في مقابل النماذج السابقة يعد زعيم "جماعة الجهاد" الدكتور ايمن الظواهري الذي صار اهم مطلوب من جانب السلطات في دول عدة على رأسها اميركا بعد اسامة بن لادن نموذجاً مختلفاً تماماً فهو من اسرة راقية ولم يواجه ابداً ظروفاً اجتماعية أو اقتصادية سيئة، وهو من مواليد 19 حزيران يونيو عام 1951. ولد في القاهرة والتحق بالمدرسة القومية في مصر الجديدة ثم نقل الى المدرسة القومية بالمعادي خلال المرحلتين الابتدائية والاعدادية، وحصل على شهادة الثانوية العامة من مدرسة المعادي الثانوية العام 1968 والتحق بكلية الطب في جامعة القاهرة وتخرج منها العام 1974 بتقدير جيد جداً، وحصل على الماجستير في الجراحة من جامعة القاهرة العام 1978 وتزوج العام 1979 من احدى خريجات قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة القاهرة بعد أن وجد فيها شروط الزوجة الصالحة، وانجب منها اربع بنات وولداً. نشأ الظواهري في بيئة دينية. فجده هو الشيخ الظواهري الذي شغل منصب شيخ الازهر ووالده الدكتور محمد ربيع الظواهري الاستاذ في كلية الطب في جامعة عين شمس، واسرة والده من محافظة الشرقية التي يتسم اهلها "بالطيبة" والسذاجة والبراءة والصراحة الا انهم متفرغون للعمل، ومعظم افراد الاسرة درسوا الطب ومارسوه ونجحوا فيه، أما جده الدكتور عبدالوهاب عزام فكان استاذاً للآداب الشرقية وعميداً لكلية الاداب ورئيساً لجامعة القاهرة وسفير مصر في باكستان والسعودية واليمن، وفي الوقت نفسه كان يعد شيخ المتصوفين في مصر حتى أنه كان يلقب بأنه "الديبلوماسي المتصوف"، لكن كل ذلك لم يمنع الظواهري من ان يختار الطريق الذي اعتقد انه صحيح وأوصله الى الحال التي يعيشها حالياً، وهو تأثر ببعض أصدقائه خصوصاً يحيى هاشم احد قادة الجهاد وقتل في مواجهات مع الشرطة في بداية السبعينات الذي أحدث تحولاً في حياته، وهو كان يحرص على اداء الصلاة منذ كان طفلاً، وكان دائم التردد على مسجد حسين صدقي في المعادي، وفي بداية شبابه كان يرى ان الحركة الإسلامية تفرط في مسائل لا يصح التفريط فيها. ومنذ صغره ادرك الفروق الجوهرية داخل الحركة الإسلامية بفرقائها ونوازعها في مصر، وكان يستطيع ان يفرق وهو في سن مبكرة بين "الاخوان" و"الجهاد" و"التكفير والهجرة" وغيرها من الحركات الدينية التي كانت موجودة في تلك الفترة، كما كان على علم بقضية كل جماعة وايجابياتها وسلبياتها. وحين بلغ الظواهري سن السادسة عشرة كان عضواً نشطاً في خلية تابعة لتنظيم "الجهاد" ثم اتهم في قضية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات لكنه بريء، وبعد إطلاقه سافر الى باكستان ومنها الى افغانستان، واثناء التحقيق معه في قضية السادات روى الظواهري تاريخه ووقائع تحوله الى ناشط في تنظيم "الجهاد" وقال: "في العام 1966 كنت منضماً لتنظيم ديني يرأسه اسماعيل طنطاوي وكان معنا شخص يدعى سيد حنفي وكنا نسعى الى العمل على قلب نظام الحكم، وانضم إلينا بعد ذلك شخص يدعى علوي مصطفى عليوه كما انضم ايضاً عصام الدين الامري، ثم اشخاص آخرون حيث اتسع هذا التنظيم وبلغ ذروته عام 1974 وخلال عام 1975 انشق علوي مصطفى عليوه بعد أن شكك في الخط الذي ينتهجه التنظيم وادى ذلك الى انشقاق اعضاء آخرين انضم بعضهم الى تنظيم "الفنية العسكرية" ولكني انا واسماعيل طنطاوي ومحمد عبد الرحيم واصلنا السير في هذا التنظيم ثم سافر