سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجماعات الإسلامية ... رؤية من الداخل" لمنتصر الزيات . رفض الظواهري "ولاية الضرير" عبد الرحمن فكاد الشقاق يقع في صفوف الجماعة 2 من 5
نشر في الحياة يوم 11 - 01 - 2005

بعدما تحدثت الحلقة الاولى من كتاب"الجماعات الإسلامية... رؤية من الداخل"للمحامي الاسلامي منتصر الزيات عن بدايات التزامه بالفكر الحركي الجهادي، تتطرق الحلقة الآتية الى تعدد الجماعات الاسلامية وتوزعها وأبرز رجالاتها.
في بدايات 1980 التقيت في مسجد الخلفاء الراشدين بأحمد هاني الحناوي، الذي قدّم إليّ شخصاً يدعى"اسامة"، وهو فلسطيني يحمل جواز سفر أردنياً ويدرس في الأزهر. كان أقرب إلى القِصر منه إلى الطول، أصلع خمري اللون يشع من عينيه الذكاء وكان عمره حوالي 29 عاماً. بعد التعارف خرجنا من المسجد، وفي الطريق الى محطة مترو عبد العزيز فهمي حدثني"أسامة"عن ضرورة قيام دولة اسلامية، ونصحني بقراءة"فقه الجهاد في سبل الاسلام"للامام الشوكاني. قال لي إن طريق الدعوة الإسلامية يمر بمراحل عدة، الأولى، مرحلة الدعوة باللسان، والثانية مرحلة زجر المتلقين بشيء من التخويف والثالثة تكون باليد أي بالعنف، وهذا ما كنا نمارسه بالفعل في الجامعة بفصل الطلبة عن الطالبات ومنع حفلات الموسيقى والتمثيل والمسرح.
في ما بعد عرفت أن"أسامة"هذا ليس سوى محمد سالم الرحال. كان رحال يردد أن مصر هي أكبر دولة عربية وأن الحركة الإسلامية فيها ينبغي أن تقوم بدورها من هذا المنطلق، وأن صالح سرية جاء إلى مصر وهو يدرك أنه إذا تحرك الشعب المصري ستتحرك الشعوب العربية كلها لاقتلاع الأنظمة الحاكمة. في طريقنا إلى محطة المترو قال"أسامة"إنه يثق فيّ لأن أحمد هاني الحناوي قدمني إليه باعتباري أحد قادة العمل الطلابي والإسلامي في أسوان ثم صارحني برغبته في أن أنضم إلى تنظيمه ومعي جماعة أسوان. وأشار إلى أن تنظيمه يضم ضباطاً في الجيش المصري مستعدين لاسقاط النظام الجاهلي بالقوة، وشرح فكرة أن نقوم بثورة شعبية. فهمت أن تنظيمه يضم مجموعات عنقودية لا يعرف بعضها بعضاً على رغم اتصالها فكرياً تماماً مثل مجموعة محمد عبد السلام فرج ومجموعة كرم زهدي.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف توزعت الجماعات الاسلامية وكيف بدأت تتعدد؟
في مواجهة الغليان الذي كان في 1980 وجدت مساحة من التنسيق بين هذه المجموعات الجهادية، فبدأت كل مجموعة تتعرف على الاخرى. أنا نقلت مثلاً ما دار في اللقاء بيني وبين محمد سالم رحال الى اخواننا في مجلس الشورى في أسوان والى بعض قادة الحركة في مناطق مختلفة، وطلبت من الجميع ألا أتورط في أي ارتباط مع رحال، وأن ندرس بعمق طرحه الفكري وأسانيده الشرعية. ومع ذلك وجدنا كرم زهدي يقول إن دولة الاسلام تقام بالقوة وليس بالخطب الرنانة، كما كان يقول إن الحاكم الذي يُترك لن يطبق شرع الله. في عام 1980.
"الفريضة الغائبة"
لاحظت ان كتاب"الفريضة الغائبة"لمحمد عبد السلام فرج يكاد يكون متطابقاً مع ما يردده محمد سالم رحال وكرم زهدي. كان الأخير يحاول عرض فكرته على المجموعات الجهادية، فيما التقى فرج في أسيوط بأعضاء مجلس الشورى العام وعرض عليهم الفكرة، وحصل تنسيق عام. ثم ظهر الشيخ عمر عبد الرحمن بعدما عاد من إعارته للمملكة العربية السعودية، وكان يعمل في جامعة الأزهر فرع أسيوط.
