اتسمت الزيارة التي قام بها يوسي بيلين نائب وزير الخارجية الاسرائيلية لسلطنة عُمان الاسبوع الماضي بأهمية ملحوظة لأسباب عدة اولها أنها الثانية له الى مسقط في خلال سبعة أشهر، كما انها لم تتم كالزيارة الأولى في اطار وفود جماعية من دول عدة لحضور اجتماع لجنة العمل الخاصة بالموارد المائية المنبثقة من المفاوضات المتعددة في نيسان ابريل الماضي، بل حضر منفرداً كوفد اسرائيلي رسمي. وحظي بتغطية اعلامية "عادية" في وسائل الاعلام العُمانية بما فيها وكالة الانباء الرسمية والتلفزيوني والصحف، في مقابل غياب اعلامي شبه كامل اثناء الزيارة الاولى التي تمت لمناسبة اجتماع لجنة المياه. ومن الاسباب ايضاً ان بيلين عرج على قطر قبل زيارته لعُمان والتقى مسؤولين في وزارة الخارجية القطرية ما جعل زيارته أشبه بجولة قابلة للتكرار مستقبلاً. وكذلك تمت الزيارة وسط توقعات ساهم فيها الاسرائيليون بقسط وافر، بأنها ستسفر عن فتح مكتب إتصال عُماني في إسرائيل أسوة بالخطوة التي اتخذها المغرب وتونس. لكن ما حدث فعلاً هو أن زيارة بيلين التي استغرقت بضعة أيام لم تؤد الى قرار بتبادل علاقات ديبلوماسية أو فتح مكاتب تمثيل بل أن المسؤول الاسرائيلي نفسه اضطر الى القول اثناء الزيارة "ان مثل هذه الخطوة سابق لأوانه". وقالت مصادر مطلعة ل "الوسط" ان الزيارة ركزت على تقويم مسيرة التسوية السلمية في الشرق الاوسط اكثر مما ركّزت على العلاقات الثنائية. وعزت ذلك ان السياسة التقليدية المعروفة لسلطنة عُمان في تأييد الحل السلمي والذي جعلها تنفرد في السبعينات بتأييد معاهدة السلام المصري - الاسرائيلية على رغم معارضة عربية شبه جماعية. وأقرت هذه المصادر بالاهمية التي تعلقها على المسار السوري معتبرة "ان عملية السلام لا تكتمل من دونه، وكذلك مسألة التعاون الاقليمي في الشرق الاوسط". وأعربت عن اقتناعها بأن "التقدم في هذا المسار سيحدث آجلاً ام عاجلاً"، مشيرة الى انها لمست من المحادثات التي اجريت مع بيلين، ان الطرفين السوري والاسرائيلي اصبحا هذا العام اقرب الى التسوية منهما في العام الماضي، علماً أن هناك المزيد من التفاصيل والقضايا التي يتعين عليهما حلها قبل التفاؤل بأن الحل أصبح ممكناً. وأوضحت ان التقدم في المسار السوري عامل رئيسي سيحدد موعد خطوة إقامة العلاقات الديبلومسية الرسمية مع اسرائيل، "وعندما يحصل تقدم حاسم في المسار السوري فان مسألة تبادل التمثيل الديبلوماسي مع اسرائيل ستتقدم في شكل حاسم ايضاً". وعلى رغم ان قضية اقامة العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل ستخضع لظروف كل دولة خليجية على حدة، فان المراقبين يتوقعون ان تتشاور دول مجلس التعاون الخليجي، في ما بينها قبل أي علاقات تطبيع، مثلما نسقت معاً في قرار رفع المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل من الدرجتين الثانية والثالثة. ونفت المصادر ما يتردد ان سلطنة عُمان واسرائيل على وشك تنفيذ مشروعات تعاون ثنائي في مجالات المياه والزراعة والصناعة والسياحة في هذه المرحلة. واكدت انه لم يتفق اثناء محادثات بيلين في أي مشاريع محددة، وكل ما حدث ان افكاراً عامة طرحت، لأن الجميع في مرحلة التعرف وتبادل المعلومات والاطلاع على تفاصيل التعاون الممكن. وعلى رغم ان زيارة بيلين لم تنجز خطوة فتح مكاتب اتصال في عُمان او دول خليجية اخرى، إلا انها ازالت عملياً فكرة الربط. بين زيارة الوفود الاسرائيلية لدول المنطقة بوجود مؤتمر لاحدى اللجان المتعددة الأطراف التابعة لمؤتمر السلام. وفتحت الباب لقيام اتصالات منتظمة بين اسرائيل ودول المنطقة، ولكن من دون التزام خليجي سابق بالموافقة على خطوة مبكرة لاقامة علاقات رسمية.