اسماعيل طنطاوي الى المانيا في نهاية 1975 فبدأت في تكوين مجموعات تابعة للتنظيم فضلا عن وجود مجموعة اخرى لمحمد عبد الرحيم. وسرد الظواهري اسماء عدد من الذين نجح في ضمهم الى التنظيم، وتابع: "اصبح تنظيمنا قبل ان يتم القبض عليّ يتكون مني كأمير ومعي محمد عبدالرحيم وسيد امام وامين الدميري ونبيل البرعي وخالد مدحت الفقي وخالد عبد السميع ومصطفى كامل مصطفى وعبد الهادي التونسي وشقيقي محمد والثلاثة الاخرون موجودون في احدى الدول العربية". ثم حكى قصة معرفته بعبود الزمر الذي كان يعد احد ابرز قادة تنظيم الجهاد وقال: "قبل حوالي شهرين تقريباً التحقيق جرى في تشرين الاول/اكتوبر 1981 تعرف احد اعضاء تنظيمي وهو محمد الدميري الى احد اعضاء تنظيم عبود الزمر وهو على الاغلب طارق الزمر وتم الاتفاق على التعاون التدريجي بين التنظيمين وكان من صور هذا التعاون ان عبود الزمر قام بتخبئة بندقية آلية وبعض المتفجرات لدى امين الدميري، وفي الفترة الاخيرة وعندما احتاج الزمر الى شقة مفروشة لكي يختبئ بها فإن الدميري قام بتدبير الشقة كما قام بدفع مبلغ 800 جنيه من اموال تنظيمنا الى الزمر لكي يشتري بها مكبرات صوت لأن خطة عبود بعد اغتيال السادات كانت تتضمن القيام بتظاهرات بواسطة مكبرات صوت في الميادين المختلفة عقب اذاعة بيان كان من المفروض ان يتلى عبر الاذاعة". واضاف الظواهري: كان اللقاء الأول بيني وبين عبود الزمر في يوم 6 تشرين الاول 1981 الساعة 10 مساء اي عقب اغتيال السادات بثماني ساعات تقريباً حيث توجهت الى الشقة، التي يختبئ بها في منطقة الهرم، وكان معي امين الدميري وسيد امام وتوجهنا اليه في سيارة الاخير حيث مكثت أنا وسيد امام بالسيارة أمام المنزل وصعد الدميري الى الشقة واحضر الزمر ودار نقاش بيني وبينه حول مسألتين: الاولى هي انه يكفي ما تم من واقعة الاغتيال ويجب عدم تطوير الموضوع الى صدام مع الحكومة، والثانية مسألة معرفته بعصام الدين القمري، وما اذا كان من بين الاشخاص الذين قاموا باغتيال السادات شخص يدعى جمال راشد فاجاب الزمر بانه لا يعرف القمري او راشد واكد ان الذين قاموا بتنفيذ الاغتيال اشخاص يتبعونه مباشرة". وتابع: "تقابلت مع عبود الزمر بعد ذلك ثلاث مرات احداها كانت بعد اللقاء الاول بيوم او بيومين وكان معي امين الدميري وعصام القمري والتقينا به في السيارة خارج الشقة التي كان يختبئ فيها، وسأله القمري عما إذا كان لديه خطة "لضرب" الموجودين في جنازة السادات، اذ انه سمع بذلك فأقر له الزمر بانه يفكر في هذا الموضوع، اما اللقاء الثاني فكان يوم 11 تشرين الاول وكان داخل شقته وكان معي امين الدميري، ودار الحديث بيننا عن عملية اسيوط وما تم بها وأذكر انني قلت له: ان عملية الهجوم على مديرية الامن في اسيوط خسائرها اكبر من نفعها واتفقنا مع عبود ان نلتقي به في اليوم التالي ومعنا عصام القمري لأن عبود كان قد طلب من القمري عشر قنابل يدوية ومسدسين في اللقاء السابق، وفي اليوم التالي احضر القمري القنابل وذهبنا الى عبود والتقينا في شقته، وخلال اللقاء قام عبود بتسليم كل من امين الدميري وعصام القمري بعض المتفجرات وهي عبارة عن اصابع ديناميت وفتيل تفجير واكثر من مفجر كما قام بتسليم القمري علبتين صغيرتين داخلهما طلقات من أعيرة 6 و7 و9 ملم وشرح عبود فكرة القنابل اليدوية التي يقوم بتصنيعها وكيفية استخدامها".