بدأ الشيخ عبد الرحمن يمارس الدعوة في الصعيد، وفطن الاخوة الى أنه كان يخطب بجرأة شديدة مقارنة بغيره من العلماء الذين كانوا يهاجمون السادات من منطلقات سياسية، بينما كان هو يهاجمه من منطلق خروجه عن الإسلام.
وشهد عام 1980 تنسيقاً عاماً في تدريس فقه الجهاد في كل المحافظات، من دون الإفصاح عن أن هناك ارتباطاً معيناً بين التنظيمات الجهادية، أو إن هناك تنظيماً يسعى إلى قلب نظام الحكم. وخلاصة القول أنه لم تتبلور حتى ذلك الوقت أيّة أفكار محددة للثورة الشعبية، لكن من الغريب جداً أن عبد السلام فرج لم يقل أبداً إنه نجح في تجنيد ضباط في الجيش منهم خالد الاسلامبولي.
كان خالد أحمد شوقي الاسلامبولي برتبة ملازم أول في القوات المسلحة، وهو من مواليد المنيا ووالده الاستاذ أحمد شوقي الاسلامبولي الذي كان محامياً كبيراً في النقض. تتلمذ خالد على الشيخ عبد الله السماوي، لكن ارتباطه الحركي الوثيق كان بفرج مباشرة. والشائع أن الاسلامبولي انضم إلى الجماعة الإسلامية في الوجه القبلي. قبل اغتيال السادات لم يكن كثيرون يعرفون خالد، فيما كان شقيقه الأكبر محمد شوقي الاسلامبولي أميراً للجماعة الإسلامية في كلية التجارة في جامعة أسيوط. وعندما وقع حادث اغتيال السادات وجدت إخواننا في الوجه القبلي يقدمون الإسلامبولي على أنه منهم، خصوصاً بعد انقسام تنظيم"الجهاد"بين الوجه البحري بقيادة محمد عبد السلام فرج وعبود الزمر، والوجه القبلي بقيادة الشيخ عمر عبد الرحمن. وللأمانة والإنصاف أقول إن خالد الاسلامبولي لم تكن له علاقة بالتنظيم، لكن علاقته كانت بفرج وعطا طايل حميدة الضابط الاحتياط الذي شارك في قتل السادات، وحسين عباس بطل الرماية صاحب الطلقة الاولى على السادات، وعبد الحميد عبد السلام وكان ضابط احتياط. لذلك حينما أؤكد أن عبد الله السماوي معلم هؤلاء فإنني لا أتجاوز الحقيقة.
تعرفت على عبد الحميد عبد السلام عن طريق الشيخ السماوي عام 1979 تقريباً. كان عبد السلام متسقاً مع نفسه لا يحب أن يستغل وجوده في القوات المسلحة للعمل التنظيمي، وترك الخدمة تأثراً بالافكار التي كان يرددها السماوي في ذلك الوقت عن عدم جواز خدمة المسلم في الجيش الذي لا تعلو أحكام الاسلام عليه. كنت استشعر فيه الاخلاص سواء اتفقنا أو اختلفنا مع ما فعل. بعد تركه الخدمة في القوات المسلحة افتتح مكتبة لبيع الكتب الدينية في منطقة عين شمس شرق القاهرة حيث كان يسكن، كما كان يستعمل سيارته الخاصة الملاكي في نقل الركاب من دون رخصة.
تبلورت في ذلك الوقت الاطروحات المطالبة بالخروج على نظام السادات في"رسالة الإيمان"و"الفريضة الغائبة". كان"رسالة الإيمان"كتيباً صغيراً يحتوي على أدلة عدم مشروعية النظام الحاكم، لكن"الفريضة الغائبة"يتحدث عن كفر النظام ويحض على الخروج عليه، وقد تعرض بالنقد لكل الجماعات الموجودة في الساحة. واستند فرج في كتابه"الفريضة الغائبة"على فكرة مقاتلة الطائفة الممتنعة عن الالتزام بشريعة من شرائع الإسلام، وكذلك فكرة الخروج على الحاكم، وهاتان الفكرتان مقتبستان من"الفتاوى الكبرى"لابن تيمية، وتبنته بعد ذلك"الجماعة الإسلامية"في صعيد مصر عندما تولى زعامتها الدكتور عمر عبد الرحمن. كان طرح فرج الذي عرضه في ثلاث أو أربع صفحات في الكتاب تحول إلى بحث كبير على يد"الجماعة الإسلامية"ويتلخص في أن قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد.
