب منه العودة الى مصر واستئجار شقة للاقامة فيها والاتصال بعد ذلك بباكستان لتلقي التكليفات من هناك. - المتهم أمين اسماعيل المصيلحي تعرف الى صورة الظواهري وذكر انه أمير "جماعة الجهاد" ومعروف على مستوى العالم ولديه الصفات التي تؤهله لهذه الامارة وانه التقاه في افغانستان في معسكرات التدريب على استخدام الاسلحة، كما التقاه في بيشاور، وان اوامره تنفذها عناصر الجماعة باعتباره اميرها. في منزل الظواهري جلست السيدة أميمة عبدالوهاب عزام والدة الدكتور الظواهري في صالون منزلها بعدما نجح شقيقها المحامي المصري المعروف محفوظ عزام الذي حضر اللقاء في اقناعها بالتحدث الى "الوسط"، الا انها اشترطت عدم التصوير. يقع منزل العائلة في ضاحية المعادي جنوبالقاهرة، الحي الذي عرف في مصر بأنه حي الأثرياء والطبقة الراقية، وهو فيللا من دورين يسكنها حالياً والده الدكتور محمد ربيع الظواهري ووالدته وابنة شقيقته. اما شقيقتاه هبة وأمينة فمتزوجتان. ويعمل شقيقاه محمد وحسين خارج مصر، ويحمل المنزل الرقم 10 في الشارع 154 في المعادي. قالت السيدة أميمة عزام: "الدكتور أيمن من مواليد 19 حزيران يونيو عام 1951. ولد في القاهرة والتحق بالمدرسة القومية في مصر الجديدة ثم نقل الى المدرسة القومية في المعادي خلال المرحلتين الابتدائية والاعدادية وحصل على الشهادة الثانوية العامة من مدرسة المعادي عام 68 والتحق بكلية الطب في جامعة القاهرة وتخرج منها عام 1974. متى بدأت علاقته بالجماعات الدينية؟ - الحقيقة انه تأثر ببعض اصدقائه، واعتقد ان تعرفه الى يحيى هاشم احد قادة الجهاد قتل في مواجهات مع الشرطة في بداية السبعينات احدث تحولاً في حياته اذ تأثر به كثيراً. هل كان الدكتور أيمن يبوح لأحد بانتمائه التنظيمي؟ - كان عنيداً، وحينما كان أحد يسأله عن أفكار التنظيمات الدينية الموجودة على الساحة وأيها أقرب إليه كان يبتسم ويتهرب من الاجابة، وهو لم يكن يتوقع القبض عليه إثر اغتيال السادات ووقوع احداث اسيوط حيث قبض عليه يوم 23 تشرين الأول اكتوبر 1981، أي بعد أكثر من اسبوعين من حادث المنصة. كان يمكنه السفر الى الخارج الا انه قبض عليه اثناء سيره في شارع النهضة في المعادي. بين عمر عبدالرحمن ومحمد مكاوي انتهى اللقاء القصير مع والدة الظواهري، ولكن بقيت تساؤلات عن فترة وجوده في السجن ونشاطه قبل ان يغادر مصر عام 1985. والتقت "الوسط" محاميه السيد منتصر الزيات الذي زامله في السجن ثلاث سنوات ثم تولى الدفاع عن المتهمين في قضايا العنف الديني التي اتهم فيها اعضاء في "جماعة الجهاد" من اتباع الظواهري. يقول الزيات: "قابلته للمرة الأولى في سجن طرة بعدما اتهمنا معاً في القضية الرقم 462/81 إثر اغتيال السادات وأمضينا معاً ثلاث سنوات داخل أسوار السجن. أهم ما كان يميزه الهدوء والاتزان، لكنه كان في الوقت نفسه صارماً واتخذ موقفاً حازماً من مسألة ولاية الدكتور عمر عبدالرحمن والاتحاد الذي نشأ بين الجهاد والجماعة الاسلامية، قبل اغتيال السادات. وكان يعارض بشدة ولاية الدكتور عبدالرحمن وله رأيه الخاص في هذه القضية. وكثيراً ما كان يتحدث الى الدكتور عبدالرحمن الذي كان موجوداً معنا في السجن نفسه خلال تلك الفترة وكان يقول له "كن كالحسن بن علي الذي تنازل عن الامارة لكي يحقن الدماء ويوحد الصفوف". كنا نعلم انه طبيب وجراح ماهر، وبعد خروجه من السجن عام 1984 مارس حياته في شكل طبيعي وعمل في عيادته التي تقع في شارع 77 في حي المعادي الا اننا كنا نشعر بأنه مصمم على مغادرة مصر وانه عكف على درس اخطاء الماضي ووضع تصورات للمستقبل. وماذا عن نشاطه في باكستان وأفغانستان؟ - كانت بدايته المعاصرة في بيشاور التي وصل اليها في منتصف الثمانينات. ووفقاً لأقوال الذين قابلوه هناك، فانه استغل الساحة الأفغانية في تنظيم الصفوف وضم كوادر جديدة الى "جماعة الجهاد" وصار زعيماً للجماعة وبويع أميراً لها بعدما ترامت الأخبار أن عبود الزمر الذي كان يعد رمزاً وزعيماً للجهاد انضم الى مجلس شورى الجماعة الاسلامية. وماذا عن الخلاف بين الظواهري ومحمد مكاوي؟ - انا محامي الاثنين وليست لدي تفاصيل عن سبب الخلاف، لكنني سألت عدداً من الذين قبض عليهم واتهموا في قضايا العنف من اعضاء "جماعة الجهاد" وكانوا قابلوا الاثنين في باكستان وأفغانستان، عن أسباب الخلاف بينهما بعدما نشرت صحف ومجلات عربية حوارات مع مكاوي وجه فيها اتهامات شديدة الى الظواهري، وأجمعوا على ان العلاقة بين الاثنين لم تنشأ الا في مدينة بيشاور التي توجه اليها مكاوي بعد حصوله على البراءة في القضية الرقم 401 عام 1987 وخروجه من مصر اذ بحث عن دور بين قادة الجهاد هناك الا انه فوجئ بأن التصعيد في القيادة داخل جماعة الجهاد له معايير معينة لا تنطبق عليه، كما ان الظواهري يسيطر على الأمور داخلها، فأعلن انشقاقه مع خمسة آخرين. لكن مكاوي أعلن أكثر من مرة انه قائد تنظيم "طلائع الفتح الاسلامي"؟ - التحقيقات في قضايا "طلائع الفتح" المختلفة كشفت ان اعضاء التنظيم هم اعضاء "جماعة الجهاد" التي يقودها أيمن الظواهري، وكثيراً ما أعلن مكاوي مسؤوليته عن عمليات وقعت داخل مصر وبعد القبض على مرتكبيها كان يُكتشف انهم يهتفون باسم الظواهري داخل قفص الاتهام. بل ان بعضهم ذكر انه لا يعرف شخصاً باسم محمد مكاوي. ليس لغزاً ووفقاً لدوائر الشرطة المصرية فان الظواهري "ارهابي يقود ارهابيين آخرين ويحرضهم على ارتكاب أعمال العنف في مصر، وانه اقام معسكرات لتدريب هؤلاء في باكستان وأفغانستان وكلف بعضهم العودة الى مصر لتلقي التكليفات باغتيال شخصيات مهمة أو تفجير منشآت ومواقع عامة". وتشير تلك الدوائر الى ان الظواهري تنقل بين دول عدة بعد انتهاء الحرب الأفغانية واضطر الى مغادرة باكستان بعد قرار حكومتها بابعاد "الأفغان العرب" المقيمين في أراضيها وتنقل بين الخرطوم وصنعاء وهو يستخدم جواز سفر مزوراً في تنقلاته حتى وصل قبل بضعة أشهر الى مدينة جنيف السويسرية وقدم طلباً للحصول على اللجوء السياسي. وتقول الشرطة ان عدم ورود اسمه في لائحة الاتهام في قضية صدقي أو القضايا الأخرى التي اتهم فيها عدد من اتباعه "ليس لغزا ولا يعني انه بريء، لكنه حريص على نفسه أكثر من حرصه على أعضاء جماعته، لذلك فهو لا يصدر التكليفات الى منفذي العمليات الارهابية مباشرة وانما في صورة متدرجة حتى اذا قبض عليهم فان دائرة الاتهام تنحصر بهم وبمن أصدر اليهم التكليفات مباشرة ولا تشمله فيبقى طليقاً ليبدأ التخطيط والاعداد للعملية التالية". من أيمن الظواهري بيشاور يوم الاثنين 24/11/1980 الوالدة العزيزة الغالية الحبيبة السلام عليك ورحمة الله وبركاته. مرت عليَّ الآن ثلاثة أشهر منذ ان فارقت رؤياك الحبيبة وودعتك ولا زال هذا الموقف يهزني وان تذرعت بالصبر ويخفق له قلبي وان تظاهرت بالتحّمل ولم استطع كتمان هذا الشعور ففاضت فيّ هذه الأبيات الركيكة التي أرجو ان تقبليها على علاتها وانحطاط مستواها ولكن هذا هو جهد المقل: سلام من بلاد طاهرات لاحياء بهن الطاهرات * لعل الشعر ان يحمل اليها وجيباً من قلوب حائرات وأذكر موقفاً عند الرحيل يذيب الراسيات الشامخات يُصبحني ويمسيني جديداً يذكرني فراق الأمهات رضعت لبانها وورثت عنها صمود الحر عن طلب الفتات أسأت فأحسنت لم تبغ أجراً وعند الله أجر المحسنات لعل الله ان يمحو قصوري ويرضيها برغم السيئات فإن ترضى فإنعام وفضل والا صار عيش كالممات. ولكن هل أناء الأغُصيين نَبَتت من الجذور الطيبات وروح لم تزل تسعى اليها برغم البعد او رغم الشتات اذا تُشرق عليَّ الشمس نوراً ذكرتُ عطاءها دون التفات وإن تغرب تذكر في فراقاً به الأيام صارت مظلمات فهل يا ربنا ترحم غريباً يحن الى لقاء الأمهات * الباكستان: معناها البلد الطاهرة او النظيفة.