قال تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا، وقال تعالى: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. في عصر التقنية المتقدمة، نقترب بسرعة من عالم كانت حدوده مجرد خيال علمي. شهدت زراعة الشرائح الإلكترونية في الدماغ تطورات ملحوظة بتطوير واجهات بين الدماغ والحاسوب لتحسين حياة الأفراد الذين يعانون من إعاقات عصبية. هذه التقنية تعد بإحداث ثورة شاملة في علاج الأمراض المستعصية، واستعادة أو تحسين (بعض) القدرات المفقودة. تخيل عالماً يمكن فيه للمرضى المصابين بالشلل التحكم في أطرافهم الصناعية عبر التفكير، أو استعادة المكفوفين لقدرتهم على الإبصار، أو معالجة الاكتئاب والزهايمر بتقنيات متطورة تمنح الأمل لملايين البشر. تُبشر الشرائح الالكترونية من خلال العديد من الدراسات والأبحاث في الهيئات العلمية والطبية. ففي شركة متخصصة في تقنية الأعصاب، أسسها إيلون ماسك، تم إجراء تجارب على الحيوانات مثل الخنازير لتطوير شرائح تسمح بالتفاعل المباشر بين الدماغ والآلات. وفي مراكز مثل مستشفى جون هوبكينز الأميركي، تُجرى تجارب تحفيز الدماغ العميق لعلاج مرض باركنسون. منذ عام 2021، تعمل شركة سينكرون على تطوير شريحة إلكترونية تُزرع في الدماغ، بهدف تمكين المرضى من التحكم في حركاتهم والتواصل باستخدام أفكارهم. وفي عام 2024، أُعلن عن نجاح زراعة الشريحة في دماغ بشري، مما يُعتبر تقدماً مهماً في هذا المجال. في مايو 2023، نجح علماء صينيون في تطوير شريحة ذكية تُزرع في الدماغ، تمكنت من قراءة إشارات الدماغ وتحويلها إلى أوامر لتحريك ذراع آلية. تم اختبار هذه الشريحة على قرد، مما يمهد الطريق لتطبيقات مستقبلية في علاج الإعاقات الحركية لدى البشر. شهدنا أيضًا مرضى مصابين بالشلل الرباعي يستعيدون القدرة على التحكم في أطراف روبوتية، مما مكنهم من تنفيذ مهام يومية بسيطة مثل الإمساك بكوب ماء أو تناول الطعام. وفي مجال الإبصار، أظهرت الشرائح المزروعة في شبكية العين نتائج واعدة، حيث استطاع مرضى فقدوا بصرهم بسبب أمراض مثل التهاب الشبكية التفاعل مجددًا مع محيطهم. أما في مجال الصحة النفسية، فقد حققت الشرائح تقدمًا مذهلاً في علاج الاكتئاب المقاوم للعلاج. من خلال التحفيز الكهربائي لمناطق معينة في الدماغ، شهد المرضى تحسنًا في حالتهم المزاجية، ما أعاد لهم الأمل والقدرة على عيش حياة طبيعية. كذلك، أظهرت الدراسات في جامعات مثل هارفارد كيف يمكن استخدام التحفيز الكهربائي لعلاج الاكتئاب. لم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد. بل أن مرضى باركنسون، الذين عانوا من أعراض حركية معقدة مثل الرعاش وتيبس العضلات، وجدوا تحسناً كبيراً في تحفيز المناطق المسؤولة عن الحركة. كما ساعدت الشرائح الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم، مثل الأرق أو انقطاع النفس أثناء النوم، على استعادة أنماط النوم الطبيعية. حتى مرضى الصمم الشديد وجدوا فرصة جديدة مع تقنية زرع القوقعة، التي تُعد من أقدم وأبرز التطبيقات العملية لهذه الشرائح، حيث تتيح تحويل الإشارات الصوتية إلى نبضات كهربائية تُفهم من قبل الأعصاب السمعية. يعمل الباحثون بجد لتحسين أمان هذه الشرائح. التوقعات تشير إلى بدء توفيرها للاستخدام السريري بحلول عام 2026، مع احتمال أن تصبح متاحة بشكل أوسع بحلول عام 2030. الشرائح الإلكترونية ليست مجرد تقنية طبية؛ إنها رؤية لعصر جديد يتجاوز حدود الجسد البشري. بفضل قدرتها على الارتباط بالذكاء الاصطناعي ، يمكنها تحسين التعلم، وتعزيز الذاكرة، وتحسين جودة الحياة بشكل غير مسبوق. إنها تمثل وعداً بمستقبل مُبشر، مما يجعل هذا المجال خصباً في توسيع البحوث العلمية والتنافس في سبق التطور العلمي.