العدو القريب... والبعيد
وهنا أود أن أوضح مدى الخلل في ذلك الطرح. ففكرة فرج تقوم على أن قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد، وأن دماء المسلمين ستنزف حتى وإن تحقق النصر، ووجدنا ضالتنا في هذا الفكر الذي كان يترجم حالتنا النفسية. والغريب في الأمر أن فرج كان يخشى أن تُثبت معركة لتحرير القدس أركان الدولة الخارجة عن شرع الله!. وهذه النظرية التقط خيطها بعد سنوات أيمن الظواهري وهي أساساً ترى أن تحرير القدس يبدأ من القاهرة، لكنه بعدما خرج من القاهرة تحالف مع أسامة بن لادن وترك العدو القريب ليقاتل الولايات المتحدة.
بدأ الشيخ عمر عبد الرحمن يمارس الدعوة في أسيوط بعد عودته من المملكة العربية السعودية، فالتف حوله الشباب ووجدوا فيه ما يشفي صدورهم. فقد كان ما يطرحه يتجاوب مع الثورة المعتملة في نفوسنا. كان في ال46 من العمر تقريباً، وكنت في ال26، فيما كان عبود الزمر محمد عبد السلام فرج بين 30 و35 عاماً. كنا نحتاج إلى عالم نضعه على رأس التنظيم.
لم ألتق الشيخ عبد الرحمن شخصياً إلا في السجن، وكنت أسمع عنه الكثير من إخواننا في ما يتعلق بدوره الدعوي. وقد حدثت أُلفة بينه وبين كرم زهدي وطلعت فؤاد وفؤاد الدواليبي وإخواننا في أسيوط تحديداً، فكان يدعى لتدريس الفقه في المعتكفات التي كانت تنظم ليلاً في المساجد.
بعد لقائي بمحمد سالم رحال في بيتي تواعدنا على أن نلتقي في مسجد جمعية الإصلاح الذي يقع بعد الكوبري الصغير الذي يربط ميدان رمسيس بميدان احمد حلمي في القاهرة. توجهت الى المكان المتفق عليه لكنني لم أجده، والتقيت بأحمد هاني الحناوي فقال لي أن أجهزة الأمن فطنت إلى خطورة هذا الشخص يقصد رحال وتحركاته واعتقلته ورحّلته خارج البلاد. كان ذلك أوائل كانون الثاني يناير 1981 فتوجهت المجموعة التي كانت مع رحال إلى محمد عبد السلام فرج وبايعته، وكان على رأسهم كمال حبيب والحناوي.
ومع أن رحال لعب دوراً محورياً في توحيد التنظيمات الجهادية في مصر، إلا أنه كانت هناك علامات استفهام كثيرة في شأنه. وكان فرج على رأس المشككين فيه فكان يتساءل عن أهدافه علناً، فيما كان الآخرون يضمرون شكوكهم ويكتمون أسئلتهم في صدورهم، ومنها: من أين جاء وكيف وما هي أغراضه؟.
دولة الخلافة
كنا نجهز لتوحد المجموعات الجهادية من أجل اسقاط الأنظمة العربية وإقامة دولة الخلافة الإسلامية، وهذه أفكار نابعة من"حزب التحرير"الذي كان ينتمي إليه محمد سالم رحال في الأصل. كان رحال يرغب في أن نبدأ بمصر ثم يتم تصدير الثورة إلى بقية الدول العربية، وفقاً لنموذج الثورة الشعبية التي اندلعت في إيران في 1979بتحريض من آية الله الخميني. وكان كرم زهدي أيضاً من المؤمنين منذ البداية بفكرة التغيير الثوري، فقاد الجماعة الإسلامية في الوجه القبلي ناحية التصادم وعمليات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل جامعة اسيوط، وكان يقبض عليه كثيراً، حتى في الوقت الذي كانت السلطات تبارك فيه العمل الطلابي الإسلامي. ومن العمليات التي أمر بتنفيذها في تلك الفترة المبكرة الاعتداء على بعض الطلاب في الجامعة من النصارى الذين كانوا يعلّقون صلباناً على أبواب حجراتهم في المدينة الجامعية، كما منع دخول الفرق الموسيقية والفرق المسرحية وعرض الأفلام السينمائية داخل الجامعة، وكانت كلها إرهاصات للعمل المسلح الذي آمن زهدي بحتميته.
