كشف عبدالوهاب الأفندي، الناطق باسم الحكومة السودانية في لندن، لپ"الوسط" ان هناك مساعي حثيثة تقوم بها الخرطوم لتجاوز الازمة الاخيرة في العلاقات السودانية - الاميركية بعد تنفيذ الحكومة السودانية عقوبة الاعدام بحق مواطن جنوبي سوداني يعمل مع وكالة التنمية الاميركية في الاسبوع الاخير من ايلول سبتمبر الماضي. وقد اعترفت الخرطوم رسمياً باعدام اندرو تومبي الموظف في الوكالة الاميركية. وقالت انه دين بتهمة التجسس، في حين تصر الادارة الاميركية على اعتبار سلوك الخرطوم خرقاً لحقوق الانسان في الجنوب السوداني. وكانت وزارة الخارجية الاميركية اعلنت في 24 ايلول سبتمبر الماضي انها تلقت معلومات عن اعدام السلطات السودانية موظفاً ثانياً يعمل في وكالة التنمية الاميركية في جوبا ويدعى بودوين تالي. وتصر الحكومة السودانية ان لديها اسبابها الموضوعية التي تحملها على الاعتقاد بأن تومبي "تآمر على وحدة السودان الترابية وعلى سلامته وتعاون مع العقيد المتمرد جون قرنق وجهات خارجية اخرى". وأكد الافندي ان اجتماعاً عقد في واشنطن في 23 ايلول سبتمبر الماضي بين روبرت هوديك، مساعد وزير الخارجية الاميركي، وعبدالرحيم حمدي، وزير المال السوداني ود. علي الحاج، أمين الهيئة العامة للاستثمار في السودان. وتوصل الطرفان الاميركي والسوداني الى ضرورة اجراء تحقيق دقيق حول ملابسات عملية الاعدام هذه. وفيما تردد في واشنطن الحديث عن مزيد من الاجراءات ضد الحكومة السودانية بسبب تنفيذ عقوبة الاعدام نفى الافندي ان تكون حكومته تبلغت اي شيء من هذا القبيل من الجانب الاميركي مؤكداً لپ"الوسط" ان الادارة الاميركية "أبلغتنا حرصها على وحدة السودان". والحقيقة ان المساعدات الاميركية للسودان انقطعت منذ اطاح الفريق عمر حسن البشير حكومة الصادق المهدي في 29 حزيران يونيو 1989، واقتصرت المساعدات الاميركية الممنوحة للسودان على المعونات الانسانية عن طريق الاممالمتحدة ومنظمات الاغاثة، ومنها وكالة التنمية الدولية التي اثارت الخلاف الاخير مع حكومة البشير. في الوقت نفسه تتهم الادارة الاميركية الخرطوم بتنفيذ سياسة "التنظيف العرقي" في منطقة جبال النوبة غرب السودان فتقوم بنقل المواطنين قسرياً الى مناطق اخرى. وتعتقد مصادر مطلعة ان الازمة الاخيرة بين الخرطوموواشنطن قد تسهم في زيادة التوتر بينهما، إلا انها لن تؤدي الى قطيعة ديبلوماسية بين البلدين، انما الى فتح ملفات حساسة، بنظر واشنطن، ترغب بحثها مع النظام السوداني وأبرزها: ملف حقوق الانسان في السودان، لا سيما في الجنوب وجبال النوبة، الدعم المعنوي واللوجستي الذي تقدمه الخرطوم للتيارات المتطرفة في المنطقة ومستقبل الديموقراطية في السودان، والارهاب.