كانت علاقة زهدي بمحمد عبد السلام فرج وطيدة جداً، على رغم أن من الصعب وجود تناغم في علاقة ما مع كرم زهدي. فكل الشخصيات التي كانت قريبة منه في ذلك الوقت اختلفت معه، ومنهم أبو العلا ماضي ومحيي الدين أحمد عيسى اللذان تدهورت علاقتهما به ووصلت إلى حد القطيعة بسبب انضمامهما إلى"الإخوان المسلمين"، وكان لذلك تأثيره على الآخرين داخل"الجماعة الإسلامية"، مثل الدكتور ناجح إبراهيم وعصام دربالة. ولازلت أعتقد بأن التأثير الذى أحدثه محمد عبد السلام فرج في كرم زهدي يماثل تماماً التأثير الذي أحدثه الدكتور عبد الله عزام في أسامة بن لادن في أيام الجهاد الأولى في أفغانستان ضد الروس، فتحول من ثري إلى مجاهد يدعم المجاهدين، ثم جاء أيمن الظواهري ليعلم بن لادن فقه الجهاد ضد الأنظمة الجاهلية. أما العلاقة بين زهدي وعبود الزمر، فكانت متوترة منذ اليوم الأول، ولا زالت على توترها حتى الآن، حتى أن الكتب والمراجع التي أصدرتها الجماعة الإسلامية أخيراً خلت من اسم عبود الزمر.
كانت لدى زهدي تجاه عبود الزمر الشكوك نفسها التي كانت لدى فرج تجاه رحال، ربما لأن الزمر ضابط مخابرات ومن عائلة كبيرة وعريقة. وربما لكل هذه الاعتبارات شعر كرم زهدي أن عبود الزمر يحتل مكاناً متميزاً في التنظيم الذي يسعى هو إلى بنائه وكان يعد نفسه ليكون في موقع الرجل الثاني فيه تمهيداً لتولي القيادة بعد محمد عبد السلام فرج، وربما شعر زهدي أن الزمر منافس حقيقي له في هذا الطموح، وقد ترك ذلك أثراً ملحوظاً على التنظيم بعد مقتل السادات. كانت طبيعة كرم زهدي تسعى إلى الهيمنة في الوقت الذي يصعب فيه ذلك على عبود الزمر.
كنا منذ بداياتنا في 1975 نسير وفق منهج تعليمي محدد داخل"الجماعة الإسلامية". وقد أضاف محمد عبد السلام فرج إلى هذا المنهج أبعاداً تدريبية وتثقيفية تعتمد في المقام الأول على فتاوى ابن تيمية للإجابة عن أسئلة تتعلق بواقع العالم الإسلامي اليوم. وأذكر أن علاقة عمر عبد الرحمن بكرم زهدي كانت وثيقة إلى درجة الحميمية. وكان يُنظر إلى كرم زهدي باعتباره مكتشف عمر عبد الرحمن، فهو استمع إليه للمرة الأولى في المنيا ثم دعاه إلى أسيوط، بعدما اكتشف أن لدى هذا الشيخ الضرير جرأة في قول الحق. وعندما تقرب منه وعلم أنه سجن لأنه رفض الصلاة على الرئيس جمال عبد الناصر في المسجد الذي كان إماماً له في الفيوم وقال للمصلين:"هذا طاغوت ولا تجب الصلاة عليه"، توطدت الصلة أكثر لأن زهدي الثائر على الحكام وجد ضالته في عبد الرحمن.
وقد لا يعرف الكثيرون أن عمر عبد الرحمن حصل على الدكتوراه في تفسير القرآن الكريم، واستاذه الذي ناقش على يديه هذه الرسالة هو شيخ الازهر الحالي الدكتور محمد سيد طنطاوي. لذلك تقدم وسط شباب"الجماعة الإسلامية"الذين كانوا يشعرون بأنهم يفتقدون وجود كوادر على هذا المستوى بينهم، ولذلك رأوا أن من المناسب أن يكون الشيخ عبد الرحمن على رأس الجماعة، فتوجه إليه كرم زهدي ومحمد عبد السلام فرج وطلعت فؤاد قاسم وحمدي عبد الرحمن، وتحدثوا معه حول هذا التنظيم الذى يقيمونه وأهدافه، وأنهم يريدون منه أن يكون على رأس هذا التنظيم، أميراً عاماً لهم، فطلب أن يمهلوه للتشاور والتفكير. وبعد فترة وجيزة توجهت المجموعة نفسها مرة أخرى إلىه حيث يقيم في الفيوم وألحوا في طلبهم فوافق على أن يكون أميراً عاماً للتنظيم. لذلك كان الشيخ عمر يشعر بمودة خاصة تجاه كرم زهدي، ويعتبر أنه صاحب الفضل في وضعه على رأس هذه الجماعة الكبيرة على رغم كل الموانع التي تحول دون ذلك وفي مقدمها أنه ضرير، وهي المسألة التي أثارها بعد ذلك في السجن في ما بعد عصام القمري عندما رفع شعار"لا ولاية للضرير".
أيمن الظواهري مرة أخرى
عندما كان أيمن الظواهري في الثانوية العامة عام 1968 بدأ طريقه نحو العمل الثوري الإسلامي بأن أسس خلية تتبنى فكر الجهاد، على رغم أنه لم يكن قد إلتقى حتى ذلك الوقت أياً من قيادات هذا الفكر أو قرأ لهم شيئاً، كما لم تكن له خلفية اخوانية على الاطلاق، وكان أبرز المقربين منه في تلك المرحلة سيد إمام عبد العزيز، الذي زامله في كلية الطب، وأصبح معروفاً في أوساط الجماعات الإسلامية بعد ذلك بكنيته، وهي"الدكتور فضل". وتأثير عبدالعزيز في الظواهري يرجع إلى فترة مبكرة من صداقتهما حتى أنه نصبه أميراً للخلية التي أسسها عام 8691. علماً أنه أصبح أمير أيمن الظواهري عام 1991 في افغانستان. وكان سيد إمام عبد العزيز هو الذي وضع دستور جماعة"الجهاد"في كتاب سماه"العمدة في إعداد العدة"وبسببه صدر ضده حكم بالاشغال الشاقة. وإذا كان محمد عبد السلام فرج وضع"الفريضة الغائبة"في كتيب صغير جمع فيه بعض مقولات الإمام ابن تيمية، فإن سيد إمام عبد العزيز وضع مجلداً ضم 600 صفحة تقريباً جمع فيها أحكام من وجهة نظره عميقة لكنها مشتتة. وتضمن الكتاب الذي يعتبر مرجعاً عاماً في فقه الجهاد حركياً وجهة نظر التنظيم في الاحزاب السياسية، وكيفية العمل من أجل الحصول على السلاح والتدريب عليه، اضافة إلى أبحاث فقهية.وكان كثيرون يعتقدون أن الظواهري هو الذي وضع كتاب"العمدة في إعداد العدة"، ربما لأن عبد العزيز كان لا يحب الظهور ويكتب بأسماء مستعارة مثل عبد القادر عبد العزيز.
ومن أصدقاء أيمن الظواهري أيضاً في بواكير شبابه صيدلي اسمه أمين الدميري كان يسكن في منطقة الهرم في الجيزة، ونبيل البرعي وهو صاحب مكتبة دينية في ضاحية المعادي، والمهندس محمد عبد الرحيم الشرقاوي وكان متخصصا في صناعة الأسلحة في ورشة يملكها. وخلال أحداث سنة 1981 دوهمت هذه الورشة وكانت تجري فيها محاولات لتطوير الاسلحة لاطلاق صواريخ. وكان ضمن المجموعة المقربة من الظواهري شقيقه الاصغر محمد الذي كان أحد مصادر تمويل تنظيم الجهاد من خلال عمله في الخارج، وتم اعتقاله في دولة الامارات العربية المتحدة وتسليمه إلى مصر. وفي محاكمة تنظيم"الجهاد"تردد أن محمد الظواهري تسلم من خاله سالم عزام رئيس المجلس الإسلامي الاوروبي والمقيم في لندن مبالغ مالية، إلا أن المحكمة رأت ان هذا الدليل غير كاف لادانة عزام.
ومن أهم الشخصيات التي ارتبط أيمن الظواهري بها منذ البداية الضابط عصام القمري. وتعود علاقتهما إلى مرحلة الدراسة الثانوية وقد كلّف الظواهري الالتحاق بالكلية الحربية حتى يعينه في ما بعد على قلب نظام الحكم. أما فكر أيمن الظواهري الجهادي فتبلور من خلال مؤلفات سيد قطب. فكل المقالات التي كان ينشرها عن تنظيمه تصدرتها مقولات لسيد قطب، وكذلك افتتاحية نشرة"كلمة حق"التي كانت تنطق باسم جماعة الجهاد من بيشاور في افغانستان ثم نشرة"المجاهدون".
وإذا كان محمد عبد السلام فرج يسعى إلى قلب نظام الحكم عن طريق الثورة الشعبية وفق نموذج الثورة الايرانية، فإن الظواهري كان يحبذ تحقيق الهدف نفسه عن طريق زرع عناصر داخل القوات المسلحة.
في البداية لم تكن خطورة الظواهري بادية لأجهزة الامن لذلك اعتبر دوره في قضية الجهاد ثانوياً فصدر ضده حكم بالاشغال الشاقة ثلاث سنوات لحيازته مسدساً من عيار تسعة مللم. وجاء كشف تنظيم الظواهري في ذلك الوقت عَرَضاً عن طريق شخص اسمه مدحت، اعتقل وفي حوزته حقيبة معبأة بالقنابل يبدو أنه كان سينقلها إلى محمد عبد السلام فرج بتكليف من الظواهري نفسه. ومدحت هذا هو الذي أرشد أجهزة الامن الى أيمن الظواهري تحت ضغوط عنيفة، ما تسبب في كشف تنظيم كامل داخل القوات المسلحة يضم نحو 40 ضابطًا. ويبدو ان العلاقة بين الظواهري وفرج كانت حميمية، فالأخير كان كأن على رأسه النار، ولم يكن ثمة من يهتم بالعمل الجهادي إلا وكان يسعى إلى الالتقاء به، وكان كل منهما يرى ضرورة الاطاحة بنظام السادات لأنه نظام جاهلي، إلا أن الظواهري كان أكثر حرصاً على التحرك بسرية، وكان يحرص على تجنيد عناصر عسكرية أو عناصر مدنية تلقّت تدريباً عسكرياً في تنظيمه.
أيمن الظواهري يبدو انطوائياً وخجولاً، وكان قليل الكلام، لكنه إذا تكلم يُسمع فكلامه مرتب ومنظم وصوته خفيض ولا ينفعل ابداً، لذلك كانت قدرته على الاقناع عالية.
وكان محمد عبد السلام فرج خطيباً يجمع بين العلنية والسرية، أما الظواهري فكان يرفض ذلك تماماً ويرى أن العمل لا بد أن يكون سرياً، لذلك كان يأمر اتباعه أن يحلقوا لحاهم، وهو لم يطلق لحيته إلا في السجن. ولما أفرج عنه في 1984 حلق لحيته وعاد إلى ما كان عليه، فهو كان يمعن في التمويه والخداع، لذلك استطاع أن يجند هذا العدد من الضباط، ويجمع هذا الكم من الاسلحة، اذ ضبطت في منزل صديقه نبيل البرعي في المعادي ترسانة من الاسلحة وصناديق من السلاح الآلي. الخلاصة هي أن الظواهري كان يرى أن الإطاحة بالنظام لا بد أن تكون بالانقلاب العسكري، وهو وافق على التعاون مع"الجماعة الإسلامية"من منطلق ثقته في محمد عبد السلام فرج.
في السجن عرفتُ الظواهري عن قرب وتكشفت لي جوانب إنسانية في شخصيته، فهو كان شاعراً رقيقاً ينظم الشعر الاسلامي، واذكر أنه عندما تزوج أقام حفلاً في فندق"الانتركونتننتال"وخصص فيه مكاناً للنساء وآخر للرجال.
كان ايمن الظواهري ولا يزال يميل الى الانطواء ومشكلته - من وجهة نظري - تكمن في نزوله عند رغبات الآخرين، ففي مراحل كثيرة من حياته خضع لرأي معاونيه بصرف النظر عن صواب ذلك الرأي أو خطأه، وداخل السجن كان يجاهر برفض ولاية الشيخ عمر عبد الرحمن لانه ضرير، وكان أول جاهر بهذا الرأي عصام القمري وانضم اليه عبود الزمر، وفي المقابل كان تنظيم"الجماعة الاسلامية"في الصعيد والذي يقوده كرم زهدي يناصر ولاية عمر عبد الرحمن كأمير للتنظيم، وعندما صدر كتاب"بطلان ولاية الضرير"وصلتنا نسخ منه، وكان يعمل معي ويشاركني في مكتب المحاماة الأخ ثروت صلاح شحاتة، ويتردد علينا نبيل نعيم عبد الفتاح القيادي في جماعة الجهاد، فصارحتهما أن يبلغا الظواهري بأن هذا الكتاب سيحدث انقساماً وينبغي منعه، وتدخلتُ مرة اخرى لمنع هذا الكتاب.
ولاية الضرير
والامانة تقتضي أن أقرر أن الدكتور ايمن الظواهري تحدث مع الشيخ عمر عبد الرحمن عن رأيه في ولاية الضرير بعد أن صلى بنا الظهر في أحد الايام، وأذكر أن عبد الرحمن تقبل الموضوع برحابة صدر كبيرة.
قال له الظواهري:"انت لك عذرك في أنك من اصحاب العاهات"وقد استقبل عمر عبد الرحمن الموقف، وقال إنه ليس لديه مانع إن اتفق الجميع على إبعاده عن إمارة التنظيم، وهنا انفعل الاخ رفاعي احمد طه، وكاد أن يشتبك مع الدكتور ايمن الظواهري.
وموقف رفاعي هذا ربما يعكس القبلية والانتماء للصعيد، ولعل الاخوة في الصعيد برئاسة كرم زهدي تمسكوا بالدكتور عبد الرحمن على رأس التنظيم لتحقيق نوع من الوجاهة الاجتماعية. ففضلاً عن كونه استاذاً في جامعة الازهر فهم أيضاً الذين اختاروه وبايعوه على زعامة التنظيم،
لأن على الجانب الاخر الرافض لفكرة إمارة عمر عبد الرحمن، يوجد الضابط عصام القمري وعبود الزمر والدكتور صلاح مهيوب استاذ العلوم السياسية، واذا أبعد الشيخ عمر عبد الرحمن عن التنظيم سيهتز وضع مجموعة الصعيد.
أدركتُ من خلال أحاديثي المتوالية في السجن مع أيمن الظواهري أنه كان يعرف تحركاتنا التي وصفها بالعشوائية، وقال إنها لا يمكن أن تهز نظام الحكم بمصر، فقد كان يرى أن هذا النظام لا يمكن أن يطاح به إلا من خلال القوة المسلحة، لذلك رفض التعاون أو التنسيق ولم يزد دوره عن أنه كان يمد التنظيم ببعض الاسلحة والذخيرة، وأظن أن حديثه معي كان يعني أنه يخصني بثقة شديدة، لأنه كان لا يتحدث مع أحد، ولاحظت أنه كان على يقف موقف عبود الزمر نفسه من رفض أحداث اسيوط ورفض فكرة اغتيال الجنود.
بعد يوم واحد من إنهاء إضرابي عن الطعام لمدة 61 يوماً، تم ترحيل الظواهري إلى سجن طره وفي 4 كانون الأول ديسمبر 1982 والجلسات التي تلتها تحدث الظواهري بلغته الإنكليزية المتقنة إلى وسائل الإعلام الأجنبية عن التعذيب الذي تعرض له داخل السجن المتهمون في القضية، وأشار إلى حالتي الخاصة في سجن القلعة ضمن من استدل بحالتهم.
ويمكن أن أقول إنني الذي اقنعت أيمن الظواهري عبر حوارات كثيرة بأنه لا بد أن تكون له إطلالة إعلامية وأنه لا يوجد تنظيم يريد أن يتواجد دون أن يجدد نشاطه، وهو اقتنع بوجهة نظري هذه، وبدأ منذ عام 1991 يصدر نشرات بلغ عددها حين تم الكشف عن تنظيمه حوالي 19.
لم يكن الظواهري معروفاً في مرحلة السبعينات، مرحلة الصحوة الإسلامية أو العمل الطلابي الإسلامي كما كانت تسمى، فهو كان ينظر إلى العمل الطلابي على أنه ترف، وكنت مثله وأرى الآن أن ذلك كان نوعاً من المراهقة الفكرية. كان الظواهري طوال الوقت يعمل في سرية تامة للإطاحة بالنظام الجاهلي، كما كان يسميه، وإقامة النظام الإسلامي الذي يحلم به لذلك لم يمارس العمل الدعوي. وأنا في مرحلة"الصحوة الإسلامية"هذه كنت مع جماعة عبد الله السماوي حيث انعزلنا في كفر طهرمس تارة، وفي الخطاطبة تارة أخرى، لكن لم أكن أمارس العمل السري على طريقة الدكتور أيمن الظواهري الذي كان يؤمن بالتّخفّي والتمويه وتجنيد عناصر داخل القوات المسلحة، منذ أن كان في مرحلة الدراسة الثانوية.
ودور الدكتور أيمن الظواهري في مشروع الانقلاب الذي خطط له محمد عبد السلام فرج، ونفّذه خالد الإسلامبولي ورفاقه هو أنه كان سيساعد في إمداد هذا المشروع ببعض الاسلحة ومن ثم فإنه لم يشترك في التخطيط، وأدين في القضية بالاشغال الشاقة ثلاث سنوات لحيازته لسلاح دون ترخيص.
ولأنه كان يسعى بصفة أساسية إلى بناء تنظيم داخل الجيش، فإن عدد الضباط الذين تجمعوا حول الظواهري أكثر من مجموعة العسكريين الذين استقطبهم عبود الزمر وضابطا الاحتياط عبد الحميد عبد السلام وعطا طايل. والحقيقة أن قدرة الظواهري على تجنيد عناصر موالية عالية جداً، وتعتمد على ذهنه المرتب وعقليته الحاضرة وولعه بالسرية.
وعندما نطلع على ملفات تحقيقات القضية 426 لسنة 1981 المعروفة بقضية الجهاد الكبرى واغتيال الرئيس انور السادات، لن نجد للدكتور أيمن الظواهري ومجموعته حضوراً. الحضور الوحيد لهم كان في القضية 1 لسنة 1981 عسكرية عُليا، والتي نظرها سرياً القضاء العسكري، لانها تخص تنظيماً عسكرياً سرياً يهدف إلى قلب نظام الحكم وكان المتهم الاول فيها عصام القمري.
وعقب اغتيال السادات مباشرة كان عبود الزمر يخطط لتفجير الجنازة، وقد أقر أيمن الظواهري في التحقيقات بأنه ذهب للشقة التي كان يختبئ فيها عبود الزمر وطارق الزمر وعبد الله سالم وعبد الناصر الدرة، وسأل عبود عما ينوي القيام به فقال إنه سيفجر جنازة السادات بمن فيها من مسؤولين، وقال الظواهري إنه اعترض على هذا التدبير واعتبره مضيعة للوقت. لكن عبود قال له لا يوجد أمامي سوى ذلك لان كل عناصر التنظيم كُشفت.
في القضية رقم واحد لسنة 1981 اضطر أيمن الظواهري تحت التعذيب للشهادة ضد عصام القمري واخوانه. وقد تعرض الظواهري بالفعل إلى تعذيب بشع، وذهب إلى المحكمة ليشهد بأنه هو قائد ذلك التنظيم، فصدرت ضد عصام القمري ورفاقه احكام بالسجن تتراوح بين 9 شهور وثلاث سنوات، فرفض الحاكم العسكري التصديق على تلك الاحكام بدعوى انها لا تتناسب مع الجرائم المرتكبة وطلب إعادة المحاكمة.
وعندما دخل الظواهري قاعة المحكمة ليدلي بشهادته للمرة الثانية سأله رئيس المحكمة:"أنت جاي منين"قال له"أنا جي يافندم من سجن القلعة"قال له"يعني أنت معتقل؟"فقال:"أيوه يافندم أنا محبوس وأنا أهوه بالكلبش". كان المفترض ألا يدخل الظواهري وهو شاهد إلى محكمة مقيد اليدين، المهم انه قال لرئيس المحكمة إنه تعرض للاكراه ليدلي بشهادته، ثم أنكر ما شهده في المرة السابقة، فقضت المحكمة ببراءة جميع المتهمين عندما أعيدت المحاكمة في أعقاب حادث المنصة، لا يسع المرء وهو يطالع مسيرة الدكتور الظواهري من بدايتها حتى الآن حيث تطارده القوة العظمى التي تقود العالم الآن في كهوف وجبال أفغانستان، إلا أن يعرب عن احترامه لهذا الرجل - اتفقنا أو اختلفنا حول رؤاه.
بدأ رفاقي في أسوان يقعون في قبضة الامن الواحد تلو الاخر، وفي البداية اختبأت مع رفاعي احمد طه في بيت في منطقة الجزّيرة تملكه أسرة زميل لنا تم اعتقاله، وكنا نشعر بالحرج لاننا نختبئ في منزل زميلنا المعتقل، فأصحاب المنزل كانوا يوفرون لنا الطعام والمأوى، في الوقت الذي لا يجدون فيه سبيلاً للوصول إلى ابنهم والاطمئنان عليه، فاقترح رفاعي أحمد طه أن ننتقل إلى القاهرة لنتحول فيها إلى"إبرة في كوم قش"على حد تعبيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.